تناولت في مقالين خلال الأيام الماضية موضوع صيانة بعض الاجهزة في مستشفى الذرة ومحاولة شركة بايولاين الحصول على امتياز الصيانة وتوريد رغم فشلها في مرتين سابقتين في القيام بالمهمة بالصورة المطلوبة، وقصدتُ من النشر أن أحصل على رد من المستشفى يطمئن المرضى والقراء بأن الإجراءات المعيبة التي كانت تحدث خلال العهد البائد لمنح بايولاين او غيرها امتياز الصيانة بدون اتباع الاجراءات السليمة قد ولت واندثرت ولم يعد لها وجود في زمن الثورة وحكومة الثورة ومستشفى الثورة، ولكن لم تنبث إدارة المستشفى ببنت شفة وظلت صامتة صمت القبور، وصار لزاماً علي من منطلق الأمانة الصحفية أن ألقي بما لدي من اوراق ومعلومات لمنع حدوث كارثة في مستشفى الذرة ستتسبب في معاناة المرضى وحرمانهم من العلاج بسبب منح شركة صيانة اجهزة حساسة فشلت من قبل في صيانتها، مما أدى لتدكس آلاف المرضى بدون علاج وتحويل بعضهم الى مستشفى ود مدني مما أحدث ضغطاً هائلاً عليها وأربك خططها وتسبب في تأخير جلسات العلاج لآلاف المرضى بدون أي مبرر سوى الجشع والانانية..!
تحت يدي خطاب بتاريخ 4 / 2 / 2020 موجه من وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، الإدارة العامة للشراء والتعاقد والتخلص من الفائض الى مدير عام مستشفى الخرطوم لعلاج الاورام (مستشفى الذرة)، الموضوع: تأهيل أجهزة المعجل الخطى A و B ، جاء فيه الآتي:
بالإشارة الى خطابكم بتاريخ 22 / 1 / 2020 بالنمرة م ش خ/ ع أ / م م ع / هـ بخصوص الموضوع اعلاه، ننقل لكم موافقة الإدارة العامة للشراء والتعاقد والتخلص من الفائض على تأهيل أجهزة المعجل الخطى A و B عبر التعاقد المباشر مع شركة بايولاين للتجارة والخدمات المحدودة (الإسم مكتوب باللغة الإنجليزية)، وذلك وفق قانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض واللوائح المنظمة له، وممثلانا في هذه اللجنة هما : ممثل الإدارة السيدة أميمة يوسف (رقم الموبايل …)، وممثل الامن الاقتصادي عبدالله احمدية ابراهيم (موبايل رقم …)، والله الموفق. نادية إبراهيم سوار ع/ وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.
أريدكم ان تلاحظوا عبارة (بالإشارة الى خطابكم)، ما يعني أن إدارة المستشفى هي التي طلبت قيام بايولاين بالمهمة، وهي نفس الشركة التي فشلت في القيام بها من قبل، ونتساءل: لماذا بايولاين بالتحديد رغم فشلها وعجزها في المرات السابقة، وما هو السر في ذلك، ونأمل في إجابة من إدارة المستشفى التي يبدو أنها غارقة في غرام بايولاين لأمر لا يعلمه إلا هما !
كما أريدكم أن تلاحظوا عبارة (عبر التعاقد المباشر) .. ما يعني ان وزارة المالية التي يفترض ان تكون الأكثر حرصاً على تطبيق القانون واللوائح الادارية والمالية وعدالة توزيع الفرص في مثل هذه العمليات، توافق على انتهاك القانون والسماح للمستشفى بالتعاقد المباشر مع شركة بعينها هي (بايولاين) وليس بالتنافس الحر الذي يتيح حصول الاكثر كفاءة والافضل عرضاً على امتياز صيانة الأجهزة، والمؤسف ان هذه الشركة فشلت مرتين من قبل في عامي 2016 و2018 في القيام بمهمة صيانة الاجهزة وتسببت في حرمان الآلاف من العلاج ومعاناة الكثيرين في رحلات شاقة جدا الى مستشفى الذرة بود مدني والانتظار شهوراً واياماً طويلة للحصول على العلاج وهم يعانون من مرض لا يحتمل الانتظار والتأخير والإرهاق والمعاناة، ورغم ذلك تحصل على امتياز صيانة الاجهزة للمرة الثالثة، وبالتعاقد المباشر وليس المنافسة الحرة..!
ولذر الرماد في العيون، فإن المستشفى تعلن عن عطاء في الصحف اليومية تطلب فيه من الشركات التقدم لصيانة الأجهزة، بينما يتم ترتيب شيء آخر في الخفاء !
مرة أخرى أتساءل: إذا كان لبايولاين من يسندها خلال عهد النظام البائد، فمن الذى يسندها الآن في زمن اعتقدنا فيه ان الفساد ولى وفات، وآل الأمر لأشخاص فوق مستوى الشبهات، أم أننا مخطئون؟!
الجريدة
_