– حققت ثورة الشباب في ميدان الإعتصام أمام القيادة العامة أكبر تجمع في تاريخ الشعوب وجمعت كل أطياف الشعب السوداني في تلاحم يؤكد عظمة هذا الشعب وكانت الأغلبية للشباب من الجنسين شباب غض في عمر الزهور يحلم بمستقبل أفضل حملوا هم الوطن في قلوبهم ينشدون التغيير والخلاص من نظام مستبد فاشي فاسد جثم فوق ظهورهم وكتم أنفاسهم ووأد أحلامهم وسرق أجمل سنوات عمرهم وبدد أمنياتهم وأجبر بعضهم علي ركوب سنبك البحار والمحيطات تفاديا للركوب في سنبك الكيزان والإحباط والحل كان كامنا في الانتفاضة والثورة على هذا النظام العسكري الكيزاني الفاشي فالثورة ضدد الإستبداد واجب شرعي ورفض الظلم أمر إلهي لذلك كان خيار الإعتصام ولم يكن للزمن أهمية شهراً أو اثنين أو حتى سنة وأكثر فلا عودة للوراء واقتلاع النظام الكيزاني كان هو الأهم ولا بد أن تستمر ثورة الحرية والسلام والعدالة فاعتصموا وهم على ثقة بتحقيق أهدافهم السامية ودخل على هؤلاء الشباب المعتصمين شهر رمضان بكل طقوسه مما زادهم إيمانا بقضيتهم وعدالة مطالبهم واعطتهم نفحات هذا الشهر دفعة روحية وكان ميدان الإعتصام بمثابة مدينتهم الفاضلة التى يحلمون بها وفي خواتيم الشهر بدأوا يجهزون للاحتفال بعيد الفطر ولصلاة العيد ولكن يد الغدر أبت إلا أن تحرمهم من صلاة العيد بمحراب مدينتهم الفاضلة وداهمتهم عصابات الأمن المختلفة حين غرة فجر يوم 29 رمضان وهم نيام وصيام وبعضهم يستعد لصلاة الفجر وكانت أكبر مجزرة في حق شباب السودان وسالت دمائهم الطاهرة وسقط عدد كبير منهم شهداء وجرحى مع عدد من المفقودين الذين لم يستدل لهم على أثر حتى الآن ومع ذلك لم تلن إرادة الثوار الشباب ولم ينكسروا رغم العنف والقهر من عسكر المجلس الانتقالي واستمرت ثورتهم المجيدة وخرجوا في مليونية 30 يونيو لتأكيد مدنية دولتهم وانصاع العسكر لكلمة الشارع بعد أن أرادو أن يستفردوا بالحكم وعودة نظام الإنقاذ بثوب آخر ثم كان الاتفاق على تكوين الحكومة الإنتقالية بشراكة عسكرية مدنية وتحقق تغيير (الملوك) والحكام ولكن العقبة التي تواجه هذا التغيير وتحد من الإنتقال لوضع أفضل هو أننا لم نغير (السلوك) العام في جميع مناحي الحياة فالاسعار في تصعد مستمر بسبب جشع التجار، والجنيه في حالة إنهيار بسبب تجار العملة وانعدام الوقود والسلع الأساسية بسبب التهريب والتخزين، والأوساخ والقاذورات تملأ الشوارع والطرقات ، والتعدي علي الشوارع الرئيسية والطرق من الباعة الجائلين امتد وازداد ، والفوضى المرورية تضرب أضنابها ، و الأنانية عمت وانتشرت ، أنانية في صفوف الطريق من سائقي السيارات وأنانية في صف الوقود وفي صف الخبز وعدم نظام وزحام ، وغرف وحيشان بالزنك الأمريكي تحتل الشوارع وتزيدها ضيقا ، وغش في الأوزان وجودة الزيوت والألبان ، وأصحاب المخابز يعملون دون حسيب أو رقيب ، والرغيفة أصبحت في حجم غطاء القارورة والتلاعب بالدقيق يجعل الطفل يشيب وأزمة الترحيل المواصلات استعصى حلها علي الحالي والفات من المسؤولين في شركة المواصلات ، وأصحاب الحافلات يزيدون التعريفة ويقسمون (الخطوط) ولا يبالون لمن يحتج و(يجوط) ، وعصابات خطف ونهب في وضح النهار (نيقرز وابو صبة) وغيرهم من العصابات المنفلتة ، وهيمن على الرياضة الدخلاء والارزقية والمطبلاتية وأصحاب السوابق ، انحضاض عام في الأخلاق والسلوك العام ، والغناء أصبح (طاسو وأحييي يا لطيف) ، أما الوضع العلاجي فهذا كلام تاني فإذا مرضت وذهبت للمستشفى بس (تموت) لا دواء ولا حقن ولا دربات ولا (شاش) ولا علاج من (الأساس) والمتوفرة هي ورقة شهادة الوفاة ويرسلوك للمقابر (راس) ، والتعليم يعاني من وضع أليم الرسوم والجبايات أصبحت أهم من الدراسة والمقررات ، والمدارس الخاصة على قفا ما يشيل ومنتشرة في الأحياء أكثر من (الكناتين) ، لقد أصبح كل فرد يتطلع للثراء (السريع) ومن بعده البلاد تحرق و(تضيع) ، ومحلات البيع المخفض لم تساهم في حل ارتفاع الأسعار بل زادت في اشتعال النيران وهي (أكذوبة) انطلت علي الأسر (المغلوبة) .. انعدم الضمير وغابت (الانسانية) ولا بد من وقفة قوية حتى لا تضيع وتندثر الموروثات والمثل والمبادئ (السودانية) وإذا لم نتخلص من هذا الإرث من السلوك السالب الذي تركه لنا نظام أخوان الشيطان وتجار الدين فلن تقوم لنا (قائمة) حتى يوم (القيامة) ولا فائدة من تغيير نظام لا يعقبه تغيير سلوك وأخلاق .. لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
– والله المستعان