صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لا تُكَـرِّروا غَلطَـة حَـامِـد بريمَـة

16

صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد

لا تُكَـرِّروا غَلطَـة حَـامِـد بريمَـة

كَثُر الحديث عن حارس عزام السابق محمد المصطفى الذي انتقل إليه من فريق المريخ، وهو الحارس الأول للمنتخب بعد أن قدم مستويات أعادت للأذهان أيّام الأسطورة حامد بريمة، الذي كان في عهده أبرز حارس في القارة، بريمة هو الذي نجح في أن يُحوّل هتافات الجماهير من المهاجم وصانع الألعاب إلى حارس المرمى ـ كانت الجماهير عندما يلعب المريخ في الخارج تخرج لاستقبال حامد بريمة منفرداً بعد أن سبقته سُمعته، وكان بريمة رحمة الله عليه لاعباً مشهوراً ومعروفاً في مجاهل أفريقيا، فقد كانت هنالك دول في القارة لا تعرف الكهرباء ولا التلفزيون ولا الجرائد ولا موية الدش، وكانوا لا يعرفون برشلونة ولا ريال مدريد، ولا يعرفون رئيس دولتهم، ولكنهم كانوا يعرفون حامد بريمة ـ نسأل الله الرحمة والمغفرة لحارس السودان والمريخ السابق.
بعرفوا فقط ماردونا وحامد بريمة.
بريمة كان (ماردونا) الحراس.
حامد بريمة هو الحارس الوحيد حينها على ما أعتقد الذي جعل النجومية تذهب لمن أنقذ الهدف وتصدى له وليس لمن سجّله، كانت تصدياته أجمل من الأهداف، سوف يظل حامد بريمة نقطة مُضيئة في تاريخنا، نغني له، ونفتخر به، وهذا ليس عند المريخاب وحدهم، بل هذا عندنا أيضاً الهلالاب، فهو لاعبٌ متفقٌ عليه في الهلال والمريخ، وهو اللاعب الذي كانت مدرجات الهلال تهتف باسمه حتى إنهم من محبة الأهلة له، قيل عنه إنّه هلالابي رغم إنّه كابتن وقائد المريخ.. ونحن من محبتنا له نقول إن حامد بريمة بيشبه الهلال.
لقد كان حامد بريمة سبباً في رفع القيمة الاجتماعية لحارس المرمى، وهو من خلق له (برستيج) في المجتمع، قبل حامد بريمة لم يكن هنالك (طفل) يتمنى أن يصبح حارس مرمى، كلهم كانت أمنياتهم تتّجه نحو (رأس الحربة) و(صانع الألعاب).. حامد بريمة جمّل المرمى وجعل الحراسة أمنية الصغار وهدفاً لهم، حتى أصبح اللاعب في الدافوري «ما بمد بوزو» وقت تقول ليه أمشي أقيف حارس مرمى، ويقعد يطنطن ويقول ليك أنا ما بقيف حارس مرمى، أنا عاوز ألعب جوّه، بل أصبح اللاعب يقف في المرمى وهو فرح، يحلم أن يصبح في يوم من الأيام (حامد بريمة)، الذي كان فعلاً أسطورة، وحلماً لكل الأطفال أن يصلوا لمستواه.
في عصر حامد بريمة، الطفل ما بقول ليك عاوز أبقى (دكتور)، الطفل كان بقول ليك وقتها عاوز أبقى (حامد بريمة).. بريمة كان (مهنة)، كان أمنية، مثل كلية الطب للطلبة، بريمة كان كاتلوجاً.
أنا دائماً أذكر أديباً في حجم ومكانة البروفيسور علي المك كتب يوماً في إحدى رسائله الساخرة لأمين مكي مدني: (وإني لست أطمع في جاه أو مال.. المال لا سبيل إليه، والشهرة التي غنمتها في الأشهر الماضيات جعلتني مثل حامد بريمة، وقد علمت آخر أمري أن أهل السودان يحبونني حق حب وأهل أم درمان خليك ساكت).
بروفيسور وأديب وقاص وشاعر وإعلامي وأستاذ جامعي في شهرة علي المك يفتخر بشهرة بريمة ويتمثل بها.
دائماً أقول لعيبة مثل صديق منزول وأمين زكي وجكسا وكسلا ومصطفى النقر وطارق أحمد آدم ومنصور بشير تنقا ووالي الدين ومهند الطاهر من الهلال، وماجد وجاد الله وكمال عبد الوهاب وبشرى وهبة والجيلي عبد الخير وسامي عزالدين وكمال عبد الغني وحامد بريمة وسكسك من المريخ، يجب أن تكون هنالك أفلام وثائقية عنهم ويفترض أن تكون هنالك مقرراتٌ دراسيةٌ عنهم، وهؤلاء نماذج على سبيل المثال، وليس الحصر، هنالك عظماء آخرون في الهلال والمريخ والموردة وبري والتحرير، وفي عطبرة وشندي وكسلا والأبيِّض والقضارف والفاشر.
محمد المصطفى بدأ يعيد للناس حكاية الأسطورة حامد بريمة، وأعتقد أنّ محمد المصطفى لولا الإصابة التي تعرض لها لكان الآن في مكانة ثانية، وكان يمكن أن ينتقل ليلعب في دوريات أورويية والمستوى الذي قدمه مع المنتخب السوداني يؤهله لذلك.
محمد المصطفى بدأ مسيرته كحارس مرمى عادي ـ شخصياً كان عندي فيه رأي، لكن اللاعب تطوّر بصورة مُـذهلة في فترة وجيزة ومازالت مساحة التطور عنده تقبل المزيد، لاعب عنده (رفاهية) في هذا الجانب، لذلك أتمنى أن يتعاقد الهلال مع هذا اللاعب، فهو مكسبٌ مهما كان المقابل المادي للتعاقد معه، وسأطرح وجهة نظري التي تجعلني أطالب من مجلس الهلال التعاقد معه.
أشاع إعلام المريخ أنّ اللاعب قريبٌ من الانتقال للمريخ، وأنّ اللاعب طلب رقماً كبيراً جعل الهلال يتراجع عن التعاقد معه، أو على الأقل جعل البعض في الهلال يطالب بصرف النظر عنه، وأعتقد من ناحية منطقية أن هذا الكلام لم يقصدوا به إلا قطع الطريق على الهلال حتى لا يتعاقد معه.
إذا سلمنا أنّ اللاعب محمد المصطفى طالب بمقابل مالي كبير للتعاقد معه ـ قالوا إن اللاعب طالب بـ300 ألف دولار في الموسم، إذا افترضنا ذلك هل يمكن أن ينجح المريخ في دفع هذا المبلغ أو حتى ثلثه، في الوقت الذي يفشل فيه الهلال؟
إنتوا بتتكلموا كيف؟
هل يمكن أن نصدق أنّ الهلال في استقراره الحالي عاجزٌ عن دفع المقابل المادي لمحمد المصطفى؟ والمريخ الذي يعاني وتُحيط به المشاكل والفريق مازال يبحث عن رئيس منذ أكثر من أسبوعين، وإن وجد ضالته في مجاهد سهل، هل يمكن أن يكون قادراً على تسجيل محمد المصطفى؟ حتى وإن كان لاعباً سابقاً للمريخ، علماً بأنّ اللاعب خرج من المريخ بعد أن مارس ضغوطاً قوية على النادي وهَـدّد بفسخ تعاقده، ما الذي يجعل محمد المصطفى يرغب في العودة وظروف المريخ أضحت أسوأ من ظروفه التي تركه فيها.
صفقة محمد المصطفى مهما بلغ مقابلها، فهي لن تكلف الهلال كثيراً، حتى في ظل الرقم الذي يتحدّثون عنه الآن، وذلك لأنّ اللاعب مُطلق السّـراح، وهذه ميزة يمكن أن تُقلِّل من قيمة الصفقة المادية، حتى وإن طالب محمد المصطفى بمقابل كبير.
ما يطلبه محمد المصطفى يُمكن أن يدفعه الهلال لأي نادٍ يتفاوض معه لإطلاق سراح لاعبه، دون المقابل المادي الذي سوف يدفعه اللاعب.
الأمر الآخر والمُهم في هذه الصفقة هو أنّ أمام محمد المصطفى فرصةٌ جيدةٌ للتسويق ولتقديم نفسه مع المنتخب في نهائيات (الكان)، وهذا يعني أنّ الهلال يمكن أن يستثمر في اللاعب ويُعوِّض المبلغ الذي سوف يدفعه للاعب، خاصةً أنّ محمد المصطفى مازالت السنوات أمامه مع الخبرات الكبيرة التي اكتسبها في سنوات وجيزة مع المنتخب والمريخ وعزام.
أعود إلى حامد بريمة والذي جعلناه عنواناً لهذا العمود ـ الأكيد أنكم تسألون عن الغلطة التي أقصدها.
الغلطة التي أقصدها كان قد وقع فيها الهلال، كان أمام الهلال فرصة التعاقد مع هذا الأسطورة ـ حامد بريمة، لكن الهلال لم يتعاقد مع الأسطورة حامد بريمة وهو كان يمكنه ذلك لأسباب قد يراه البعض منطقية، واحسب أنّ الهلال في ذلك الوقت وبعد فترة أحمد آدم كان يعاني في خانة حارس المرمى، وظل الهلال يعاني لسنوات في هذا المركز، كما أزعم أنّ جيل الهلال حينها لو كان يلعب معهم حامد بريمة، كان ساعد ذلك الهلال في تحقيق بطولات خارجية، خاصةً أن الهلال كان يمتلك جيلاً ذهبياً وكان المنتخب الوطني كله أو أغلبه من الهلال عدا حارس المرمى الذي كان حامد بريمة.
حامد بريمة كان سبباً في فوز المريخ بكأس مانديلا، وإذا انتقل بريمة للهلال في ذلك الوقت كانت احتمالية فوز الهلال بالبطولة الأفريقية أرجح، خاصةً في عام 1987م، وكان كذلك يمكن الفوز باللقب الأفريقي في عام 1992 لو كان حامد بريمة يلعب في الهلال مع كامل احترامنا وتقديرنا للحارس يور في 1987 وسليمان بمبي في 1992 وكلاهما لم يقصر مع الهلال، ولكن حامد بريمة كان فريقاً لوحده.
جيل الهلال الحالي بقيادة الغربال وروفا وإرنق، وبعد توهج مازن سيمبو وياسر جوباك، والتعاقد مع كرشوم سوف يكون مسيطراً على تشكيلة المنتخب في السنوات القادمة بنسبة قد تتجاوز 90%، يمكن أن ترتفع هذه النسبة إذا تعاقد الهلاب مع الحارس محمد المصطفى.
لا نريد للهلال أن يكرر الغلطة السابقة عندما كانت تشكيلة المنتخب أغلبها من الهلال عدا حراسة المرمى التي كان يشغل خانتها في تشكيلة المنتخب حامد بريمة.. لا تعيدوا التاريخ وتجعلوا تشكيلة المنتخب تتكوّن من لاعبي الهلال إلا حراسة المرمى.
الشعب يريد محمد المصطفى في الهلال، عشان المنتخب يكون (كاكي أزرق).. وهذا شرفٌ وطموحٌ مشروع للهلال.
طبعاً هنالك بعض الأسماء التي تستحق الوجود في تشكيلة المنتخب مثل أبوعاقلة والجزولي نوح وموسى كانتي، وأكيد هنالك أسماء أخرى في المريخ تستحق التواجد في المنتخب، لكن نحن نريد أن يكون حارس المنتخب الأول يلعب للهلال، مع الاحتفاظ بكامل التقدير والاحترام لمحمد النور أبوجا الذي أصبح منافساً قوياً على المشاركة أساسياً مع المنتخب، وهو الحارس الأول للمنتخب الآن.
لذلك، أتمنى أن يتعاقد الهلال مع محمد المصطفى، هذه أمنية أعتقد أنّ فوائدها سوف تكون كبيرة للهلال، مع كامل احترامنا لتقديرات المجلس، لأن هنالك أشياءً قد تكون غائبة علينا، ونحن لا نملك كل التفاصيل، ولكن من ناحية المبدأ أتمنى أن أرى محمد المصطفى في الهلال وهو مكسبٌ لأي فريق ينتقل إليه.
في الهلال، قد تكون هنالك أسماءٌ ممتازةٌ في حراسة المرمى، وقد يتحدث البعض عن أنّ الهلال ليس في حاجة لحارس مرمى، ونرد على ذلك أنّ هنالك مواهب ولاعبين يجب أن تكسر لهم القاعدة، ولكل قاعدة استثناء وبالاستثناءات يتحقّق النجاح ـ النجاح لا يتحقّق بالقواعد، ووجود محمد المصطفى في الهلال على الأقل سوف يرفع من وتيرة التّنافُس في مركز حسّاس، كما أنّ فرصة محمد المصطفى مع الهلال تبقى كبيرةً، لأنه حارس وطني، ولأنه حارس المنتخب، ولوائح الاتحاد لا تسمح بمشاركة أكثر من خمسة أجانب في الدوري الممتاز، ووجود حارس بإمكانيات محمد المصطفى سوف يمنحك المُـــرونة، بل الرفاهية في خيارات التشكيلة عندما يلعب الهلال في الدوري المحلي، وفي النهاية البقاء والمشاركة سوف تكون للأفضل، لأن هذا أمرٌ يُصب في مصلحة التنافس ومصلحة الهلال.
في وقتٍ واحدٍ، كان يوجد في كشف الهلال ثلاثة حراس جميعهم يتم اختيارهم للمنتخب، المعز محجوب وأبوبكر الشريف ومحمد آدم، والثلاثة لكل واحد منهم دورٌ في الهلال.
فرصة محمد المصطفى في الهلال سوف تكون كبيرة وسيكون له دورٌ ويستفيد الهلال من ذلك إذا تعاقد معه.
أي قرش ما خسارة في محمد المصطفى، خاصةً أنه إلى جانب إمكانياته الفنية لاعب خلوق ومنضبط، ونحن في كل الأحوال انتقل اللاعب للهلال أو المريخ نتمنى له التوفيق.

متاريس
صحيفة (الرد كاسل) تحدّثت عن إصابة خطيرة لمحمد المصطفى ستبعده حتى العام القادم وستحرمه من المُشاركة مع المنتخب في نهائيات «الكان» ـ وحسب اجتهادي هم إمّا قنعوا منه وقصدوا بذلك أن يُقلِّلوا من انتقاله للهلال، أو أنهم قصدوا من ذلك أن يجعلوا الهلال يتراجع عن الصفقة، حتى يُمهِّد لهم الطريق للتعاقد معه.
على الهلال أن يتعاقد مع محمد المصطفى وإن كان مصاباً، فقد تعاقد الهلال مع عبده الشيخ وهو (مصابٌ)، ومع حمودة بشير وهو (مصابٌ)، ومع الشغيل وهو (مصابٌ)، الغريبة أيِّ لاعب ينتقل للهلال من المريخ وهو مصابٌ يُحقِّق نجاحاً منقطع النظير ـ عشان كدا سـجِّلوه بقلب قــوِّي.
أرجو أن لا ينسى جمهور الهلال لاعباً موهوباً وقادماً اسمه أحمد عصمت كنن، كان هدفه في الزمالة أم روابة سبباً رئيسياً في فوز الهلال بالدوري.
بالمناسبة في ناس بتقول دوري النخبة، والكلام دا غلط، لأن مرحلة النخبة كانت هي المرحلة الأخيرة في الدوري بعد إعفاء الهلال والمريخ بسبب مشاركتهما في الدوري الموريتاني وبسبب التصنيف تم الإعفاء من المرحلة الأولى في الدوري، والإعفاء بسبب التصنيف الفني أمرٌ تعمل به حتى الاتحادات القارية، يعني الإعفاء، إعفاء قانوني.
دوري النخبة هي اسم لمرحلة من مراحل الدوري وليس اسماً للدوري كله.
لذلك، الهلال فاز بالدوري الممتاز في دوري شارك فيه على ما أعتقد عشرون نادياً، وليس دوري النخبة.
الدوري لم يكن هو الدوري الذي لعب من 8 أندية.
الهلال فاز ببطولة من أصعب البطولات وفي ظروف صعبة، وهذا أمرٌ قد نعود إليه من جديد لتأكيده.
كذلك نهائي الكأس كان نهائياً لبطولة سابقة اكتملت كل مراحلها ولعبت ولم يتبق إلا النهائي الذي انسحب منه المريخ.

ترس أخير: يا ناس الهلال هُنالك نُسخةٌ أخرى من بريمة، فلا تفوِّتوها كمَـا فوّتوا حامِـد بريمَة (له الرحمة والمغفرة).

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.