زووم
ابوعاقلة اماسا
قروبات المريخ مثل الأحزاب السودانية..!
* عشنا أياماً جميلة في مجتمع المريخ، ويوماً من الأيام كانت جلسات السمر ذاخرة بالعلماء والمفكرين من كل المستويات، في حوار مباشر وممتع بين أجيال مختلفة في فناء النادي، حيث جالسنا علماء الإقتصاد ونجوم الفن والسياسة والمجتمع، وأهرامات الرياضة.. وفعلا كان المريخ وقتها عالم جميل، حيث يطوق الجميع شيء من الود النبيل الذي يجعلنا نجلس كمستمعين لكل من يتحدث من الكبار، إذا تطرقوا للقضايا الإقتصادية أزالوا الإستفهامات، وإذا تحدثوا عن السياسة كانوا عمالقة، وإذا انفتحت قرائحهم على الفن أمتعوا، وإذا قالوا عن المجتمع والناس والأعراق والأسر أدهشوا الناس ثقافة وحسن مخاطبة، وحديث بعضهم شعراً مرسلاً بالقوافي، ونثر مموسق ترتاح النفوس على ضفافه، وكان المجتمع المريخي كله ما بين أدب واحترام القيادات والنجوم ودفء المكان وضوابطه الصارمة..
* حتى الخلافات كانت بأدب، ولا تجد من يختلف معك بهذا الشكل الذي نعيشه هذه الأيام، بل يحدد النقاط التي يختلف عليها، والأسباب التي تدعو للتحفظ.. ومتى زالت الأسباب إنتهى الإختلاف..!
* أما في هذه الأيام.. فحدث بلا حرج.. حيث لا مكان للود بين الناس، وقروبات الواتساب والفيس مسارح للإغتيالات وإزكاء نيران الصراعات أكثر من المساهمة في بناء المجتمع، ولا أقصد بالمساهمة تلك المساهمات المادية والنفرات التي ينظمها البعض ويسلمونها للمجلس أو تضيع في الطريق… لا أقصد هذه.. بل أقصد تحديداً مساهمة الناس في تثبيت المفاهيم المجتمعية التي توجه الصراعات إلى حيث الهدف.. لذلك أجد أوجه شبه إلى حد التطابق بين قروبات المريخ والأحزاب السياسية المنتشرة هذه الأيام بشكل وبائي خطير دون أن تتفق على أهداف عليا.. هي ذات التفاصيل التي تقسم قروبات النادي على أساس الولاء للأفراد والشلليات.. والأحزاب على أساس مصالح ذاتية وطموحات بائسة لأقطابها.. وهنا وهناك تتحول المواقف ما بين معارض ومساند.
* من يريد أن يعرف أسباب تدهور المريخ كناد يدخل هذه القروبات يمكث فيها ليراقب مايجري عن كثب.. وحتماً سيجد الناس في حالة تطاحن، ولا يكاد أحدهم يستمع للآخر، ولا يقبله بطيب خاطر.. مع حالة من التنكر وعدم الإحترام للقيادات.. بحجج مختلفة وووجهات نظر غير منطقية ولا تنسجم مع واقع المريخ المعاش..
* كلهم في حالة من (العطاس) نتيجة (فلفل) الخلافات الحار ، وقد فصلت ذلك من قبل وقلت أن البعض يتعامل مع المريخ الإفتراضي بمنطق ذلك الإنسان البسيط الذي يستلقي على ظهره في بادية نائية ويحلم بوجبة من أفخم المطاعم… أو راعي ضأن في الخلاء يذهب في غمضة قيلولة ويحلم بأنه يتجول في (منهاتن) في نيويورك..!
* نحن بحاجة للتعامل مع مريخ واقعي لا يختزل الأشياء ولا يبذلها ولا يختصر القيم الإجتماعية ويقفز عبر الأسافير دون أن يكون هنالك عمل حقيقي في بناء القيم والأمجاد، فنحن نعيش في مجتمع هتافي يهتف لكل العمائم الفخيمة والسيارات الجميلة وإن كانت رؤوس أصحابها خاوية على عروشها.. وحتى عندما يكون لدينا نموذج لإداري ناجح نختصر تقييمنا له في (ماذا لديه)؟.. وليس (ماذا يفهم)؟… لذلك نسقط كل مرة من عليائنا ونرسب في مادة المقادير.. وبهذه المعطيات لن نبارح مربع الأزمات، هذا ما لم نغرق في هذا الشبر في كل عام… وبالتالي المشكلة ليست سوداكال أو جمال.. بقدر ماهي مشكلة مجتمع كامل ينتظر المال..!!