صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ريجيكامب… بين الغموض والاختبار الحقيقي!

22

العمود الحر

عبدالعزيز المازري

ريجيكامب… بين الغموض والاختبار الحقيقي!

منذ أن تسلّم الروماني ريجيكامب قيادة الهلال، لم تهدأ دوائر التساؤلات حول ماهية المشروع الفني الذي جاء به، ولا الطريقة التي يُدير بها هذا الفريق الذي عاش سنواتٍ من البحث عن هويةٍ تليق باسمه ومقامه. اكثر من عشرة مباريات خاضها الرجل ما بين إعدادٍ وتجارب رسمية، خرج منها الهلال ببطاقة التأهل إلى الدور الثاني من دوري أبطال إفريقيا بعد أن تجاوز نادي الجاموس بالتعادل ذهابًا والانتصار إيابًا، ثم واصل المهمة بانتصار ثمين خارج الديار على البوليس الكيني بهدف النجم العائد كوليبالي، ليضع قدمًا في دور المجموعات، ويبعث بعض الأمل في قلوب الجماهير المتوجسة.
لكن خلف هذه النتائج، يختبئ واقع فني مقلق. فالهلال ما زال بعيدًا عن الصورة المقنعة، والأداء لا يزال متذبذبًا بين شوطٍ يظهر فيه شيء من الانضباط، وآخر يغيب فيه التركيز وتكثر فيه الأخطاء الساذجة. الخط الخلفي على وجه الخصوص أصبح مكمن ضعفٍ واضح، والمدرب يُصر على إشراك الثنائي كرشوم وضيوف رغم تراجع المستوى والإرهاق البدني، بينما يترك أسماءً أثبتت جدارتها في أوقاتٍ سابقة مثل الطيب وسيمبو وأرنق، وهو أمر يفتح الباب واسعًا أمام علامات استفهامٍ حول معيار الاختيار وثقافة التدوير داخل الفريق.
أما الوسط، فمشكلة الهلال المزمنة لا تزال قائمة. لا يوجد حتى اللحظة ذلك المحور القوي الذي يربط الدفاع بالهجوم، ويمنح الفريق التوازن المطلوب. فوفا الذي يُعدّ خيارًا مميزًا في الارتكاز لم يُشرك سوى دقائق معدودة بسبب الإصابة وغاب الصيني كخيار، بينما ظل الاعتماد على صلاح وبوغبا ورؤوفا دون أن يتكوّن بينهم الانسجام الكافي، فغابت السيطرة وقلّت صناعة الفرص، وتحول الأداء إلى مجهودٍ فردي أكثر من كونه منظومة متكاملة.
حتى الآن، يبدو أن ريجيكامب لم يتعرف بعد على قدرات لاعبيه الحقيقية. قراراته الفنية لا توحي بأنه استوعب الفوارق بين العناصر، ولا يُظهر أنه يملك رؤية واضحة لتشكيل ثابت يقاتل به في المراحل المقبلة. الجماهير من جانبها ليست مطمئنة، فهي ترى فريقًا يملك الإمكانات لكنه لا يُترجمها إلى أداء منظم أو روح جماعية متقدة، وتخشى أن يتكرر سيناريو المواسم الماضية حين ضاع كل شيء في التفاصيل الصغيرة.
قد يقول البعض إن الرجل ما زال في بداية الطريق، وإن الحكم عليه مبكر، لكن المؤشرات لا تُطمئن. الفريق لا يملك بعد هوية فنية، ولا ملامح مشروع حقيقي، والتغييرات المستمرة في التشكيلة تُربك الإيقاع وتُضعف الثقة. الإصلاح لا يكون بالتصريحات ولا بالمسكنات، بل بالاختيار السليم، والجرأة في القرار، والعدالة في منح الفرص.
الهلال اليوم في مرحلة دقيقة، يحتاج فيها إلى مدرب يعرف قيمة الشعار قبل أن يعرف أسماء اللاعبين، ويُعيد للملعب روحه وللجماهير ثقتها. فالتأهل وحده لا يكفي إن كان الأداء هشًا، والانتصار لا يُسعد إن كانت الأخطاء ذاتها تتكرر.
الجمعة المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا لريجيكامب أمام البوليس الكيني إيابًا، اختبارًا يُظهر إن كان الرجل يسير نحو بناء فريقٍ يُخيف القارة، أم أنه مجرد حلقة جديدة في سلسلة المدربين العابرين الذين يأتون ولا يتركون أثرًا.

**كلمات حرة:**
* لا أحد يطلب من ريجيكامب معجزات، لكن المطلوب منه أن يبدأ من حيث انتهى الهلال، لا من الصفر.
* بعض اللاعبين يعيشون على “الاسم القديم”، بينما الفريق يحتاج اليوم إلى لياقة، جدية، وانضباط تكتيكي.
* الإدارة مطالَبة بأن تكون عينها على التفاصيل الصغيرة قبل أن تتفاجأ بزلزالٍ كبير في دور المجموعات.
* وصدق من قال: “في الهلال، الخلل لا يُرى في النتيجة، بل في الطريقة التي تأتي بها النتيجة.”
**كلمة حرة أخيرة:**
الهلال لا يحتاج إلى مدرب يُجرب فيه الأفكار، بل إلى من يُعيد له الهيبة.
كرة القدم لا ترحم من يختبئ وراء الأعذار، والجماهير سئمت من “البداية الجديدة” التي لا تنتهي.
ريجيكامب أمامه فرصة أخيرة ليُثبت أنه مدرب مشروع… لا مشروع مدرب.

قد يعجبك أيضا
تعليق 1
  1. احمد التجاني يقول

    يعني اكثر من انه يقود الهلال للفوز خارج الارض على خصم مش سهل عاوزه يعمل شنو؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد