العمود الحر
عبدالعزيز المازري
حين يُجيد العازف التطبيل… ينكسر اللحن
**المزمار الأخرس: لمن نشتكي؟ ومن الذي اشتكى؟**
عادةً، لا ألتفت كثيرًا لمن يقتات على فتات الردود، ولا أُضيع وقتي في خوض معارك جانبية مع من لا يعرف الفرق بين النقد والتجريح، ولا بين الحرف والتهريج. لكن لأن الأمر هذه المرة مسَّ الهلال.
أعزائي القراء، دعونا نمارس هواية التسلية مع مقال لم يُكتب بالحبر، بل بالعاطفة… مقال كتبه أحد “المنصهرين وجدانيًا”، ممن يظنون أن الهلال “علبة شوكولاتة” يمتلكها محبوبه الذي يدافع عنه، وأن كل من يفتحها دون إذن يُتّهم بالخيانة!
خرج علينا أحدهم من ركام المجهول، يحمل “قوسًا” بلا وتر، ويكتب كلمات تتهاوى كأوراق الخريف، لا منطق فيها ولا موقف، سوى العزف على أوتار التطبيل، والغناء المنفرد على مقام “رضا فلان”. لم يقل شيئًا يُذكر. لم يناقش فكرة، ولم يرد على حجة، بل تفرغ لتوزيع شهادات الولاء والانتماء، وكأن الهلال صار عزبةً لا يدخلها إلا المصفقون أمثاله.
يا من كتبت… لو أردنا الرد عليك بما تستحق، لأسكتناك وجلّدناك سوطًا لن تحتمله! لكننا نترفع، لأن الحجة تُخرس، لا الصوت.
هل تعلم ما يؤلمك؟ أننا نكتب من خارج الصف، بلا أجندة، بلا مصالح، بلا “توجيهات عليا”.
أما أنت، فعزفك نشاز، ولحنك مكسور، والهلال أكبر من أن يكون مزمارًا في يد مطبل.
لكنك أخطأت الدرب حين ظننت أن الحقيقة تُلون، وأننا نزيفها.
ما كتبته ليس نقدًا، بل تطبيلٌ مموه، ومجال لا تقدر على احتمال سياطنا فيه.
عد إلى جادة الحرية، ناصحًا، لا مزمرًا.
**يا هذا…**
**المزمار الأخرس… والتطبيل الأعمى**
مسكين أنت ومعذور، فقد أصابك قوسك وما دريت أنك تنازل ليثًا، لو أراد لافترسك، لكن الأسد لا يفترس (الجيفة).
أنت تكتب بـ”حب قاتل”، بلا عقل ولا حجة، وتفتخر بـ”ولاء” أعماك عن رؤية الوقائع. الهلال ليس أمًا نُغني لها أو محبوبة نعشقها، بل وطن نُحاسب من يديره، ولا ندين له بمديحٍ إن أخطأ.
**عجيبٌ أمرك!**
تريدنا أن نسمع “نهيق مدادك” ونصمت، بينما نحن اعتدنا أن نسمع صوت العصافير حين يُكتب اللحن لا الصراخ.
أنت لا تكتب… أنت تُصفّر. تُجيد لغة التكسير، لأنك لم تتعلم البناء. تكتب لترضى عنك مجالس الأصدقاء، ونحن نكتب ليهدأ ضمير القلم.
والطريف – بل الكوميدي – أنك تتهمنا بالكذب، بينما معلوماتك مغلوطة من أول سطر.
تقول: “قلتم كذا”… ونحن ما قلنا.
تؤلف رأيًا لا نعرفه.
تحلل تحليلًا أشبه بـ”شوربة كلام”، لا يُشبع قارئًا ولا يُقنع عقلًا.
**لكن دعنا نُجاملك قليلاً:**
ربما كتبت مقالك بعد جلسة رومانسية مع من تدافع عنهم، وربما كانت موسيقى الخلفية “أنا لك على طول”، فخرج منك الكلام كما يخرج من عاشق متيم: “فلان حبيبي… والهلال شركته الخاصة”.
يا هذا، ألا تدري أنك تقتاله بهذه الطريقة؟ وأنا أعلم أنه من هذا الغثاء بريء!
**يا عزيزي، الهلال كيان، وليس قاعة أفراح ترفع فيها صور المجلس وتنتظر التهليل!**
الهلال أكبر منك ومني ومن كل المطبلين، والهلال لا يُختزل في فرد، ولا يُقاد بـ”غزل صحفي”.
لكننا نود أن نُوضح لك نقطة هامة:
نحن لا نريد أن نكسر قلمك. بل نريد أن نأخذ بقلمك الشاب ونشجعه على الكتابة لأجل العشق الهلالي.
لذلك، لن نعود للكتابة عنك، ولن نخوض في التفاصيل المملة.
نحن فقط نريدك أن تتكئ على مرافئ الإبداع لتتعلم أن الكتابة ليست مجرد كلمات يطلقها القلب، بل هي عقلٌ ينبض بالفكرة.
ومن أجل هذا، ومن أجل احترامك لنا في بداية مقالك، نقول لك:
دعنا نزيل عن قلمك العاطفة، ونُسكن مكانها عقلًا يبقي الحروف نقية، لا حروف تطبيل.
**قلتها مرارًا وسأعيدها لك، علّك تفهم:**
الهلال ليس ملكًا للعليقي، ولا للسوباط، ولا لك، بل لجماهيره.
وخذ هذه:
**ولأنك، ويا للغرابة، اعتبرت أن فضح الفشل خيانة، فاعلم أن أقلامنا لا تُدار بالريموت، ولا تُسكتها المناصب.**
ونحن لا نكتب عنك، ولن نعود للكتابة عنك أو عن غيرك، لأننا نذرنا أقلامنا للهلال فقط.
أنت لست ندًا في المعركة، بل هامشًا في كتاب لم يُقرأ.
**كلمات أخيرة… ودرس لا يُنسى:**
قد تكتب كثيرًا، لكنك لن تُجيد الحرفة أبدًا.
لأن الكتابة موقف، لا موال.
نقدٌ، لا مدح.
وعي، لا ولاء أعمى.
وأنت للأسف لا تملك من هذه إلا “اللقب”… بينما نحن نملك القلم.
**فاصل ونواصل:**
إذا أردت أن تنتقدنا، على الأقل افهم ما نقول.
اقرأ، افهم، فكّر، ثم أكتب.
مش تلبسنا كلام ما قلناه، وتبني عليه برجًا من “المبالغات الهوائية”.
(يا قوس دون رامي، تتحدث وكأنك الوحي النازل من السماء، تقول إنني “لست بريئًا”، وكأنك ملاك معصوم، بينما قلمك يغطس في محيط التطبيل الغارق بالعاطفة!
تتهمني بالكذب، وأنت تكتب بحبر الحب الأعمى للعليقي، لا بحبرك، فذكّرتنا ببيت الشعر:
*”وأغض طرفي إن بدت لي جارتي… حتى يواري جارتي مأواها”*
لكنك يا صاح، لا تغض الطرف، بل تكتب عن العليقي وكأنك تخطب وده في قصة عشق لا في مقال رأي!
إن كانت البراءة في عرفك هي أن تسبّح بحمد الإدارة، وتنفخ في نار الوهم، فالحمد لله على “جرمي” الذي جعلك تضيق ذرعًا بكلمة حق!
ولأنك قد تحتاجها لتُفكر لاحقًا، أتركك مع بيتٍ من الشعر على مقاسك تمامًا:
**وكم من كاتبٍ يُزهى بقلمهِ
وقلمهُ في الأصلِ نعلُ حمارِ**
إن عدتم لن نعود، لأن المقام مقام كيان لا مقام دفاع عن أشخاص.
**همسة صغيرة:**
(أقرا بي ضميرك، مش بي حبك وعشقك للعليقي ولغيره … وبلاش تنظير)
ولا يفوتنا أن نذكّرك بحقيقة أخرى تُصرّ على إنكارها:
أنت عاشق أشخاص، لا كيان. كأنك تنتظر صورة تذكارية تجمعك بهم، لا أكثر. فهل نُصفق لك لأن لك علاقة معهم؟ أم نذكّرك أن من يحب الهلال يجب أن يحب الهلال أكثر من كل أسمائه؟
**همسة صغيرة:**
يسمح بالاستعانة بمترجم لمزيد من الإيضاح والشرح لمن أُشكلت له لغة بنت عدنان، لكن يمكن أن نغيرها للغة دارجية أو “هبوط إجباري” على شاكلة ما يحدث هذا الزمان من أغاني القونات، ومقالات الردح… مثل:
(الفي ريدو فرّط دقس… يجي غيرو يعمل مغس)
**فيا صديقي، نحن نعيش زمن القونات، لكن فجأة ظهر لنا زمن الأقوان!**
**في قوووون بجيب قوون ولا بسجّلو فيهو قوووون؟**
**آخر حاجة كده، نحن نتأدب فقط لأننا في حضرة الهلال، لكننا عندما يتطاول طبّال، نقص لسانه قصًا ونقلبه قلبًا كما نريد، جلدًا وحدًا.**
*هبشه؟ المشكلة ما فيك… في الطير البصفّق ليك*