* نتفهم أن تتعالى المطالبات، وتتصل المساعي الرامية إلى تعديل القوانين المقيدة للحريات، والموصومة بسوء السمعة خلال الفترة الانتقالية، مثل قانون الأحوال الشخصية الذي يحوي مادة غريبة تتحدث عن )زواج المعتوه(، وقانون الأمن الوطني بمواده المقيدة، التي تمنح الجهاز سلطة الاعتقال التحفظي، وتسهل له التعدي على الحريات العامة، وتمنح أفراده حصانةً من المساءلة، لأنها تمنع تحريك أي إجراءات جنائية أو مدنية ضدهم، إلا بموافقة مديرهم.
* لا نستغرب أيضاً أن تتعالى الأصوات المطالبة بإزالة مواد النظام العام من القانون الجنائي، بعد أن استخدمت في قهر النساء، وترويع الناس في الطرقات، بمواد قمعية، سيئة الصياغة، تتحدث عن الزي الفاضح والدعارة، من دون أن تضع لهما تعريفاً واضحاً، يحول دون استخدامهما لإذلال الناس.
* لا غرابة في أن يتم الاجتهاد لتعديل تلك القوانين خلال الفترة الانتقالية، لكننا لم نجد أي منطق يبرر سعي المهندسة ولاء البوشي، وزيرة الشباب والرياضة، إلى تعديل قانون الرياضة الساري حالياً.
* صدر القانون في خواتيم العام 2016، وحوى خلاصة خبرات عدد مقدر من القانونيين المقتدرين، والرياضيين المخضرمين، وهو – أي القانون – موصوف عند الرياضيين بالتميز، لأنه كفل أهلية الحركة الرياضية، وصان استقلاليتها، وضمِن ديمقراطية نشاطها، وأزال المواد المتعارضة مع القوانين الرياضية الدولية، ومنع التدخلات الحكومية السالبة في عمل الاتحادات الرياضية.
* قانون بكل تلك المميزات، ما الذي يدعو الوزيرة لأن تشغل نفسها بتعديله خلال الفترة الانتقالية؟
* المصيبة حدثت بإقدام الوزيرة على تكوين لجنة كلفتها بدراسة )وتعديل القانون(، فهل يعقل أن يتم تعديل القانون قبل إخضاعه ابتداءً إلى دراسةٍ وافيةٍ، لتحديد ما إذا كان معيباً ومستحقاً للتعديل أم لا؟
* ماذا ستفعل الوزيرة إذا خلصت لجنتها الموقرة إلى أن القانون الحالي جيد، ولا يحتاج إلى تعديل؟
* وهل تمتلك البوشي نفسها سلطة تعديل القانون، ناهيك عن اللجنة التي كونتها لإنجاز ذلك الغرض؟
* معلوم للكافة أن الوزيرة تنتمي إلى السلطة التنفيذية، وأن إقرار القوانين وتعديلها يندرجان ضمن اختصاصات المجلس التشريعي الانتقالي، بحسب نصوص الوثيقة الدستورية التي تحكم السلطة الانتقالية، والقرار المعيب يدل على عدم دراية )ولا نقول جهل الوزيرة( بحدود اختصاصاتها، مع أن ما فعلته حتى اللحظة يدل على أنها متسرعة وتفتقر إلى الخبرة، ولا تدري شيئاً عن طبيعة نشاط وزارتها، بدليل أنها اتخذت قبل فترة قراراً كارثياً، قضى بتعطيل عقد الجمعيات العمومية للاتحادات الرياضية، وحل المفوضية، سعياً منها لمنع عقد الجمعية العمومية لاتحاد كرة الطاولة، فبدت كمن يحاول قتل ذبابة.. بدبابة.
* لا استطاعت وقف الجمعية، ولا تمكنت من حل المفوضية، بل اضطرت إلى لحس القرار المعيب، واستبداله بآخر خلال ساعتين فقط، بعد أن تبين لها أنه سيؤدي إلى تجميد نشاط الرياضة السودانية خارجياً، بأمر اللجنة الأولمبية الدولية، التي يحظر ميثاقها التدخلات الحكومية السالبة في الشأن الرياضي.
* ضعف الخبرة وعدم الدراية بأصول العمل التنفيذي وضوابطه تجليا في إصدار القرارين مساء يوم الخميس، وبعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي، وبنشرهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاليين من توقيع الوزيرة وخاتمها، فكان من الطبيعي أن لا يشغل اتحاد تنس الطاولة نفسه بهما، ليعقد جمعيته ويختار مجلسه صبيحة يوم السبت، برغم أنف القرارين الفطيرين.
* سبق لنا أن تعرضنا قبل فترة إلى ضرورة تفعيل الإدارات القانونية التابعة للوزارات، وطالبنا رئيس الوزراء بتوجيه وزرائه بعدم إصدار أي قرار قبل ضبطه ومعايرته من الناحية القانونية، كي لا يأتي معيباً ومتعارضاً مع القوانين السارية، ويبدو أن ذلك لم يتم، بدليل أن وزيرة الشباب والرياضة كونت لجنة تضم بعض المتطوعين، وطالبتهم بممارسة مهام المجلس التشريعي الانتقالي.. قبل تكوينه!!