صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

شاهد الفن في زمن الثورة السودانية

184

أعطت الثورة السودانية فرصة لمئات الرسامين والفنانين التشكيليين الذين واكبوا الأحداث السياسية ليعبروا عن مطالب الشعب عبر لوحاتهم ورسوماتهم التي يمكن مشاهدتها في ساحة الاعتصام وفي شوارع الخرطوم. فبعد أن ربط “نظام البشير الفن بالحلال والحرام” حسب تعبيرهم، أصبح هواة ومحترفو هذه المهنة يعيشون ربيعا فنيا يبشر بمستقبل جميل.

الفنانون السودانيون في صدد إنهاء لوحة جدارية طولها 3 كيلومترات تكريما “لكل الذين شاركوا في إسقاط نظام عمر البشير” وترحيبا “بالسودان الجديد”… بهذه الكلمات تحدث فارس، أحد الفنانين التشكيليين السودانيين، عن هذا العمل الفريد من نوعه والذي يأمل أن يدخل في موسوعة “غينيس” العالمية.

ينقسم هذا العمل الفني إلى جزئين: الأول يتضمن توقيعات آلاف السودانيين الذين ناصروا الثورة وشاركوا فيها، والجزء الثاني يحتوي على عدد من اللوحات الفنية الملونة والمتلاصقة بعضها البعض والمعبرة عن أيام الثورة.

ويتوقع عبد الرحيم عبد الهادي (39 سنة)، فنان تشكيلي سوداني، تدشين هذه الجدارية الكبيرة عندما تتوصل قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري إلى حل نهائي يفتح صفحة سياسية جديدة للشعب السوداني ويطوي رسميا صفحة النظام السابق. “عدد كبير من الفنانين شاركوا في رسم هذه الجدارية، رجال ونساء وأطفال، هواة رسم ومحترفون، كل الذين أرادوا ترك بصمة في التاريخ شاركوا في هذا العمل” يوضح الفنان فارس.

“الثورة فجرت الفن بكل أشكاله”

“الثورة بدون فن ليست ثورة مكتملة”. هكذا لخص من جهته عبد الرحيم عبد الهادي الدور الذي لعبه الفنانون السودانيون خلال الثورة. “كل المغنيين والرسامين والتشكيليين انخرطوا منذ البداية في تجمع المهنيين لتقوية الثورة وتزويدها بالوقود الثقافي والفني اللازم لإنجاحها”، يشرح هذا الشاب لفرانس24.

وأضاف: “كانوا (أي الفنانين) يشاركون في مسيرات احتجاجية مع باقي أفراد الشعب ويعبرون بالرسم عن طموحات المجتمع السوداني على جدران البنايات والمرافق العامة. في بعض الأحيان كانوا يخرجون في ساعات الصباح المبكرة لرسم تحف فنية وشعارات على الشوارع التي ستمر فيها المظاهرات. كما كانوا أيضا يرسمون وجوه شهداء الثورة على جدران منازلهم كي لا ينساهم أحد”.

“ورغم ميولاتهم السياسية والدينية المختلفة، اتفق جميع الفنانين والرسامين والخطاطين على مطلب واحد فقط، ألا وهو رحيل نظام البشير وجميع رموزه، فيما شاركوا في تغذية الثورة وتوعية الشعب السوداني بأعمالهم الفنية”، يقول عبد المنعم شقليني وهو فنان تشكيلي آخر يهوى الرسم بالأبيض والأسود.

ويعتقد عبد المنعم أن الثورة السودانية فجرت الفن بكل أشكاله وسمحت له أن يظهر في كل مكان وينمو. ويكفي للمرء أن يزور ساحة الاعتصام قرب مقر المجلس العسكري لكي يرى الكم الهائل والمتنوع من الرسومات والتخطيطات على جدران الشوارع وعلى الجسور وحتى على الخيم. “الفنان هو الذي يصنع الجمال”، حسب الفنانة التشكيلية هيام شريف عبد المنعم التي واكبت أيضا جميع مراحل الثورة السودانية.

“النظام السابق ربط الفن بالحلال والحرام”

“الثورة سمحت لكل الناس أن يرسموا، الشرطي أصبح يرسم، والطفل يرسم والمعلم يرسم. المثقف يرسم ونفس الشيء بالنسبة لغير المثقف. سلاحنا “فرشة” وقلم وأصابعنا. ليس لدينا سلاح آخر. نحن فنانون تشكيليون وهدفنا هو توصيل رسالة جميلة وملونة للعالم”، تقول هيام شريف عبد المنعم.

ولم يكن دائما للفنانين السودانيين مكانة محترمة في عهد البشير. فحسب عبد الرحيم عبد الهادي، النظام السابق كان يحارب الفنون بشكل غير مباشر، مثل عدم السماح بالقيام بعروض في قاعات خاصة غير تابعة للدولة أو عبر رفض تمويل مشاريع فنية لا تخدم سياسة وأهداف مؤتمر الحزب الوطني الذي كان يتزعمه البشير.

“في الحقيقة، النظام السابق ربط الفن بالحلال وبالحرام لقتل الموهبة. كما كان أيضا يدعو الناس في المنابر السياسية والدينية إلى الابتعاد عن الفن”، تؤكد مرة أخرى الفنانة هيام شريف التي تعتقد “أن هذا الزمن ولى ولن يعود”.

وأنهت: “أيام الفن ستزدهر في المستقبل القريب بفضل الحرية والنظام الجديد الذي سيحكم السودان. ستكون هناك فرص ومجالات كثيرة أمام فناني الجيل الجديد للتعبير عن فنهم وأحلامهم كما ستسمح هذه الحرية الثقافية لجميع هواة الفن الذين كانوا يعملون في الخفاء ويعيشون على هامش المجتمع بالظهور إلى العلن ليرى الجميع فنهم وابتكاراتهم غير المحدودة”.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد