صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

حين يتهالك العظم… وتسقط هيبة الهلال تحت أقدام الغرباء!

50

العمود الحر
عبدالعزيز المازري
حين يتهالك العظم… وتسقط هيبة الهلال تحت أقدام الغرباء!

لا تزال جماهير الهلال تعيش صدمة خروج أبو عاقلة، أحد أعمدة الارتكاز، في وقت يُفترض فيه أن يُكرَّم لا أن يُغادر. خرج الرجل بصوتٍ خافت لكنه مؤلم، مصرحًا بأن الأسباب “شخصية”، وهي العبارة التي تخفي ما لا يُقال في العلن، بينما الواقع يشير إلى تعنت إداري وضعف تفاوضي جعلنا نفرط فيه بعد أن قدّم الغالي والنفيس. أبو عاقلة لم يساوم، بل خرج من الباب الكبير وهو يدرك أن الهلال تغيّر، وأن **عظم الفريق** تآكل بفعل فاعل.
وقبل أن تجف دموع المحبين على رحيل أبو عاقلة، نعود بذاكرتنا إلى “الصيني”، لاعب آخر من طينة الكبار، خرج من الباب الخلفي بقرار مفاجئ خلال معسكر السعودية، برئاسة رامي كمال. لحظة مربكة لا تُنسى، إذ لم يصدر توضيح مقنع من المجلس، واكتفوا بصمت إداري عقيم، وكأنهم يقولون لنا: “انسوه… انتهى”. وهذا ما لن يحدث، لأن الجماهير لا تنسى من قاتل من أجل الشعار.
عزّ الله؟ قصة أخرى من قصص التفريط المجاني. لاعب صغير في العمر، كبير في القيمة، تألق في ليبيا أساسياً في فريق النصر، ونحن ننظر إليه بحسرة كنا نملك الجوهرة، فبعناها ببخس. كيف تُدار ملفات التجديد؟ من يُقيّم المواهب؟ من المسؤول عن غربلة العظام والإبقاء على الفتات؟
في المقابل، يشهد الهلال تعاقدات ضخمة مع لاعبين أجانب لا يصمدون أكثر من موسم، كمحطة عبور أو لقطات عابرة في سجل الأزرق. أموال طائلة تُنفق على “هوية أجنبية مؤقتة” بينما هوية الهلال الحقيقية، تلك التي تُمثلها خبرات محلية وجواكر وطنية، تُنحر بهدوء. كل موسم نبدأ من الصفر، بلا خط وسط ثابت، بلا روح، بلا ملامح.
وجماهير الهلال؟ لا ترضى أن تُسكت بـ”بسكويتة” تفاوضية مع لاعب جديد يُباع لها على أنه النجم المنتظر، في حين أن **عظم الفريق** يُسحب من تحته رويدًا رويدًا. الهلال اليوم بلا هوية، بلا قيادة داخل الميدان، بلا استقرار فني. هوية الفريق باتت موسمية، تظهر فجأة وتتبخر قبل أن نحفظ أسماء لاعبيها.
مشكلة مجلس الهلال ورئيس قطاعه ليست فقط في اختياراتهم، بل في غياب الشفافية، في الصمت الطويل، في عدم احترام وعي الجمهور. ملفات كبيرة تمر مرور الكرام، كما حدث في الروابط، وكما يحدث الآن في صفقات ومغادرات لا نجد لها تفسيراً سوى “مزاج إداري” لا علاقة له بالبناء أو المستقبل.
الهلال يتهاوى، لأننا فرّطنا في **عظم الفريق**، والمجلس يُكابر، ورئيس القطاع لا يشرح ولا يُحاسب. والمؤلم أننا، إن استمر هذا النهج، سنشهد في الموسم المقبل مزيدًا من السقوط، وربما نُصفق وقتها لموسم نجونا فيه من الهبوط!
**نقاط حرة – ملفات لا بد أن تُفتح:**
* ما هو المنطق في التفريط في لاعبين مثل الصيني وأبوعاقلة، والتعاقد مع أسماء أجنبية باهتة مثل فوفانا وقاساما؟ هل المال مبرر لهذا الخلل؟ وهل قُدِّر أبناء الفريق بنفس ما أُغدق على الغرباء؟
* ما حقيقة ما جرى في ملف “الروابط الجماهيرية”؟ أين ذهبت؟ ومن قرر تفكيكها؟ ولمصلحة من تم ضرب هذا الامتداد الاجتماعي المهم؟
* من صاحب القرار في الاستغناء عن لاعبين في قمة عطائهم؟ وكيف يُجدّد في المقابل لأسماء تراجع عطاؤها وانتهت أعمارها الفنية؟
* ما السر في الإبقاء على جهاز فني فشل في تحقيق الأهداف رغم الإمكانيات المهولة؟ من يقيّم الأداء؟ ومن يحاسب؟
* الهلال الآن فريق بهوية موسمية أجنبية مهددة بالسقوط في أي لحظة، فأين الاستقرار؟ وأين هو مشروع الفريق الوطني الحقيقي؟
* وأخيرًا… ما الذي يحدث في ملف “الدكاكين”؟ من المُستفيد؟ وهل تحوّل الهلال من نادٍ رياضي إلى واجهة استثمارية تُوزّع فيها الامتيازات على المحاسيب؟
**كلمة حرة أخيرة:**
الهلال لا يحتاج إلى “نجم تفاوضي” جديد… بل إلى رجالات تحرس ما تبقى من **عظم الفريق**. الهلال ليس مشروع فرد، ولا مكتب تعاقدات، بل هو كيان ضخم يُبنى بالشفافية، لا بالتعتيم. ومن أراد أن يصنع مستقبلاً، فليحترم تاريخه أولاً.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد