# قال لي: “في مؤسسة من مؤسسات الدولة “المرفهة” قررت الإدارة العليا إقامة زواج جماعي للعاملين، حيث كانت مكاتبها تضج بالشباب من الجنسين وكانت العلاقات بينهما تسمح بنهايات سعيدة، تم وضع الإعلان في “بورد” المؤسسة مع الاشتراطات اللازمة.. فتدافع كل “قلبين ضماهم غرام” لاغتنام الفرصة التي لم تجد الممانعة من الأهل والأصدقاء والمعارف.
# تم تكوين فرق عمل مختلفة لكي تنشط في إكمال التجهيزات، فكان هناك فريق لإعداد “الشنط” بينما انخرط فريق في إرسال الدعوات التي توزعت بين المسؤولين الكبار في الدولة ورجال الأعمال والإعلام ونجوم المجتمع.. في الموعد المضروب تحولت إحدى الساحات المتخصصة في استقبال المناسبات الكبيرة إلى مهرجان من العبير والزهور والأغنيات، حضرت أسر العرسان والمعازيم والمغنيين وضجت السماء بالأمنيات المسافرة على الغيوم.
# طارت العصافير المخضبة بالحناء إلى أعشاشها وكان الوعد أن يزدحم المطار بثنائيات البهجة في اليوم التالي، إما عملية إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الزواج المخملي فقد كانت تحتاج لجهود مماثلة لما بدأت به، فانخرط الموظفون القدامى الذين فاتهم قطار “مثنى وثلاث ورباع” بعد أن استبعدتهم الشروط، انخرطوا في ترتيب الإجراءات الرسمية الخاصة بكل زوجين تمهيداً لتسليم قسائم الزواج والحوافز المالية الخاصة بإجازة شهر العسل، كبير الموظفين بدأ في مراجعة الكشوفات، وفي لحظة خاطفة اكتشف شيئاً أصاب المؤسسة بالدوار وهز أركانها هزاً.. من رئيس مجلس إدارتها ومديرها العام إلى خفيرها.
# اكتشف كبير الموظفين بأن قسائم الزواج التي ملأها “المأذون” غير مطابقة لما هو موجود في الكشوفات.. وأن كل عريس عاد إلى بيته في تلك الليلة قد تأبط الزوجة الغلط حسب الأوراق الرسمية.. فماهو العمل، أخطر كبير الموظفين المدير العام الذي طالبه بالتصرف السريع قبل أن “تجوط الأمور” أكثر مما هي “جايطة”.. فبدأ كبير الموظفين الاتصال بالعرسان واحداً واحداً ليخطرهم بالكارثة.. ولكن للأسف الشديد.. وجد أن هواتفهم ما بين الإغلاق وعدم الرد وأخطاء الشبكة، كان أغلبهم في وضع الطيران والبقية اعتصمت بالصمت.. إلا واحداً رد متثاقلاً فدار ما بينه وكبير الموظفين حواراً لم يكن مجدياً أعلن به فشله الكبير في إقناع العريس بأن المرأة التي بجواره الساعة، شرعاً وقانوناً هي ليست زوجته.. أغلق العريس الهاتف بغضب عندما ظن بأن زميله متواطئاً مع أحد برامج “الكاميرا الخفية”.
# ما حدث في تلك المؤسسة.. يشبه لحد كبير مفاوضات الحكومة السودانية مع حركات الكفاح المسلح هذه الأيام في عاصمة الجنوب جوبا، ولكنه أكثر عمقاً وانسجاماً مع ما جاء في هذا الخبر الكارثي: “التقت مجموعة من ممثلي الدفعات الثلاث للسكرتيرين المفصولين من وزارة الخارجية بالسيد مدير مكتب الوزيرة حيث جاء اللقاء رداً على مطالبة المجموعة بلقاء الوزيرة، استجاب السيد السفير لطلب اللقاء وقدم تنويراً عن رد فعل قيادة الوزارة على الضرر الذي لحق بالإخوة الزملاء من السكرتيرين جراء القرارات الأخيرة القاضية بفصلهم والصادرة عن لجنة إزالة التمكين، حيث تضمن التنوير النقاط التالية: ١. أكد السيد السفير انشغال قيادة الوزارة ومناقشة الملف هذا الصباح على مستوى معالي الوزيرة ووزير الدولة. ٢. أكد استغراب قيادة الوزارة من الأمر لعدم تطابق الأسماء التي رفعت مع الأسماء التي تمت إذاعتها في المؤتمر الصحفي للجنة إزالة التمكين، كما تم التعديل دون الرجوع للوزارة وهو ما أمنت قيادة الوزارة خلال تواصلها مع القيادات على استهجانه.