من أسوار الملاعب
حسين حلال
فوز منتخبنا يعيد الثقة المفقودة في “كان المغرب 2025”
اقتلع منتخبنا الوطني فوزاً ثميناً أمام منتخب غينيا الاستوائية بهدف دون مقابل، جاء عبر عيسى من كرة ثابتة ارتطمت بقدم المدافع الغيني وغيرت اتجاهها إلى الشباك في منتصف الشوط الثاني، في مباراة غلب عليها الحذر التكتيكي، خاصة خلال شوطها الأول.
دخل لاعبو منتخبنا اللقاء دون اندفاع هجومي مفرط، خشية استغلال المنتخب الغيني للمساحات في المناطق الخلفية، فاعتمد الجهاز الفني على دفاع المنطقة الكامل، وكان الانضباط التكتيكي العنوان الأبرز، مع تلافي سلبيات مباراة الافتتاح أمام الجزائر، التي شهدت اندفاعاً هجومياً على حساب الواجبات الدفاعية.
لعب كواسي أبياه برسم تكتيكي 4-3-3، بتشكيلة ضمت:
منجد في حراسة المرمى، كرشوم وأرنق في قلب الدفاع، شادي عز الدين في الرواق الأيمن، وبخيت خميس في الجهة اليسرى، وفي وسط الميدان بوغبا، عمار طيفور، وعبد الرؤوف، خلف ثلاثي المقدمة محمد عبد الرحمن (الغربال)، عامر، ومحمد عيسى.
وشهدت المباراة مشاركة عنصرين من المحترفين، شادي عز الدين وعامر، حيث قدما مردوداً جيداً في الاستحواذ والتمرير السلس. وظهرت خطورة اللاعب الأسترالي عامر من خلال انطلاقاته ومرونته في اللعب بين الخطوط، في أول ظهور دولي له، رغم التحفظ الواضح من المدرب أبياه، إلا أن المؤشرات بدت واعدة لمستقبل إيجابي مع المنتخب.
في المقابل، واصل بخيت خميس معاناته في الكرات العرضية، التي افتقدت الدقة، وكانت في أغلبها تحت سيطرة دفاعات غينيا بيساو. وشكّل المنتخب الغيني خطورة متواصلة على مرمى منجد، الذي دافع عن مرماه بثبات، إلى جانب التألق اللافت لقلب الدفاع محمد أحمد أرنق، الذي أبعد ثلاث فرص محققة من داخل منطقة الستة ياردات، مدعوماً بالانسجام الكبير مع كرشوم.
أظهر الشوط الأول توازناً نسبياً في وسط الملعب، حيث لعب بوغبا دوراً محورياً في تهدئة اللعب وتأمين الساتر الدفاعي أمام التحولات السريعة للمنافس، بينما كان عمار طيفور أقل بريقاً مقارنة بما قدمه في كأس العرب، في حين لا يزال عبد الرؤوف يبحث عن مستواه المعهود. هجومياً، لم يقدم الغربال الأداء المنتظر، بينما كانت لمسات اللاعب الأسترالي اللافتة هي النقطة الأبرز، رغم حداثة تجربته الدولية. انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي، مع أفضلية نسبية للمنتخب الغيني، الذي كان الأخطر هجومياً.
في الشوط الثاني، فرضت قناعات كواسي أبياه نفسها، وبرز دور “شوط المدربين”، خاصة بعد التغييرات التكتيكية التي صنعت الفارق، بنزول ياسر مزمل وجون مانو. نشطت الجبهة اليمنى بفضل سرعة ياسر مزمل، مستفيداً من نزول عامر إلى العمق وتبادل المراكز، بينما شكّل مانو مع الغربال في الجهة اليسرى مصدر تهديد حقيقي لمرمى غينيا بيساو.
أهدر منتخبنا عدة فرص محققة عن طريق مانو وعيسى، بسبب عدم التوفيق، في وقت كثف فيه المنتخب الغيني ضغطه الهجومي مستغلاً تراجع المجهود البدني للاعبينا، ومحاولاً العودة في النتيجة. هذا الوضع أجبر أبياه على تعزيز المناطق الخلفية، وتحويل النهج التكتيكي من 4-3-3 إلى 5-3-2، بخروج الغربال وإقحام الطيب عبد الرازق كقلب دفاع ثالث بجانب كرشوم وأرنق، مع خروج شادي عز الدين ودخول عوض زائد لتأمين الأطراف.
حتى صافرة النهاية، حافظ منتخبنا على تماسكه، ونجح في الخروج بفوز ثمين بهدف دون رد، أعاد الابتسامة الحائرة، وجفف دمعة وطن أنهكته ويلات الحروب والانقسامات، لكنه ما زال متشبثاً بكبريائه وأمله.
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة…
وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرام.


