* لمن يلصقون كل تجاوز )بالمدنية( كرهاً فيها، وبُغضاً لها، نذكر أن الفوضى المصاحبة لاحتفالات رأس السنة ليست جديدةً، ولا ترتبط بالمدنية، لأنها ظلت تحدث بدرجاتٍ متفاوتةٍ في العاصمة تحديداً كل عام، تبعاً للتحضيرات التي تجريها الشرطة لمنعها.
* صحيح أن درجة استيعاب بعض اليافعين للتغيير الذي حدث في بلادنا مؤخراً جعلهم يتوهمون أن المدنية قرينة الفوضى، لكن ذلك لا يعني أن الخلل مقرون بالتغيير في حد ذاته، بقدر ما يشير إلى عدم تحسب الجهات الأمنية للظواهر السالبة التي قد تصاحب المناخ الحالي.
* يوم أمس الأول تخطت التجاوزات معدلها المعهود، وتحولت إلى أعمال عنفٍ خطيرةٍ في بعض شوارع العاصمة، وبالطبع استغل متفلتون تلك الأجواء لارتكاب أعمال سلبٍ ونهبٍ، سيما في شارع النيل، الذي تحول إلى ساحةٍ للفوضى، تم فيها التعدي على السيارات الصغيرة والشاحنات بنهجٍ بالغ القبح، وسط حضور ضعيف للشرطة، التي لم تتحسب للوضع كما ينبغي، مع أن العاصمة شهدت أحداثاً مماثلة قبل نهاية العام بثلاثة أيام.
* وقع التجاوز المشار إليه في قلب العاصمة الوطنية، وفِي وضح النهار، وبالقرب من أحد أكبر أقسام الشرطة، وكان من المفروض أن يضيء إشارة الخطر أمام الجهات الأمنية، لتضاعف تجهيزاتها، وتستنفر قواتها، وتنشر أفرادها ودورياتها في الطرقات، تحسباً لاحتمال تكرار تلك الأحداث الكريهة في ليلة رأس السنة، لكن ذلك لم يحدث للأسف الشديد.
* المزعج في ما يحدث حالياً ينحصر في دخول عصابات )النيقرز( على الخط، باستخدامٍ مفرطٍ للأسلحة البيضاء، وتعدٍ قبيح على المواطنين العُزَّل، الشيء الذي يتطلب استنفار قوات الأمن كافةً لمواجهتهم بما يلزم من صرامةٍ وحزمٍ، وإلقاء القبض على أصحاب السوابق منهم، ومتابعة المناطق التي تنشط فيها تلك العصابات المتفلتة، قبل أن تتمدد، وينفلت الأمن أكثر.
* مكافحة الجريمة تتم بدءاً بالسعي إلى منعها قبل وقوعها، بتكثيف الوجود الأمني في الطرقات، وبالتعامل مع التفلتات فور حدوثها، كي لا تستشري وتصعب مواجهتها، لذلك نطالب الشرطة بأن تفرض هيبتها، لتطبق القانون بصرامةٍ، ولا تكتفي بإطلاق الغازات المسيلة للدموع كيفما اتفق بعد حدوث الشغب.
* قبل أيام من الآن فقدت امرأة بريئة حياتها نتاجاً لذلك الأسلوب المتخلف في التعامل مع الحشود.
* في بعض الأحيان يتم إطلاق الغازات المسيلة للدموع داخل الإستادات الرياضية الزاخرة بالمتفرجين، ذات المداخل الضيقة، الموجودة وسط أحياء سكنية مزدحمة، ليهدد البمبان حياة الناس، ويؤذي المرضى وكبار السن داخل البيوت.
* يحدث ذلك مع أول بادرة للشغب، فتتم مساواة البريء المسالم بالمشاغب المتفلت، لذلك نطالب الشرطة بأن تطوِّر أساليبها، وتنشر دورياتها، وتفرض وجودها، سيما في المناطق التي يتوهم المتفلتون أنها بمعزل عن المتابعة الأمنية، مثل شارع النيل الذي باتت الخمور والمخدرات تباع فيه على عينك يا تاجر، بسبب ضعف الحضور الأمني فيه.
* إلغاء قانون النظام العام لا يعني التهاون مع الفوضى، ولا التسامح مع مظاهر التفسخ وأشكال التعدي على القانون.
* نتوقع من وزير الداخلية ومدير عام الشرطة وكل قادة الأجهزة الأمنية أن يولوا التفلتات الحالية عنايتهم التامة، كي يحاصروها بالسرعة اللازمة، ويئدوها في مهدها، داخل العاصمة وفِي الولايات على حد السواء.
* الفوضى تُعدي، والتهاون يُغري بالمزيد من التجاوز، فلا تستهينوا بما يحدث، ولا تتوانوا في مواجهته بالحزم اللازم، قبل أن يستشري وتستحيل السيطرة عليه.