العمود الحر
عبدالعزيز المازري
لن نكون لوحة زينة.. سنكون مرآة الحقيقة للهلال
*تصلني بين الحين والآخر رسائل وتعليقات واتصالات أعتز بها، من هلالاب مخلصين، كباراً وصغاراً، منهم عبدالرحمن ميرغني العكام، ابن أم درمان وسليل الوسيلة العكام، الذي عرفته مدينته فارساً من فرسان العمل الرياضي، والأستاذ الراقي محي الدين أبو محمد، قطب الهلال الأنيق، وصاحب الرؤية الفنية صلاح الدخري ابن مدني الجميلة، والأستاذ الأنيق حيدر ود القبائل، وصاحب الصوت الهلالي الحر ناصر والمتابع والمعلق دوما عبر وسائل المديا الباهي عبدالباقي . وغيرهم كثيرون من عشاق الهلال الذين أسعدهم الطرح وتفاعلوا معه، مقدمين أفكاراً من أجل الهلال لا من أجل الأشخاص.
*وفي المقابل، وصلتني رسائل أخرى تختلف مع الطرح، لكنها اتسمت بالأدب والاحترام، كرسالة الأخ القذافي أبو محمد، الذي أبدى رأيه ودعمه للمجلس والمدرب فلوران. وهذه الرسائل المخالفة أُكبرها وأحترمها، فهي تعبير راقٍ عن ثقافة الاختلاف وفن تقبل الرأي الآخر، الذي لا يحسنه إلا الكبار.
*نكتب لأجل الهلال، لا ضد أحد. ننتقد بحب، ونبصر بأمل. نؤمن أن النقد البناء فضيلة، وأن الولاء للكيان لا يعني التجريح، ولا الولاء للأشخاص على حساب الحقيقة. الهلال ملكٌ للجماهير، وليس شركة خاصة يتحكم فيها أفراد مهما علت مكانتهم أو كبرت مساهماتهم.
*الهلال نادٍ عظيم، عابر للحدود، يقدم أكثر مما يأخذ. يمنح المكانة، والشهرة، ويفتح الأبواب أمام من يخدمونه. لذا، من واجبنا أن نقدم له الأفضل، لا أن نكتفي برد الجميل بكلمات الشكر فقط. كل من تقلد منصبًا في هذا الكيان مدين له بالوفاء والعمل النزيه، وليس منّة منه أو تفضلاً على الجماهير.
*نقدر كل ما قدمه العليقي، هذا الشاب الطموح الذي جاء بمشروعه إلى الهلال حاملاً معه الحلم الكبير. أطلقت عليه لقب “الوابور جاز” حماسًا لا استهزاءً، لأن طموحه لا يُنكر. ولا يخفى أن العليقي يفتخر أنه جاء إلى الهلال من المدرجات مشجعًا قبل أن يعتلي سلم الإدارة، وهذه ميزة تحسب له. لكنه يجب أن يدرك أن حب الهلال وحده لا يكفي لإدارة الأمور الفنية المعقدة، فالبطولات تُبنى بالاختصاص والمعرفة. من الحكمة أن يستعين بأهل الدراية والخبرة، وأن يكون على رأس الداعمين لهم، فجهده حينها سيثمر نجاحًا أكبر، وستحمل جماهير الهلال له العرفان والتقدير بلا حدود.
*أي مشروع، مهما بلغ من الإتقان، لا بد له من مراجعة وتقويم مستمر. التاريخ يعلمنا أن أعظم التجارب لا تصمد دون نقد، ولا تنمو دون تصحيح. أما الإصرار على المضي بذات النهج دون إصلاح أو استشارة فهو مجازفة لا تليق بحجم الهلال ولا طموحاته.
*اليوم، ونحن نعيش ظروف الحرب والضائقة الاقتصادية، ندرك حجم المعاناة. ولكن، هذه ليست ذريعة لتوقف الحركة ولا لتعليق الطموحات. في العالم مدن تحترق، وشعوب تواجه أهوال الحرب لكنها تواصل الحياة، تقيم دورياتها الرياضية، تحتفل وتتنافس، تبني رغم الجراح. لذا يجب ألا نكبل أنفسنا بسلاسل الأعذار، فالهلال كان وسيظل مشروع أمل دائم مهما اشتدت العواصف.
* البعض يطالب بأن نكتفي بالثناء، وأن نقول إن الهلال بخير، وأن المجلس أدى ما عليه ويستحق التحية، وأن المدرب اجتهد بما توفر له. وهي رؤية نحترمها. لكن مع احترامنا لكل جهد، نؤمن أن دورنا ليس كتابة الإطراء والمديح، بل التبصير والتنبيه؛ فالتقويم واجب، والتنوير أمانة، والتغافل عن الخلل خيانة لرسالة القلم. رحم الله من أهدى إلي عيوبي.
*الهلال ليس ملكاً لمجلس، ولا للعليقي، ولا للسوباط. الهلال ملك لجماهيره، وهذه الجماهير تعرف أن الحب الحقيقي لا يعني التصفيق الأجوف، بل يعني النقد حين يكون واجباً، والدعم حين يكون صادقًا، والتصحيح حين تدعو الحاجة.
*نثمن كل جهد بُذل، وكل مال صُرف، وكل وقت فُني من أجل الهلال، لكننا نرفض أن يكون ذلك سببًا لطمس العيوب أو دفن الأخطاء. مهمتنا أن نكون مرآة صادقة تعكس الحقيقة، لا لوحة زينة تخفي العيوب.
كلمات حرة:
نحن مع الهلال.. لا ضده.
ننقد بحب.. ونكتب بأمل.
نثمن الجهد.. ونشير إلى الخلل.
سيبقى القلم حرًا.. مادام الهلال حلمنا الكبير.