* لماذا استشرت جائحة )كورونا( في دولة أوروبية بقدرات وإمكانات إيطاليا، ليصل عدد الموتى فيها إلى أكثر من ألف وأربعمائة شخص؟
* الإجابة بسيطة، ومفادها أن الإيطاليين تعاملوا مع التعليمات المتعلقة بالوباء باستخفافٍ، ورفضوا الانصياع لها، وأصروا على مواصلة حياتهم المعتادة، فأتت المحصلة مروعةً، لتضطر السلطات إلى إعلان حظر التجوال في كبريات المدن بعد عزلها، وتم نشر مدرعات الجيش في الشوارع، ولجأ رئيس وزراء إيطاليا إلى سن قانون صارم، عزل به )16( مليون شخص في )15( مقاطعة، تضم مدناً بقيمة فينيسيا وميلان ومودينا وبارما وبياتشنزا، قبل أن يشمل الحجر إيطاليا كلها.
* في إيران تسبب الاستخفاف بطاعون العصر في إصابة )13( ألفاً، واعترفت الحكومة بموت )611( شخصاً، فاتهمتها المعارضة بالكذب والتستر على حقيقة عدد الضحايا، وذكرت أنهم تخطوا الألفين.
* أفلحت الصين )منبع الكارثة( في السيطرة على الوباء لأنها أخذته على محمل الجد، وجندت كل قدراتها، ووظفت كامل إمكاناتها المادية والبشرية والصحية لمحاصرته، وتعاملت معه على أنه معركة )بقاء أو فناء(.
* عندنا في السودان شاءت إرادة المولى ولطفه أن ينحصر الوباء في حالة واحدة، لم تكتشف إلا بعد وفاة المصاب، ليصبح السودان الدولة الوحيدة التي بلغت فيها نسبة الوفيات )100%(.
* التعامل مع الحالة الوحيدة شابته )سبهللية( عجيبة، وإهمال مريع، وصل درجة إخفاء الحقيقة.
* قيل إن الفريق المكلف بمتابعة الحالة وحصر المتعاملين مع المتوفي أخضعهم إلى الفحص والحجر الصحي، والصحيح أن شقيق المتوفي، الذي رافقه طيلة فترة مرضه، وأشرف على غسل الجثمان وتكفينه لا يزال في منزله حتى لحظة كتابة هذا المقال، والحديث نفسه ينطبق على زوجة الفقيد وابنه وأشقائه وأصدقائه وكل من عادوه خلال فترة مرضه.
* زار الفقيد ثلاثة مستشفيات عقب عودته من الإمارات، وهي الجودة وسوبا ويستبشرون، وبقيت المستشفيات الثلاثة بلا حجر ولا تعقيم إضافي، ولم يتم استدعاء من حضروا الحالة وتعاملوا معها لإخضاعهم إلى الفحص والحجر حتى اللحظة.
* ذكر شقيق الفقيد أنه سأل مسئولي الوزارة عن نتيجة الفحص، وظل يلاحقهم بعد الدفن، فذكروا له أنها لم تصدر بعد لأن )كهربتهم كانت قاطعة(!
* سافرت زوجة الفقيد بعد عودته من الإمارات إلى كسلا، ولم يتم فحصها ولا عزلها، ولم يخضع من قابلوها إلى فحص ولا حجر صحي، بل اقتصرت إجراءات وزارة الصحة في ولاية كسلا على إصدار بيان أفادت فيها أنها )حصرتهم وتتابع حالتهم(، بعد أن أخذت بياناً بأسماء أفراد الأسرة الذين سافروا لأداء واجب العزاء في الخرطوم، وفهمنا من البيان أنهم موجودون مع ذويهم، ولم يعزلوا.
* وضح من بيانهم أنهم لا يعلمون أن المطلوب هو الفحص والحجر، لا مجرد مجرد المتابعة والحصر!
* المثير للسخرية أن الوزارة أكدت أنها ستبادر بعزل المخالطين )الذين تظهر عليهم أعراض المرض(، وذلك يعني أن العزل سيحدث بعد الإصابة، ليشبه جسَّا يعقب الذبح.
* أسوأ من ذلك ما فعله اتحاد كرة القدم الذي استدعى لاعباً سودانياً من إيطاليا، وسمح له بدخول معسكر المنتخب والمشاركة في تدريباته، من دون أن يخضعه إلى الفحص والعزل، مع أنه أتى من ثاني أكثر دول العالم تأثراً بكورونا.
* إذا استمرت تلك )السبهللية( في التعامل مع الجائحة القاتلة، ووالت وزارة الصحة أداءها الضعيف فستكون المحصلة كارثية، وسيؤدي تفشي المرض الخبيث إلى وفاة الآلاف في الشوارع، لأنهم يعيشون في بلاد تفتقر مستشفياتها إلى الدربات والحقن والقطن والشاش والدواء وحتى الكهرباء.
* ارتفعوا إلى مستوى الحدث.. كورونا ليست هيِّنة ولا )صغيرة( كما وصفها د. أكرم، بوصفٍ لا يصح أن يصدر من خفير في إحدى المستشفيات، ناهيك عن وزير للصحة.