صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لصفحات السوداء لمليشيا آل دقلو بالجزيرة (٦)

2

 

الكنابي: لقد أكلوا التفاحة الحرام..!

-أبوعاقله أماسا
* كنت قد تناولت في أكثر من مقال سابق بعض ما ساد في الوسائط، مما روج له النشطاء وما سموه بالشريط النيلي، وما تمحور حوله من أفكار إحتوت كل أجندات تفكيك الوطن قبل الدولة وتخريب النفوس، وكنت أخاف أن يمتد الحريق إلى ما نحن فيه الآن، ثم ظهر مؤتمر الكنابي ليروج لأفكار جديدة على ذات النسق الذي قامت عليه الجماعات المسلحة، ولأن هذا المؤتمر لم يجد من يقارعه ويجر طرحه إلى حيث حوار عادل وصريح، تمادت الأفكار التي كانت تعمل لزرع بذور الفتنة بين السودانيين وتكاملت تماماً مع بداية هذه الحرب ودخول مليشيا الدعم السريع إلى ولايات الوسط إلى أن اصطدمنا ببعض الحقائق القاسية التي نحن بصدد إستعراضها اليوم من واقع المعايشة والمراقبة.
* الحقيقة التي لا مراء فيها أن هذه الكنابي وإن لزم الأمر (التبعيض) كانت من أكبر حواضن الدعم السريع، وانخرط منها أكبر عدد من الشباب في صفوفه مايدعم فكرة وجود الخلايا النائمة التي ساعدت على إنهيار الأوضاع الإنسانية سريعاً في الجزيرة، ولم يكن الإنضمام للمليشيا في هذه الكنابي حصرياً على الشبلب، بل إنضم الكبار أيضاً وانخرطوا في صفوف هذه المليشيا المبغوضة، وكانوا أقسى من غيرهم في التعامل مع إنسان الجزيرة في القرى والمدن التي تقع داخل أو على أطراف مشروع الجزيرة، وكانت تصرفات هؤلاء الناس وكأن هنالك ثأر مع المواطن، وأكون على بينة من أمري ومعلوماتي إذا كتبت أن كنابي الجزيرة أسهمت بصورة كبيرة في رفع مستوى إنتهاكات المليشيا هناك، وعدد كبير من المستنفرين منهم عمدوا إلى تصفية حسابات شخصية مع أفراد سبق أن عملوا معهم كرعاة أو عمال يوميات أو مشاركين في حواشات المشروع، والنماذج كثيرة، منها ذلك الرجل الذي كان مشاركاً للمواطن عبدالنور عبدالله كرتوب في مزرعته ولم تنتج من المحصول ما يكفي، وفي هذه الحالة يتحمل الطرفان هذه الخسارة حسب العرف المعمول به، ولكن بعد دخول الدعم المليشا سارع هذا الشريك وتظلم عندهم على خلفية ذات النغمات القديمة وأنه قد تعرض للظلم وتم تعويضه بالقوة الجبرية..!
* وآخر من الذين استنفروا مع المليشيا كان يعمل (راعي) للأبقار عند أحد مواطني قرية عديد أبوعشر قبل سنوات، واختلف مع صاحب الأبقار في عشر جنيهات، فعاد إليه يرتدي زي الدعم السريع ونهبه كل سياراته وأبقاره تحت تهديد السلاح على أساس أنها من حقه، ومثل هذه الروايات كثيرة جداً، إضافة إلى أنهم لعبوا دوراً كبيراً في إرشاد القادمين من بعيد لممتلكات المواطنين ومن يملك الأموال وشاركوا كذلك في عمليات خطف المواطنين وطلب الفدية، وانخرطوا في نهبهم وفي بعض الإنتهاكات بصورة قاسية جداً حملت الإنتقام والتشفي والإجرام وعدم الإنسانية وكل ما يجوز قوله، وفي بعض المراحل كانوا يطوفون في مجموعات في المناطق التي تنتهك من قبل المليشيا، وإن كان المنسوبين الرسميين للمليشيا يهتمون بنهب السيارات الحديثة والأموال والذهب، فهؤلاء لا يتركون شيئاً خلفهم.. من أثاثات المنازل والأواني والبهائم من أغنام وأبقار، وأحياناً يختاروا بيتاً من بيوت المواطنين ويقيموا فيه ويبدأوا في ذبح الأغنام والأبقار ومن ثم يوقدون النار بأخشاب الدواليب والترابيز وأثاثات المنزل الخشبة، وعلى السراير الحديدية لطبخ هذه اللحوم وأكلها بجرأة وقوة عين بطريقة (المناصيص) المشهورة في غرب السودان، وبعضهم أجبر المواطن صاحب هذه الحيوانات وتحت تهديد السلاح أيضاً ليذبحها ويسلخها ويجهزها لهم، وبذلك نهبوا وأكلوا كل الماعز والضان في قرى الجزيرة، وساروا بأعداد كبيرة من الأبقار إلى الأسواق لتباع للجزارين، حتى أبقار الفريزيان والهجين ذات الحليب العالي ذبحت ليؤكل لحمها، وبعض أغنام المواطنين عثر عليها حية في هذه الكنابي، فضلاً عن بقية الممتلكات من سيارات وألواح طاقة شمسية نهبوها من محطات المياه والمساجد والمنازل وغيرها..!
* كمبو (السنيط) الواقع في الغرب من قريتي أم دقرسي وود الماجدي، كانت كنموذج سيء لهذه الكنابي، ولسوء حظهم كان مواطني أبوعشر وود الماجدي وأم دقرسي والطالباب يعرفونهم بأشكالهم وأسماءهم لدرجة أنهم يقولون أن ذاك الذي يرتدي كذا وكذا هو فلان بن فلان وكان يعمل معي في حواشتي.. وكمبو السنيط هذا كانت بعبعاً أرعب سكان هذه المناطق ومارس منسوبيه المستنفرين مع المليشيا أقسى ممارسات الإنتقام والتشفي والإستحقار، ولمعرفتهم لحجم الجرم الذي ارتكبوه بادروا بالخروج قبل وصول الجيش، وفر الأغلبية منهم إلى جهات غير معلومة ولم يتركوا إلا المسنين والأطفال وبعض الأسر التي لم يعجبها ما حدث ولم تشارك فيه، ولكن السلطات الأمنية حصلت على قائمة بالذين انضموا للمليشيا وكانوا ينصبون الإرتكازات وينهبون المواطنين والمزارعين ويسلبونهم حصادهم ومافي جيوبهم، فيما تواترت الأنباء عن هلاك أكبر مجرمي الكمبو ويدعى (فرنسا).. وهو المتورط في خطف محمد مداي وآخر من أقرباءه وإطلاقه مقابل فدية قدرت ب(٢٠ مليار).
* مشكلة كمبو السنيط وما شابهها وتتطابق ظروفها أنها لم تحسب حسابات الأيام، ولم تقرأ مآلات الأمور بعد عودة الجيش، بل لم يتوقعوا أن مليشياتهم ستندحر وينقلب السحر على الساحر، فأحرقوا كل مراكبهم مع المواطن الذي أواهم ووفر لهم فرص العمل وشاركهم في حواشاته وأتاح له فرص تعليم أبناءه وبالمجان في مدارس شيدها المواطن ذاته بالعون الذاتي، وتقاسموا معهم الحلوة والمرة، وكانت مسألة التعايش هنا مثل التفاحة الحرام في جنة السودان (الجزيرة).. فأكلها سكان الكنابي.. وأخرجوا بذلك قضيتهم من البحث عن العدالة، ليكونوا مطلوبين لدى العدالة..!
.. نعود ونواصل..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد