صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

“عندما يتحول الاتحاد إلى تحالف!”

44

العمود الحر
عبدالعزيز المازري

“عندما يتحول الاتحاد إلى تحالف!”

قصة انتخابات تبدأ بالحرب وتنتهي بتدوير الكراسي!
*”في زمن الحرب… الكرسي ينتصر!”*
في بلادٍ تتقاذفها النيران، وتتآكل فيها المؤسسات، وتتراجع فيها الأولويات، لم يعلُ صوت فوق صوت المعاناة… إلا صوت الكرسي!
وفي توقيت تتوقف فيه البطولات، وتُطفأ فيه الأضواء، وتغيب فيه أبسط مقوّمات النشاط الرياضي، يخرج علينا اتحاد كرة القدم بخطوةٍ لا يمكن وصفها إلا بالعبث: تقديم موعد الجمعية العمومية لانتخاب مجلس جديد، وكأن الواقع مهيّأ لمثل هذه الخطوة، وكأن الساحة تنعم بالاستقرار وتفيض بالعدالة.
أيُّ منطقٍ هذا؟
كيف يُعقل أن تجرى انتخابات في بيئة تفتقد التوازن؟ في وقتٍ لم تلتئم فيه شتات الكرة السودانية، ولم تُفتح فيه الملاعب، ولم تُستعد فيه الثقة؟
لكن الحقيقة أن ما يُدار اليوم ليس عملية انتخابية… بل توزيع مقاعد على مقاسٍ محدد، بلا منافسة، بلا مشاركة حقيقية، بلا روح.
تقديم الموعد لم يكن عفويًا، بل خطوة محسوبة بدقة لعزل المنافسين، وتحييد الأصوات الحرة، وتكريس واقع مكرور، يضمن بقاء نفس الوجوه التي ساهمت في تفاقم الأزمة.
هذه ليست مجرد انتخابات، بل نسخة مقلّدة من مشهد معروف: تعليب النتيجة قبل فتح الصندوق، وتوزيع الكراسي قبل اكتمال النصاب، وحجب الأندية والاتحادات بدعوى الظروف… وكأن اللعبة لا تحتمل الشراكة، وكأن “التمكين” بات مرادفًا للإدارة!
الأسوأ من ذلك، أن تُزجّ أسماء محترمة في ترشيحات مُغلّفة، لتجميل مشهدٍ كُتب في الكواليس.
لكن الوعي كان حاضرًا… والدكتور حسن برقو ورفاقه اختاروا الانسحاب من هذا العبث، لا لأنهم فقدوا الرغبة، بل لأنهم أدركوا أن الكرامة أغلى من المقعد، وأن الشفافية لا تُشترى.
ثم ماذا نقول عن نظام أساسي مختلف عليه؟
ما أُجيز في بورتسودان بات نسخة مشوهة، وما يُعرض الآن لا يجد اعترافًا حتى بين أصحابه، بل طُعِن فيه أمام الجهات المعنية، لأن فصول اللائحة الجديدة كُتبت بمنطق السيطرة، لا بالشراكة.
هل هذه هي كرة القدم التي نرجوها؟
لعبة تُدار في غرف مغلقة، وتُقصى منها الأندية، وتُستثمر فيها الظروف لصالح أفراد، بينما تنهار المؤسسات تحت عبء الارتجال والانفراد؟
من يختزل الرياضة في كرسي، لا يعرف معناها.
ومن يُقصي الشركاء، لا يملك شرعية تمثيلهم.
ومن يعدّل اللوائح في الخفاء، لا يثق في صناديق الاقتراع.
نحن لا نحتاج إلى جمعيات تُعقد على عجل، بل إلى *مؤتمر وطني رياضي صادق*، يعيد الاعتبار للعدالة والشفافية، ويصون المؤسسات من هذا العبث المقنن.
أما الشرفاء؟
فلا ينبغي أن يكونوا ستارًا في مسرحية عنوانها معروف ونهايتها مكررة.
بل عليهم أن ينسحبوا بوضوح، لأن ما يُراد لهم هو أن يكونوا “ديكور نزاهة” في مسرح مفبرك.
**الكرسي انتصر؟ نعم…
لكن اللعبة انهزمت.
والتاريخ؟ لا يُكتب في بيانات مغلّفة،
ولا بأصوات تُنتقى على المقاس.**
**هذه ليست انتخابات…
هذه مناورة في ملعب بلا جمهور،
وصافرة الحكم… مباعة!**

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد