هذا مقال مطول هو عبارة عن ترجمة من كتاب لكاتب مكسيكي باللغة الإسبانية.. المقال عن الجنود الذين بعثوا بواسطة المستعمر الإنجليزي المصري (التركي) ليقاتلوا مع القوات الفرنسية في المكسيك..
والمقالات عن الجنود السودانيين في تلك الحقبة وأمثالها تأسرني بشدة إذ أنها تظهر عمق وأصالة الشخصية السودانية، في الماضي كما هي اليوم.. هذا رغم أنهم كانوا مستغلين بواسطة المستعمر ومسخرين لأغراضه، ولكن شاء الله أن يكون وضع السودانين أيضا مشرفا وقويا وقد دفعوا ما دفعوا من ضريبة الحروب العالمية التي من الواضح أنها كانت ضرورة لتطور تاريخ البشرية..
سودانيون في المكسيك
بقلم ر. كيرك
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
تحالفت فرنسا مع بريطانيا العظمي و إسبانيا علي العمل سويا علي هدف إسترداد الأموال التي أقرضوها للمكسيك مع أرباحها، و تم التوقيع علي ميثاق ذلك التحالف في لندن يوم 31/ 10/ 1861. في الفترة بين نوفمبر 1861 – يونيو 1873 فقدت فرنسا ما يقارب من 37000 من الرجال علي شواطئ المكسيك الموبوءة بالأمراض. مات من أولئك الرجال نتجة الحمي نحو 1410 رجلا بينما لم يمت نتيجة القتال المباشر سوي 330 رجلا فقط. فتكت بأولئك الرجال الحمي الصفراء و الدوسنتاريا. و عجزت المقابر في فيرا كرز– علي إتساعها- عن إستيعاب الموتي من الجزائريين و الفرنسيين، و أطلق بعضهم ساخرا علي المقبرة التي ضمت أجساد أولئك الجنود “حديقة التأقلم” .
عند ذلك طلب نابليون الثالث من سعيد باشا والي مصر والأبن المفضل لمحمد علي باشا مد يد العون له بفرق سودانية علي أمل أن تتحمل أجساد أولئك الجنود الزنوج أمراض المكسيك بأفضل مما فعل الفرنسيس، و ذلك لما نما لعلم الأمبراطور أن الجنود السودانيين قد تم “إستخدامهم” من قبل و بنجاح باهر من قبل محمد علي في موري (في اليونان – المترجم) و من قبل إبراهيم باشا في الجزيرة العربية.ن
إستجاب سعيد باشا لذلك الطلب بيد أنه بعث فقط بكتيبة واحدة من فوج المشاة التاسع عشر تتكون من 453 من الضباط و الجنود. كان علي رأس تلك القوة البمباشي جبر الله محمد أفندي مع نائبه اليوزباشي محمد الماظ أفندي. أبحرت السفينة من تولون في يوم 23/ 12/ 1862ووصلت إلي الإسكندرية في الفاتح من يناير 1863. تم نقل الكتيبة السودانية سرا إلي ميناء الأسكندرية بين ليل السابع و الثامن من يناير ووإتجهت إلي المكسيك حيث وصلت إلي فيرا كيرز يوم 23/2/ 1863 أي بعد 47 يوم في عرض البحر. كانت الكتيبة مكونة من قائد واحد و رائد و ملازم واحد وثمانية من الرقباء و 15 عريفا و359 من الجنود و 39 من المجندين و 22 من الأطفال تراوحت أعمارهم بين 10 – 15 عام. كان المجندون – و الذين بعثت بهم شرطة الأسكندرية مساء يوم الرحيل – شبه عراة، بيد أن بقية رجال الكتيبة– و غالبيتهم من كردفان و دارفور- كانوا في كامل زيهم العسكري و هم يحملون عدتهم و عتادهم.ن
مات في عرض البحر 7 من الرجال، و بعد الوصول إلي فيرا كيرز بقليل مات 15 رجلا آخرا، و لم يتحدد إن كان هؤلاء الجنود قد ماتوا بسبب الحمي الصفراء أم لا…. وعند وصولهم لم يسلموا تماما من الآثار الممرضة لطقس المكسيك رغم أنهم أبدوا مقاومة أشد لها من رصفائهم الفرنسيين، بل والمكسيكيين أنفسهم. عند نهاية 1863 مات 47 من الجنود منذ سفرهم من الأسكندرية، بينما سقط نحو 43 منهم فقط فريسة لأمراض أخري و قد عزاها البعض لعدم الإهتمام الذي لقيه أولئك الجنود عند وصولهم لأول مرة في فيرا كيرز، فلم يحاول أحد أن يتعرف علي لغتهم أو أذواقهم أو طباعهم. لم تكن عملية تنظيم إطعام هؤلاء الجند كافية و كان الطعام المقدم لهم قليلا لا يتناسب مع الأعمال الشاقة تاتي كان عليهم أدائها. وصل المجندون الذين دفعت بهم شرطة الأسكندرية جياعا و شبه عراة في مساء يوم الرحيل إلي فيرا كيرز وهم في حالة مزرية يرثي لها و كانت أغلب حالات الموت وسط الجنود من هؤلاء المجندين. ن
تم بعد فترة قليلة من وصول الجنود إدخال بعض الإصلاحات علي الأوضاع. تمت عملية إعادة تنظيم للكتيبة علي النسق الفرنسي فتم تقسيمها إلي أربعة فرق و صرفت أوامر محددة تحدد واجبات كل فرقة وتمت ترقية العديد من أفراد الكتيبة . بعث لخديوي مصر بنسخ من هذه الأوامر والترقيات للمصادقة عليها. بعث الخديوي بهذه الواجبات و الترقيات لوزارة الحربية المصرية في 16/3/ 1864 و سرت تلك الترقيات بأثر رجعي من يوم 11/3/ 1863.
كانت أسلحة الجنود السودانيين ممتازة بيد أن بنادقهم كانت من نوع مختلف عما هو مستعمل في الجيش الفرنسي و كان ذلك يمثل عقبة في ما يتعلق بالذخيرة مما دعا الفرنسيين إلي إعطاء الجنود السودانيين بنادق فرنسية و الإحتفاظ بالبنادق التي جلبها هؤلاء الجنود لحين إنتهاء الحملة.
مثلت لغة الجنود السودانيين عقبة أخري، إذ لم يكن هنالك من يفهم لغتهم و لم يكن من السهل شرح كيفية إستعمال هذه البنادق الفرنسية الجديدة لهم. بيد أن الفرنسين قد إكتشفوا وجود بعض المترجمين وسط الجزائيين في الجيش الفرنسي و كانوا هؤلاء خير عون لقادة الجيش الفرنسي في معرفة إحتياجات الجنود السودانيين. أشاد الجميع بإنضباط هؤلاء الجنود و بالسرعة الفائقة التي تأقلموا فيها علي الأوضاع الجديدة و ذلك عقب معرفة الفرنسيين بإحتياجاتهم و معالجة مشاكلهم الصحية الصغيرة و إكتشاف مواطن القدرة و القوة و التميز عندهم. سرعان ما إكتشف الفرنسيون نشاط و همة هؤلاء الجنود و أنهم أكثر إجادة من غيرهم في المراقبة و الرصد و شجاعتهم تفوق الوصف عند إحتدام الوغي و أنهم يخاطرون بأرواحهم في مواضع يتوجس و يجفل منها الجنود الفرنسيين. نجح الجنود السودانيون نجاحا باهرا في تعقب الفدائيين ورجال العصابات المكسيكية الذين كانوا لا يكفون عن مهاجمة القوافل التي كانت تحمل الزاد و المؤن في الأراضي المنخفضة في فيرا كرز و يعتدون علي نقاط الدفاع قليلة الحماية.
خلال حصار بيبالا (ثانية أكبر المدن المكسيكية) و التي تم الإستيلاء عليها و علي حاميتها المكونة من 26 جنرلا و 900 ضابط و 12000 فردا من مختلف الرتب في يوم 17 / 5/ 1863 أمر الجنود السودانيين بحماية خطوط الإتصالات بين تلك المدينة و الساحل و التي حاول المكسيك مرارا قطعها. و كلف الجنود السودانيون أيضا بحماية خط السكة حديد الذي كان في طور التشييد مما عجل بإكماله في وقت وجيز. رافق بعض الجنود السودانيين القائد العام للجيش الفرنسي مارشال بازين Marshal Bazaineعند دخوله لمدينة ميكسيكو العاصمة يوم 7/6/ 1863 و شاركوا بفعالية في معارك سبقت و أعقبت سقوط العاصمة، و عندما أقام الفرنسيون إحتفالا ضخما حضره كل ممثلي السلطات المدنية و العسكرية بمناسبة الإستيلاء علي العاصمة وقع الإختيار علي فرقة سودانية لتكون حرس الشرف، و بعد الإحتفالات قام الجنود السودانيين بعرض عسكري في أكبر ساحة عامة في العاصمة.
أثبت الجنود السودانيون كفاءة و إقتدارا عظيمين لفتا نظر القادة الفرنسيين مما دعا القائد العام الفرنسي لينتقي من بين الجنود السودانيين فرقة “قوة خاصة” و أن يصرف لكل فرد من أفراد هذه القوة الخاصة علاوة قدرها 65 سنت (تعادل قرشين و نصف) في اليوم وأن يشرف و يميز أفرادها بلبس شارة صفراء خاصة علي الذراع. ساهم هذا الإجراء في رفع الروح المعنوية للجنود و الضباط إذ أنه أثبت أن الجنود السودانيين قد نالوا إحترام و تقدير رؤسائهم الفرنسيين. و مع إنصرام عام 1863 كان الجنود السودانيون قد خاضوا ثمانية معارك سجلوا فيها أعلي درجات الإمتياز. ن
كتب عنهم حاكم فيرا كيرز و هو يصف معركة خاضوها في 2/10/ 1863 :
” لقد حمل الجنود السودانيون العبء الأكبر من تلك المعركة، و لقد توجتهم تلك الموقعة بأكاليل الفخار. لم يبال أحد منهم بالنيران الكثيفة التي كان العدو يرميها عليهم من كل صوب. كان عدد أفراد جيش العدو يفوقهم بتسعة أضعاف، ورغما عن ذلك فلقد نجحوا في إجتثاثه”.
كان أهم إنجاز للكتيبة السودانية هو إحتلال فيرا كيرز و حماية خطوط الإتصالات بين تلك المدينة و الوحدات المتقدمة في داخل البلاد. وتكمن أهمية فيرا كيرز في أنها الميناء الذي تأتي عبره القوات الغزية و المواد التموينية. لذا كان من المهم جدا تأمين تلك المدينة و الإتصالات بينها و بين بقية البلاد. و قام الجنود السودانيون بتلك المهمة دون كلل أو ملل من فبراير 1863 إلي حين مغادرة الجيش الفرنسي للمكسيك في 1867.
علقت أميرة في بلاط الإمبراطور ماكسميليان علي الجنود السودانيين قائلة: ” هؤلاء السود من أبناء أفريقيا شديدى الإحتمال لطقس المكسيك وخيم الهواء”، و قامت ذلك الأميرة برحلة من فيرا كيرز إلي ميدلين Meddelin كان حراسها الشخصيين فيها من الجنود السودانيين. و صفت الأميرة الرجال بأنهم طوال نحفاء و أقوياء الجسم يرتدون زيا أبيضا ناصع البياض و يعتمرون عمامات أنيقة و في أيديهم بنادق طويلة و في أحزمتهم خناجر. وقالت ما معناه: يا لروعة أن تكون في حراسة هؤلاء “الأسود السود” الذين يمنحونك شعورا عظيما بالأمن و الأمان.
وصفهم أحد القواد الفرنسيين بأنهم رجال شديدي التنظيم و أضاف ببعض المبالغة أن أحدا منهم لم يمرض أبدا، و كان يشاهدهم و هم رقود في منتصف النهار القائظ يغطون في نوم عميق تحت أشعة الشمس الحارقة و يستيقظون دونما أي إحساس بألم أو صداع. و كان يقول أن أي فرنسي يحاول أن يفعل مثلهم لن يستيقظ من نومته تلك أبدا. ووصفهم قائد آخر بأن :”لهم روحا قتالية لا تدعهم يتركون أسيرا ليعيش. لم أر في حياتي روحا قتالية كالتي رأيتها عند هؤلاء السودانيين. تري إصرارهم في نظرات أعينهم و شجاعتهم تفوق الوصف. إنهم ليسوا ببشر بل أسود ضارية”ن
منح الأمباشي عبد الله حسين باشا ميدالية حربية عرفانا بشجاعته و إقدامه و شراسته عند الوغي و لتكبيده العدو أفدح الخسائر. ذكر أن ذلك الأمباشي طعن بسنكي بندقيته رجلا مكسيكيا و رفعه بيد واحدة و السنكي ما يزال منغرزا في جسده. رفع قائد الجيش الفرنسي في المكسيك و محمد الماظ أفندي تقريرين لوزارة الحربية المصرية بإنجازات الجنود السودانيين في حرب المكسيك و بخسائرهم و بتفاصيل أخري. رفع الوزير التقرير للخديوي إسماعيل و الذي فرح كثيرا بإنجازات جنوده و قوتهم و مهارتهم و قرر صرف معاشات لأرامل و عوائل من قتلوا أو ماتوا من الجنود و ترقية بعض من تميزوا من أفراد الكتيبة ووعد بإقامة إحتفالات ضخمة عند أوبتهم لمصر “سالمين غانمين إن شاء الله”.
أشاد الفرنسيون بحسن إنضباط الجنود السودانيين فذكر أحد كبار قادتهم أن كل فرد من أفراد الكتيبة معفم قلبه بحسن أداء الواجب علي أتم وجه، وأنه لم تسجل حالة واحدة لسوء سلوك من أي فرد فيها و لم يتم القبض علي جندي واحد وهو نائم عن حراسة ليلية أو غافلا عن واجب أو غائبا بدون عذر. و تمت الإشادة علي وجه الخصوص بالتالية أسمائهم: ملازم فرح الزين، و ملازم أول محمد سليمان و الذي ظل واقفا يقاتل رغم تلقيه لستة طلقات نارية أدت لجروح خطيرة و نزف دم كثير. نال ذلك الضابط فيما بعد ميدالية العشرين من ديسمبر و تمت ترقيته إلي يوزباشي.
كان الجنود السودانيون يزيدون – من تلقاء أنفسهم- من أعداد من عليهم الحراسة دون أن تصدر أوامر لهم بذلك حتي لا يؤخذوا علي حين غرة. و في ذات مرة كان الملازم صالح حجازي يقود عشرين من الرجال في مهمة معينة، و في الطريق إعترض طريقهم 200 من الجيش المكسيكي. لم تثن السودانيين قلة عددهم فمضوا في مقاتلة العدو و تمكنوا من الإنسحاب المنظم دونما خسائر.
و بما أن سمعة هؤلاء الجنود السودانيين في المكسيك قد عمت في المكسيك و فرنسا و مصر فلقد أعطي لبعض أولئك الجنود شرف إطلاق مدافع الشرف تحية للإمبراطورة شارلوت عند وصولها لفيرا كيرز في ديسمبر 1865. و كان 50 منهم يمثلون حرس الشرف للأميرة الزائرة و التي نقلت لبعلها ماكسمليان إعجابها بمقدرات هؤلاء الرجال الإستثنائية و عن حسن مظهرهم و نظافتهم أيضا. عندما بلغ مكسميليان ذلك أمر لهم بزيادة في الراتب بلغت ثلاثا و ثلاثين و نصف سنتا (تعادل قرشا و ربع) يوميا. و عند أوبة الأميرة إلي أوروبا في يوليو من عام 1866 كان الجنود السودانيون هم الجنود الوحيدين بالمدينة و نالوا شرف توديعها رسميا.
ومع نهاية عام 1865 كانت الكتيبة السودانية قد خاضت 37 معركة، كان أغلبها في الشهور الأخيرة لتلك السنة. و خاضت في 1866 إحدي عشر معركة أخري. كانت أعداد الثوار المكسيك تزداد يوما بعد يوم و أشتد رحي حرب العصابات حتي أنه هاجمت ذات ليلة قوة مؤلفة من 200 من الثوار نقطة مراقبة كان بها 26 من الجنود السودانيين. أتي الهجوم المكسيكي مباغتا، إلا أن السودانيين – رغم قلة عددهم – صمدوا و مضوا في الدفاع عن موقعهم حتي الساعة الخامسة و النصف صباحا. حينها إنسحبت قوات العدو مخلفة العديد من القتلي و الجرحي ورائها.
غادرت الكتيبة السودانية المكسيك مع باقي القوات الفرنسية في فبراير من عام 1867 و آبت لمصر عن طريق فرنسا. وخلال الأعوام الأربعة التي قضاها الجند في المكسيك كانت جملة المعارك التي خاضوها 48 معركة كسبوا جلها و نالوا عظيم التقدير و الإشادة من السلطات العسكرية الفرنسية. وصلت الأورطة إلي باريس في أبريل 1867 و تم إستقبالهم إستقبالا شعبيا ورسميا ضخما وأنعم عليهم بأنواط الشرف وتم عرضهم علي نابليون الثالث و الذي تفقد شخصيا طابور الشرف الذي إصطفوا فيه في يوم 2/5 و كان برفقته شهيم باشا وزير الحربية المصري. صافح الإمبراطور يد قائد الأورطة البمباشي محمد الماظ و قلد العديد من الضباط و الجنود الأوسمة و منح من جرح منهم الكثير من العطايا. وأعلن إسماعيل باشا عن ترقيات واسعة في صفوف تلك الكتيبة ورقي محمد الماظ إلي رتبة الأميرالاي.
كتب السير صوميل بيك لاحقا عن بعض جنود الكتيبة السودانية في كتابه “الأسماعيلية” والصادر في لندن عام 1879 إستعان ببعض أولئك الجند في حملته للقضاء علي تجارة الرقيق في الأستوائية و كانت حملته مكونة من الجنود السودانيين (و معظمهم من العائدين من المكسيك) و من الجنود المصريين. و كون السير صميل حرسا خاصا به من السودانيين العائدين من المكسيك أطلق عليهم “الأربعين حرامي”، و يبدو أنهم ظلوا يحتفظون بمناعتهم ضد الأمراض المدارية، إذ أنهم قاوموا أمراضا ينقلها البعوض في المنطقة بين ملكال و قندروكو بينما تساقط فريسة لها الجنود المصريون. ولاحظ بيكر أن الجنود المصريين كانوا في حالة كربة بائسة نكدة، بينما كان الجنود السودانيون يتلذذون بشرب العرقي (grog) ليلا و هم في أتم صحة و أطيب مزاج.
ظل الجنود السودانيون في منطقة أشولي بعد أن غادرها صمويل بيكر في 1873. زار العقيد الفرنسي لونج فاتيكو في 1874 و شاهد معسكر الجنود السودانيين و لم يملك إلا أن يبدي إعجابه الشديد بنظافة أولئك الجند العامة و الشخصية و عن ملابسهم ناصعة البياض تحت ظروف لا تساعد علي ذلك، بل و لاحظ إحتفاظ أولئك الجنود بصابون فرنسي معطر للإستحمام و هم في وسط أدغال أفريقيا. حضر القائد الفرنسي عرضا عسكريا مميزا لأولئك الرجال وعلي صدورهم النايشين و الأوسمة التي حصلوا عليها خلال حربهم في المكسيك و منها وسام جوقة الشرف الفرنسي.