صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ريجيكامب يعمَـل بحُـب

19

صَـابِنَّهَـا

محمد عبد الماجد

ريجيكامب يعمَـل بحُـب

الفريق بعد الهزيمة يكون في حاجة إلى دعم ومُساندة وحكمة في مُعالجة الأمور، وهُدوءٍ في التعامل مع الأزمات ـ غير أنّنا نحنُ كإعلام وجمهور ندعم الفريق فقط عندما يفوز، ونستلم الموضوع ونتباهى فخراً، وعندما يخسـر، فإنّنا أول من يَقفز من السفينة.. قد يكون ذلك سلوكاً عاماً في عالم كرة القدم، لكننا نحنُ بنزوِّدها شوية، وما أكثر نقدنا وجَلدنا للآخرين عند الخسارة.
عندما يكون المدرب في حالة توهَـان أو عدم توفيق هو لا دخل له فيه، ندقُّـه دَقّ العيش، وعندما يَخفق لاعبٌ نقيم عليه المشانق.
ونعتقد أنّ هذا هو دورنا، وإننا وجدنا من يضع ويحدد ويكتب روشتة العلاج.
مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تفرض حتى على الصحفيين انطباعاتها، بل أصبحت تشترط علينا ذلك، أن نكتب فقط على هوى المتابعين ـ يعني مرات بتكون هنالك حملات جماعية وكأنها متفق عليها على لاعب أو مدرب أو إداري أو موقف لا نستطيع أن نقف أمامه ولا نملك القدرة للمرافعة أو حتى التوضيح.
أنا على قناعة تامة أنّ مواقع التواصل الاجتماعي لا تمثل قراءة صحيحة للشارع أو الجمهور ـ يمكن أن تخمك وتشعرك بذلك، ولكن في الحقيقة هي لا تمثل إلا نفسها وهي في الواقع والحقيقة غير موجودة بالصورة التي نحسّها منها، لذلك هي عالمٌ افتراضيٌّ.
نبض الناس الحقيقي يختلف تماماً عن نبض مواقع التواصل الاجتماعي ـ ما يخمُّوكم ساكت، كل ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي مجرد شعارات تفتقد للعُمق ولا تُعبِّر إلا عن سطحية زائلة، سطحية لا تصمُد كثيراً، لأنّ السطحيات لا قدرة لها على الصمود.. بل لا قدرة لها على البقاء.
شخصياً لا أحب التماشي مع مواقع التواصل الاجتماعي عندما تهاجم أحداً أو تنتقده، وتقرر أن تنتف ريشه أو تردمه كما يُقال، لكن لا أنكر أنّ هنالك مواضيع تفرض نفسها ولا بد أن تعلق عليها تواكباً، وإلا كنت خارج الخدمة.
انظر إلى أخطائي فأجدها لا تختلف عن أخطاء الذين ننتقدهم، إن لم تكن أكثر، فلماذا نبدو كالملائكة التي لا تخطأ؟
وفي مواقع التواصل الاجتماعي ييدو هنالك سباقٌ عامٌ للتعليق على الأحداث التي تُثير جدلاً وضجّـةً حتى ولو كانت بدون قيمة من المصدر أو المنشأ وبدون معلومة من صانعي المُحتوى، خاصّةً على وسائل “التك تك واليوتيوب واللايفات على صفحات فيس بوك”، وهو أمرٌ لا نلومهم عليه لأنه أصبح واقعاً في العالم الافتراضي، فقط يجب على المتلقي أن يكون أكثر وعياً وحصافةً وإدراكاً.
البحث عن (الترند) أصبح هدفا للجميع.
إذا تفقّدت أو طالعت كل المواضيع التي تُثير ضجّـة على مواقع التواصل الاجتماعي سوف تجدها مواضيع فارغة ـ لذلك هي لا تصمد كثيراً، سريعاً ما تنتهي وتتلاشى.
في بدايات ريجيكامب وقبل أن يخطو خطوته الأولى مع الهلال، وقبل خوض مباراة رسمية، كانت هنالك آراءٌ حاولت أن تخلق انطباعات غير جيدة عن ريجيكامب، فقط لأنه تعثّر في بطولة سيكافا ولم يفز بها وهو يتحسّس طريقه مع الهلال ويستكشف قدرات لاعبيه.
تعرّض ريجيكامب لانتقادات قاسية، كنا سنقبلها لو كانت منطقية، ولكنها كانت لا تستند على شئٍ إلّا القسوة ـ وأحياناً تشعر أنّ الجمهور رافضٌ بطبيعة الحال ومُعترضٌ، فهو يصفق دائماً لمن يهاجم وينتقد.. مع ذلك لا ننكر أنّ هنالك وعياً وأناساً فاهمون ومُدركون أكثر منا جميعاً، لذلك نقول لا خوف، سوف تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي وسوف ينتصر في النهاية العقل الصحيح والرؤية الصائبة، ولا يصح إلا الصحيح مهما اجتهدت لتثبت عكس ذلك ـ أؤمن أنّ النجاحات لا بد أن تمر بمُنعطفات ومطبات خطيرة وأزمات كبيرة، وإلا كانت نجاحات هشّة وبدون قيمة، لذلك نقول إنّ كل ما يحدث من شد وجذب وصراع، ومدح ونقد، أشياء طبيعية، فنحنُ في أرض يتبادل فيها النهار والليل الأدوار.
ريجيكامب الآن يبدو مقنعاً للجميع، فقد تجاوز العاصفة ونجح وإن كنت قد شعرت بالضغوط التي بدأت تؤثر عليه في بداية مشواره مع الهلال، حتى إنه كان مندهشاً من كم الانتقادات التي يتعرّض لها قبل حتى بداية المُوسِـم، وكان يُمكن أن تطـيح به.
أول ما توقّفت عنده في مسيرة ريجيكامب مع الهلال هو شعوره بالراحة في الهلال، فأنت تلحظ بأنه سعيدٌ في الهلال، ينعكس ذلك في تصريحاته التي تفيض بالثقة والحيوية.. أسعدنا منه أنه في كل تصريحاته كان يشيد بجودة لاعبيه وكأنه كان لا يتخيّل أن يجد هذه الجودة في الهلال ـ كذلك يبدو أنه مرتاح من تعامل مجلس الإدارة، فليس هنالك تدخلٌ من الإدارة ولا ضغوطٌ.
كذلك كان راضياً من استعدادات الفريق ومن الحالة التي وصل إليها اللاعبون، رغم أنه يلعب وهو محرومٌ من الأرض والجمهور.
الثقة التي يتحدث بها ريجيكامب وهو مدربٌ خبيرٌ تمنحنا الطمأنينة وتجعل طموحاتنا تزيد على ما هي عليه.
من ثَـمّ يبدو للجميع أنّ ريجيكامب يعمل بحُـب في الهلال، كأنه وجد ضالته في الهلال.
لغة الجسد تؤكد ذلك، ونشاطه وهِمّته واضحة وهو يعمل بكل هذا الاجتهاد والجد.
غاب ريجيكامب يومين عن الهلال فعاد بكل هذا الحنين، حيث توشك أن تجد في عينيه ترجمة فعلية من رائعة صلاح أحمد إبراهيم (فاض بيه الحنين.. طال بيه الشجن) وهو لم يغب عن الهلال أكثر من 48 ساعة.
الصور التي نشرتها الصفحة الرسمية للهلال فيها الكثير من الود والمحبة والحميمية، وقد ذكّرتنا تلك الصور بالعودة إلى البلد بعد طول غيابٍ، حيث أحضان العمة والخالة والأهل والأصحاب.
لا أدري كيف كان سيكون شعور ريجيكامب إذا كان في أم درمان والهلال يلعب على استاده ووسط جماهيره والأولتراس؟ ـ الأمر كان سوف يكون مُختلفاً، وسعادة ريجيكامب بالهلال كانت ستكون أكبر.
من دواعي النجاح أن تعمل بحُـب، وريجيكامب يعمل بحُـب.
ولا بُـد من القول إنّ الهلال عالمٌ جميلٌ ـ الهلال رجلٌ صالحٌ، كل من يمر به حتى من الأجانب يشعر بالراحة والسعادة ـ كل من مرّوا على الهلال تركوا سِـيرةً طَـيبةً، وظلوا يحملون جميل الهلال ويذكرونه بالخير ـ يثبت ذلك حميمية التواصل والمحَبّة بين الهلال ومدربيه ومُحترفيه السابقين.
الهلال يختلف عن كل الأندية الأخرى ـ ريكاردو وكامبوس ويوسف محمد وديمبا وسادومبا وحتى البرازيلي روبيرو على تواصل مع الهلال ـ الملاوي جيرالد الذي لم يلعب في الهلال فترة طويلة ينثر حبه للهلال ويُروِّج لفضيلته.
عند العودة لاستاد الهلال أتمنى أن يحدث ذلك من خلال كرنفال ضخم أو مهرجان جماهيري كبير، يدعو فيه الهلال بعض مدربيه ومُحترفيه السابقين.
الأمر الذي أريد أن أتحدث فيه عن ريجيكامب هو أنه مدربٌ (شجاعٌ)، حيث فضّل أن يخوض بطولة سيكافا رغم إنه في مرحلة إعداد، وكان يفقد وقتها بعض عناصره الدولية مع المنتخب السوداني، كما أنه كان يشارك بأسماء حديثة لم تكمل 48 ساعة في الهلال مثل صنداي، مع ذلك فضّل أن يكون إعداده في وجود هذه المخاطر التي تهدد استمراره مع الهلال.. وقد كان يمكن أن نفقده ـ فقط لأنه فَقدَ بطولة سيكافا التي يُشارك فيها من أجل الإعداد.. وفقط لأنّ رؤية البعض كانت تطالب منه إشراك فلان، وعدم إشراك علان.. وكأن ريجيكامب صاحب (سنترال) وليس مدرباً خبيراً يعرف ماذا يعمل وكيف يتصرف؟
من دلائل شجاعة ريجيكامب أنه ضُغط من أجل أن يلعب في الدوري الرواندي كان يُمكن أن يجلس مُـرتاحاً بدون دوري ويصرف راتبه على دائر المليم ويحلل الدوري الروماني كما يحلو له، ويعود إلى بلاده في كل خميس، كان يمكنه عندما يخسر في البطولة الأفريقية أن يقول إنّه يلعب بدون دوري ـ لو أراد استغلال الأوضاع كان ذلك عذراً جاهزاً ومبرراً منطقياً له.
لكنه لم يفعل ذلك وظل يطالب ويضغط من أجل المشاركة في الدوري الرواندي ـ علماً بأنّ عقده مع الهلال موسم واحد، كان يمكن أن يكمله بدون دوري ويكتفي بالبطولة الأفريقية، ثم يستلم حقوقه ويغادر ـ لكن ريجيكامب أراد أن يعمل ويجتهد ويغامر ـ فضّل حياة الضغوط والتعب من حياة الراحة والعودة إلى بلاده على رأس كل أسبوع.
وكان يمكن لريجيكامب أن يرفض انضمام لاعبيه للمنتخب السوداني للمشاركة في البطولة العربية ـ التصفيات أو النهائيات بعد ذلك واللائحة تمنحه هذا الحق، ولكن لم يفعل، وكان يستطيع أن يجبر الإدارة على تنفيذ طلبه.
أما أكثر ما يجعلنا نحن كإعلام وجمهور نشعر بالراحة هو أنّ المدرب الروماني يلعب بأسلوب وطريقة تتوافق مع هوانا وتشعرنا أكثر بالثقة والطمأنينة، وهو أنه يلعب بأسلوب هجومي، وهو الأسلوب الذي يرتاح له جمهور الهلال، وهو من طبيعة الأشياء في الهلال، إذ يعتمد عبر تاريخه على المواهب ويُفضِّل دائماً المهارات، وطريقة ريجيكامب تظهر المواهب وتُفجِّر المهارات، وهو يجنح إلى روعة العرض ورفع نسبة الاستحواذ.
ريجيكامب ما زول خندقة.
كل هذه الأمور يحبها جمهور الهلال ويفضِّلها على ما سواها، لذلك نقول إنّ أسلوب ريجيكامب يتوافق مع الهلال من حيث المضمون والشكل.
يمكن أن تجد انتقادات واعتراضات على هذا الأسلوب، خاصةً عندما يحدث إخفاقٌ، ولكن هذا أمرٌ طبيعيٌّ في كرة القدم، والهزيمة حتى وإن كانت عابرة تفرز شيئاً من الغضب والانتقادات، ونحنُ في العادة عندنا رأيٌ في المدرب وأبو المدرب وفي الطريقة التي يلعب بها وأبو الطريقة، وفي التشكيلة التي يختارها وأبو التشكيلة، وإن وافق النجاح فيها للمدرب.
نحن عندنا رأي في كل شئ ـ وفي أبو كل شئ، لأنّـنا نعتقد أننا علماء، وأبو العلماء وبرضو في كل شئ، وأبو كل شئ.
التنظير والاعتراض والانتقاد، جزءٌ من تركيبتنا وطبيعتنا، ونحنُ لا نشعر بوجودنا إلا عندما نعترض وننتقد، وأنا اعترض إذن أنا موجودٌ.
كيفنا ومزاجنا بالقهوة والشاي لا يكتمل إلا مع التنظير والاعتراض، في دواخل أي واحد فينا دار إفتاء، ومجلس فقهاء، وبرلمان معارضة، وصحيفة صفراء.
عموماً لكي ينجح أي مدرب في مهمته، لا بد أن نوفر له الثقة، ونقدم له الدعم والمُساندة ـ علينا أن ندعمه في مشروعه وأسلوبه وإن اختلفنا عليه ـ وأي فريق يبحث عن الأسلوب والمشروع الذي يستهدفه ثُـمّ يتعاقد بعد ذلك مع المدرب صاحب ذلك الأسلوب والقادر على تحقيق المشروع الذي ينشد تحقيقه.
أنت لا تتعاقد مع مدرب لا يتوافق مع أهدافك، ثم تُطالب منه أن يُحقِّق لك أهدافك بالأسلوب الذي تختاره أنت.
لكل مدرب طريقةٌ وأسلوبٌ ونهجٌ، والفريق يتعاقد مع الطريقة والأسلوب الذي يريد من خلال تعاقده مع مدرب تتوفّـر فيه مواصفات المشروع الذي يبحث الفريق عن تحقيقه.
الهلال تعاقد مع فلوران، لأن مشروعه وقتها كان يتوافق مع إمكانيات فلوران ـ الآن المرحلة مرحلة ريجيكامب، أتركوه يعمل.. أدعموه وساندوه، واعلموا أنّ عقد ريجيكامب مع الهلال لموسم واحد فقط، بعد انتهاء فترة العقد قرِّروا وقيِّموا التجربة ـ لا يُعقل أن تُقيِّموا التجربة في مرحلة الإعداد.
طبعاً هنالك أناسٌ وجهاتٌ ستكون عبارة عن (خلايا نائمة)، عندما يتقدّم الهلال لا تستطيع أن تقول شيئاً ولا تمتلك قُدرة لانتقاد المدرب أو الهجوم عليه ـ هذه الخلايا النائمة تنتظر أول إخفاق للهلال لا قدر الله لتنقض على المدرب وتسمعنا المنوال الذي يحدث بعد أي إخفاقٍ.
المُهم هو أن تدعم المدرب عند الإخفاق وليس عند النجاح.
تعامل مع المدرب مثل الصديق الذي يحتاجك عند الضيق، ولا يحتاج لك عند الفرج.
الأكيد إنك تحتقر صديقك الذي تجده فقط في لحظات الفرح، أما في لحظات الحزن إذا اتصلت عليه سوف تجد تلفونه مغلقاً ـ هذا المشترك لا يمكن الوصول إليه حالياً.
أكتب عن مفاهيم يجب أن تتغيّر وأنشد فهماً جديداً يجب أن يسود.. ولا شك أنّ أي شخص عنده فهم أو فلسفة، من حقه أن يدافع عنها ويقاتل من أجلها.

متاريس
أخشى على المنتخب من إرهاق السفر الذي تعرّض له لاعبـو الهلال.
وصل لاعبو الهلال في وقت متأخر، وهذا أمرٌ سيعرِّضهم للإرهاق.
أتمنى أن لا يحدث ذلك مع الهلال قبل مباراة سانت لوبوبو.
لا بد من ترتيبات جيدة ومُريحة من إدارة الهلال قبل مُواجهة سانت لوبوبو.
الزميل مصطفى عيدروس تحدث عن شئ خطير وكشف عن تضجر وغضب بين اللاعبين بسبب غياب الحوافز.
بعد مباراة المنتخب أمام لبنان، الحساب سوف يكون صعباً وعسيراً ـ حتى لو تأهل المنتخب للنهائيات.
إنتوا يا حلفا، لا دوري، لا حوافز!؟
ناس المريخ فرحانين بالانتصار في الدوري الرواندي ـ عقبال الانتصار في دوري الدرجة الأولى ببربر.
بشرى خير وبركة إسناد رئاسة بعثة الهلال إلى الكونغو للفاضل التوم.
والبشرى التي نقصدها تتمثل في عودة الفاضل التوم للصورة.
يبقى الفاضل التوم إدارياً من طراز فريد، وكذلك من طراز نبيل.
بالتوفيق إن شاء الله.
الهلال دربو مرق في الكونغو.
….
ترس أخير: فرحَـــان أوِي!!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد