صَـابِنَّهَا
محمد عبد الماجد
فلوران.. إنتبه أمامك لجنة تفتيش!
أحياناً كثيرة، تكون الضغوط بسبب تخوفك منها، وتكون العقبات بسبب توجسك. الإرهاق والتعب هو إحساسٌ (نفسي) قبل أن يكون إحساساً (جسدي).. قيل إن المرض يبدأ من الجانب (النفسي) ثم ينتقل بعد ذلك إلى الجانب (العضوي).
لا تصنعوا (متاعبكم) بأيديكم.
الإرهاق والضغوط التي يعاني منها الهلال الآن، هي نفسية.
ـ في الواقع الهلال لم يتعرض لضغوط حتى الآن، وحتى التي تعرض لها الهلال هي طبيعية وهي جزءٌ أساسي في كرة القدم ـ لا توجد كرة قدم بدون ضغوط، إذا أراد الهلال أن يلعب بدون ضغوط، عليه أن يلعب لعبة أخرى غير كرة القدم، أو عليه أن يلعب كرة القدم ليس من أجل الانتصارات والبطولات والمُتعة، وإنما من أجل المشاركة والنزهة، وقتل الوقت.
الدورات الرمضانية فيها (ضغوط).
أي منافسة فيها ضغوطٌ، بما في ذلك منافسات راقية مثل السباحة والتنس وسباق الخيول، والحياة بصورة عامة مليئة بالضغوطات، إذ تتغلب على الصعاب بتغلبك على الضغوط، والبطولات في منافسات كرة القدم تتحقّق بعد أن تتجاوز الضغوط.
سوف أذهب أبعد من ذلك وأقول إنّ الضغوط أحد مكونات أي منافسة وهي تمنح المنافسات الإثارة والتشويق، وتجعل للانتصارات والبطولات طعماً أحلى.
أقول ذلك لأنني لاحظت في الفترة الأخيرة أنّ الهلال أضحى يشكو بصورة دائمة ومستمرة من الإرهاق وضغط المباريات، وقد انعكس ذلك على الجهاز الفني للهلال الذي أصبح يتعامل مع المباريات على هذا الأساس.
برمجة الدوري الموريتاني نموذجية، وهي برمجة مريحة جداً.. يلعب أي نادٍ فيها مباراة واحدة في الأسبوع، ومعظم مباريات الدوري تُلعب في ملعب واحد، إذ يلعب الهلال في ملعب شيخا ولد بيديا، والهلال لم يغادر هذا الملعب إلا مرة أو مرتين، وهذا يعني أنّ الهلال لا يتعرض لإرهاق السفر والانتقال من مدينة إلى أخرى، إذا كان الهلال في الدوري السوداني يلعب في الفاشر ثم يلعب بعد أقل من أربعة أيام في أم درمان أو في بورتسودان.
في شهر فبراير الحالي، يلعب الهلال خمس مباريات في الدوري الموريتاني، وقد جاء الهلال لتلك المباريات بعد راحة سلبية امتدت لاكثر من أسبوعين، راحة منحت للهلال دون كل الأندية المشاركة معه في البطولة الأفريقية، إذ يلعب الأهلي المصري وصن داونز الجنوب أفريقي ومولودية الجزائر والترجي التونسي وبيراميدز المصري والجيش المغربي وأرولاندو الجنوب أفريقي في دوريات بلادهم، مباراة كل ثلاثة أيام بعد أن برمج لبعضهم مبارياتهم التي كانت مؤجلة إلى جانب برمجة الدوري، عكس الهلال الذي برمجت له مباراة مؤجلة واحدة في فبراير أمام كيهيدي خسرها الهلال بالتعادل.
لعب الهلال في فبراير أمام الجمارك يوم 8 فبراير، ثم لعب بعد ثلاثة أيام أمام كيهيدي يوم 11، وسوف يلعب بعد ذلك مباراة بعد كل خمسة أيام دون أن تكون هنالك مشاركات قارية للهلال أو مشاركات للفريق القومي.
عن أي ضغوط وإرهاق يشكو الهلال، أو دعوني أقول عن أي هواجس يتحدث فلوران ليتعامل بهذه الفوبيا مع الهلال وهو يلعب مباراة مهمة كانت سهلة وفي المتناول أمام كيهيدي وهي مباراة بثلاث نقاط مثل مواجهات الهلال الأخرى في الدوري.
لماذا فرّط الهلال في هذه النقاط وهو يلعب في بطولة مهمة، الفوز بها سوف يسجل في التاريخ وسوف يكتب في السجلات بأن الهلال فاز بالدوري الموريتاني، وهو أمرٌ لن يتحقق مرة أخرى، ولن يكون متاحاً للهلال أو لغيره ليلعب في دوري آخر غير دوري بلاده ويفوز به.
نحن ننظر إلى القوة والعزيمة والإصرار التي تلعب بها الأندية الموريتانية أمام الهلال وهي تبحث عن شرف الفوز عليه أو التعادل معه أو حتى هز شباكه فقط، فلماذا يلعب الهلال بهذا الاستهتار والتهاون واللا مبالاة، ولماذا يريح المدير الفني للهلال كل عناصر الفريق الأساسية ويلعب بعض المباريات بتشكيلة لا أظن أنها اجتمعت في تمرين واحد؟!
إحدى مميزات فلوران العظيمة أنّه صنع توليفة كبيرة من لاعبي الهلال، وأنه منح كل اللاعبين الفرصة للمُشاركة، بما في ذلك الطيب بن زيتون الذي أحسب أنّ الصبر عليه أكثر من ذلك مضيعة للوقت، ومضيعة للنقاط.
هنالك عناصر يجب أن تغادر كشوفات الهلال والفريق لن يستفيد منها مستقبلاً، فلماذا يمنحها الهلال فرصة المشاركة، هل يريدون أن يعلمونَا احتمال الصبر.
في الفترة الأخيرة لم تغضبني نتيجة مباراة قدر ما أغضبتني نتيجة مباراة الهلال و”كيهيدي، وهي أوجاع أشبه بأوجاع الخسارة أمام الشمال، خسر الهلال نقاط تلك المباراة لأنه لعب باستهتار وتهاون، ولأنه لم يمنح الفريق قدره، وقد تسبّب في ذلك الشعور، فلوران الذي أشاع تلك الروح لأنه يلعب بعض المباريات بتشكيلة انهزامية، تشكيلة متنافرة وغريبة لا تجتمع حتى في تقسيمة تمرين.
مُمكن أن يُتيح فلوران الفرصة للبدلاء ليشاركوا بنسبٍ مُتفاوتة في كل المباريات إلى جانب العناصر الأساسية، ولكن غير مقبول أن يشارك كل البدلاء في تشكيلة واحدة لتأتي مُشاركة الأساسيين كبدلاء لهم في المباراة خصماً على الفريق.
أفهم أن يبدأ فلوران بالعناصر الأساسية، وبعد حسم نتيجة المباراة له أن يشرك خمسة لاعبين من البدلاء غير مقبول أن يفعل فلوران العكس ويشرك الأساسيين بعد أن تتعقّد المباراة وتزيد عليهم الصغوط، وتتصعّب عليهم المباراة، ويُعرِّضهم بذلك للحرج والإصابات والانهزام.
أعلى متوسط مباريات بعض اللاعبين في الدوريات الكبرى في الموسم المُنصرم وصل إلى 75 مباراة في موسم واحد، لهذا شكوى الهلال من ضغوط المباريات أمرٌ مرفوضٌ.. الهلال يلعب في البطولة الأفريقية، وإذا وصل الهلال للنهائي سوف يكون عدد مبارياته فيها 16 مباراة، في حين أنّ مباريات الهلال في الدوري الموريتاني سوف تكون 30 مباراة وبأيِّ حال من الأحوال، فإنّ مباريات الهلال في السوبر السوداني لن تتجاوز 10 مباريات، وهذا أمرٌ سوف يجعل عدد مباريات الهلال في المنافسات الرسمية في هذا الموسم 56 مباراة، أعلى لاعب في الهلال سوف يكون لعب من هذه المباريات 45 مباراة، وهذا معدل طبيعي ونموذجي للاعب كرة القدم.
مباريات المنتخب حتى يونيو أو يوليو القادم أو أغسطس نهاية الموسم لن تتجاوز 25 مباراة كحد أقصى، ليكون عدد المباريات في هذا الموسم كحد أقصى أو خرافي 81 مباراة، أعلى مشاركة لاعب فيها لن تتجاوز 60 مباراة، وأيضاً أتحدّث كحد أقصى، رغم إيماني التام أنه لا يوجد لاعب يمكن أن يصل لهذا العدد من المباريات، بما في ذلك محمد عبد الرحمن الغربال الذي يشارك مع المنتخب والهلال بصورة مستمرة، لذلك طالبنا وجود بديل له في الهلال على مستوى عالٍ، ولكن مجلس إدارة الهلال اكتفى أن يكون بديله الطيب بن زيتون الذي لا يصلح أن يكون بديلاً للغربال في مقعد حافلة متجهة إلى الإستاد!!
إذا أراد أن يلعب فلوران بالبدلاء، على مجلس الادارة أن يجلب له بدلاء في قامة وقدر الأساسيين.
الهلال هذا الموسم سوف يكون مُعرّضاً لحدث تاريخي وهو حدثٌ مهمٌ وجميلٌ، ويجب أن يزيد من حوافز الهلال ودوافعه وهو المشاركة في الدوري الموريتاني والدوري السوداني في موسم واحد.
تخيّلوا كيف يكون الحال لو فاز الهلال بالدوري الموريتاني والدوري السوداني معاً، هذا الأمر سوف يكون حدثاً فريداً، وسيكون مثل الظواهر الكونية التي لا تتكرّر إلا مرة واحدة في القرن.
لماذا لا يشعر الهلال بقيمة هذا الأمر والذي سوف يجعل العالم كله يقف أمام الهلال إذا حقّق في هذه الحرب بطولة الدوري الموريتاني والدوري السوداني معاً ـ الكاف والفيفا سوف يقفان أمام هذا الإنجاز بشئٍ من الدهشة والاحترام.
لماذا يريد الهلال أن يضيّع إنجازاً تاريخيّاً في يده وهو يهدر نقاطاً بصورة تجعلك تشعر أن الهلال كأنه يتبرّع بتلك النقاط في الهواء.
إذا كان هناك مجلس إدارة يجب أن يحاسب الجهاز الفني، ويحاسب اللاعبين على إهدار نقاط بصورة مستفزة.
لا تحسبوا أنّ الهلال عرضة للإرهاق والضغوط لأنه يُشارك في ثلاث مُنافسات مختلفة في موسمٍ واحدٍ، إذ يُشارك الهلال في مُنافستين محليتين ومُنافسة قارية واحدة، علماً بأنّ الأندية الأوروبية تُشارك في ثلاث مُنافسات محلية وهي الدوري 38 مباراة، إلى جانب كأس الاتحاد، وكأس الرابطة، ليصل عدد مباريات الفريق في منافسات بلاده إلى 55 أو 60 مُباراة دُون مُشاركات الفريق في البطولة القارية والمُشاركة مع المنتخب، علماً بأنّ بعض الأندية تُشارك في أكثر من بطولة قارية في الموسم، مثل ريال مدريد الذي يُشارك في بطولة دوري أبطال أوروبا وفي بطولة كأس العالم للأندية وبطولة السوبر الأوروبي، وقد يصل عدد المباريات في الموسم الواحد للفريق إلى 90 مباراة، يُشارك بعض اللاعبين في 75 مباراة أو 70 منها.
الأهلي المصري يُشارك هذا الموسم في الدوري المصري وفي كأس الرابطة المصرية وفي السوبر المصري بعد الانسحاب من كأس مصر، وقارياً يُشارك الأهلي في السوبر الأفريقي وفي دوري أبطال أفريقيا، وعالمياً يُشارك في بطولة كأس العالم للأندية مرتين في موسمٍ واحدٍ، علماً بأنّ معظم عناصر الأهلي تلعب للمنتخب المصري، ويلعب كل المحترفين الذين يلعبون في الأهلي لمنتخبات بلادهم، عكس الهلال الذي يلعب من 12 محترفاً، ثلاثة أو أربعة فقط لمنتخبات بلادهم.
مباريات الهلال في الدوري الموريتاني والدوري السودان لن تتجاوز 40 مباراة، وقد تكون المباريات في المنافستين 38 مباراة وهو عدد المباريات في الدوري الإنجليزي.
لذا على الهلال وعلى المدير الفني أن يبدِّدا الإحساس بالإرهاق والضغوط، وأن يتخلّص من هذا الهاجس، وليس لدينا لهم غير أن نقول (وكان تعب منك جناح في السرعة زيد).
على لاعبي الهلال إذا شعروا يوماً بالتعب والإرهاق أن يتذكّـروا أنّ الشعب السوداني وجماهيرهم المنتشرة في بقاع الأرض تُعاني من الحرب وتعيش رحاها تحت الرصاص والحصار والموت الزؤام.
عليهم أن يتذكّروا معاناة شعبهم وبعض المناطق أصبح فيها البصل والخبز والسكر والكهرباء من المُستحيلات مثل الغول والعنقاء والخل الوفي.
في بعض مناطق الحرب (الماء) أصبح أغلى من (الدماء)، إنّنا لا نشيع تلك الأزمات ولا نتحدّث عنها حتى لا نشيع بين الناس الطاقة السلبية.
عن أيِّ مُعاناة يتحدّث لاعبو الهلال والناس في بلدي فقدوا أولادهم وأموالهم، وخرجوا من بيوتهم التي لم يعد لهم فيها غير مجرد ذكريات!!
تذكّـروا مُعاناة هذا الشعب الذي اكتفى أهله بوجبة واحدة في اليوم خالية من الدهون والنشويات والسكريات، وجبة خالية من كل شئ إلا اليقين والقناعة.
تذكّـروا أنّ أبناء هذا الشعب فشلوا في أن يوفروا أونسلين مرض السكر وحبوب الضغط وبخاخات الأوكسجين وأدوية القلب ومُسكِّنات الجراح وحبوب حفظ الحياة، ولبن الأطفال، مع ذلك لا يتحدّثون عن المعاناة، وعندما يتقابلون، يتقابلون بالسلام، ويتبادلون بالسلام، ويتحدّثون بالسلام، لم يفقدوا كرامتهم ولا سمرتهم ولا عيونهم العَسَلِيّة، ولا ابتسامتهم التي تحدّوا بها جور الزمان وبطشه.
هذا الشعب لم تزده المعاناة إلا سلاماً سلاماً، لم يحملوا الغل ولا الغبن وهم يتعرّضون لأسوأ الحروب، لأنّ صدورهم لا تحمل غير الصَـفح والحُـب والسّـلام.
على لاعبي الهلال أن يعلموا أنّ جماهيرهم في الكثير من المناطق فقدت الأمن والأمان، بل وفقدت الحياة ولم يفقدوا شغفهم بالهلال.
في هذه الظروف الصعبة، لا نطلب دعماً من الأمم المتحدة، ولا نريد منحة من البنك الدولي أو إغاثة من دول الخليج ـ نحن أقوياء بسودانيتنا، في هذه الظروف الصعبة كانوا لا يريدون غير أن ينتصر الهلال فينسيهم انتصار الهلال مُعاناتهم وجوعهم ومرضهم وأحزانهم الكبيرة.
نحن ندعم فلوران ونقف معه ونعترف بفضله، ولكن لا ينسينا دعمه له أن ننتقده عندما نرى أنه أخطأ، لأنّ أكثر ما يحتاج له عندما يخطئ أن نُصوِّبه ونُصحِّحه.
قد يختلف معنا البعض في تلك الرؤية، ولكن قناعتنا تقودنا إلى ذلك، علينا أن نكتب بقناعتنا نحن لا قناعة الآخرين.. والكاتب عليه أن يكتب بقناعته هو حتى وإن كانت غير صائبة، وهذا أفضل من الكتابة بقناعات الآخرين وإن كانت صائبة.
الذين ندعمهم ونُساندهم أفضل ما يُمكن أن نقدمه لهم ونُساندهم به هو أن ننتقدهم، وأن نصل مرحلة الهجوم عليهم إن رأينا وقوعهم في الخطأ.. لن ننافقهم ولن نجاملهم ولن نسكت على الخطأ.
على فلوران أن ينتبه ويعلم أننا نلعب في الدوري الموريتاني للفوز به وليس لمجرد المشاركة والإعداد، من ثَمّ عليه أن يعلم أنه إذا فقد الدوري الموريتاني وخسره، فإنّ إعداده سوف يكون لا جدوى منه، لأن خسارة الدوري قد تطيح به من الجهاز الفني للهلال.
أي إعداد يقوم بعيد عن الانتصارات، يبقى إعداداً محفوفاً بالمخاطر والمهالك والضياع.
أهم عُنصر تبني به إعدادك هو عُنصر الانتصار.
لذلك لا مرحب بفلوران، ولا مرحب بمجلس إدارة نادي الهلال، ولا مرحب باللاعبين الوطنيين والمحترفين إذا خسروا الدوري الموريتاني، وخسارة الدوري الموريتاني تعني خسارة الدوري السوداني والخروج من البطولة الأفريقية من الدور القادم.
…
متاربس
وليس عندي لكم أكثر من ذلك.
وقد أسمعت إذ ناديت حياً.
هذا لا يمنعني أن أشيد بعلي عبد الله كبه وكردمان وكنن وخيري سليمان.. ولكن مثل هذه الخسائر قد تقضي على مواهبهم، فهم شركاء في الخسارة.
أي محترف جديد سوف يكون أفضل من الطيب بن زيتون، على، العليقي أن لا يجهد نفسه كثيراً ويرهقها بالبحث عن محترف سوبر.
سجِّل من طرف يا العليقي سوف يكون أفضل من الطيب بن زيتون.
مُنح الطيب بن زيتون فرصاً كانت كفيلة أن تجعله هدافاً للدوري الممتاز.
أين جان كلود؟
أين روفا؟
أين إيمي؟
أين ياسر مزمل؟
أين بوغبا؟
الآن علمنا برحيل علي قاقارين .. رحمة الله عليه .. سوف نعود لذلك.
نحن خارج الشبكة .. رسالة الواتساب تصل بعد 24 ساعة.
..
ترس أخير: اللهم ألزمنا الصَّــبر.