في شارع القيادة، المركز الرئيسي للاحتجاج بالخرطوم، يستعرض المحتجون السودانيون عشرات العناوين التي كانت محظورة حتى عهد قريب، غير آبهين بمن يمكن أن يكون بينهم من “مندسي” الاستخبارات، حسب ما جاء بصحيفة لوفيغارو الفرنسية.
الصحيفة بدأت تقريرها عن هذا الموضوع بالحديث عن قصة الشاب محمد (21 عاما) الذي يعرض كمًّا من الكتب متعددة المجالات على قطعة صغيرة من الإسفلت في متاهة الشوارع التي استولى عليها المتظاهرون وأغلقوها، وذلك دون الخوف من عين الرقيب.
يقوم محمد في البداية بتفريغ الصناديق الكبيرة التي أحضرها على بسطة في الأرض، لكنه يواجه معضلة حقيقية حول ما يرغب فيه وما يسمح له به الجمهور.
“أريد وضع القصص والروايات هنا، وكتب المؤلفين الأجانب هنا، والكتب التاريخية والسياسية، التي تحقق نجاحا واسعا في هذا المكان”. غير أنه لم يتمكن من تحقيق مراده؛ إذ لم يترك له المحتجون الفرصة، فهذا يقلب صفحات كتاب، وذاك يحرك آخر من مكانه، وثالث يسأل عن عنوان.
وتجد في المعروض (أو المفروش كما يطلق عليه السودانيون) سيرة مارلين مونرو، إلى جانب كتاب “كفاحي” لأدولف هتلر، و”1984″ لجورج أورويل، ومفهوم الحرية عند عبد الله العروي…
لكن الكتب التي تلقى الرواج الأكبر -حسب محمد- هي كتب إيمانويل كانط وكارل ماركس وفيودور دوستوفسكي، لأنها كانت نادرة في السودان، وكذلك كل الكتب التي تتحدث عن السياسة والحرية والثورة، وتلك المتعلقة بدارفور التي كانت محظورة في البلاد.
وبحسب الجزيرة نت فإن صاحب فكرة هذه “المفروشات” هو مسؤول مكتبة كابو الحديثة، المعروف لدى سكان الخرطوم “بالمعلم”، وهدفه منها هو الاستفادة من هذه المساحة الجديدة من الحرية في البلاد لجعل الناس يصلون إلى الأدب والتاريخ المثير للجدل في بلدهم، الذي كانوا محرومين منه جزئيًّا حتى الآن، وهنا يمكن للمرء أن يجد كتبا بأسعار منافسة أو حتى يستعيرها لساعات أو أيام.
كل ذلك يتم تحت أنظار عناصر جهاز الأمن والمخابرات الذين يراقبون سرا ما يتم داخل الساحة ويبلغون مسؤوليهم.