صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

محترفو الهلال في إجازة بأمر المجلس… فهل يحمي الجهل القانوني من فسخ العقود؟

23

العمود الحر
عبدالعزيز المازري
محترفو الهلال في إجازة بأمر المجلس… فهل يحمي الجهل القانوني من فسخ العقود؟

نكتب اليوم عن أهم القضايا القانونية والإدارية التي تمس نادي الهلال، ليس بغرض التشهير أو الإضرار، بل بغرض التنبيه والتحذير المبكر لسد الثغرات التي قد تُفتح مستقبلاً. هذه الكتابة تُعد واجبًا إعلاميًا وأخلاقيًا، نُواجه بها الواقع بشجاعة، ونقف في صف الحقيقة، وإن كانت مُرّة. نكتب بحُسن نية، لا لنصعّد، بل لنُصحّح، لأن الخطأ القانوني لا يُعالج بالإهمال، بل بالمواجهة الذكية.
الهلال يخوض دوري النخبة دون محترف أجنبي واحد، رغم أنهم كانوا عماد التشكيلة طوال ثلاث سنوات. الغياب هذه المرة لم يكن بسبب فني أو بدني، بل بقرار إداري غريب منحهم “إجازة مفتوحة”، وترك مشاركتهم لاجتهادهم الشخصي، وكأن البطولة نُزهة لا منافسة رسمية! والنتيجة؟ فريق بلا دكة، ومدرب طوارئ، وقائمة محدودة بلا بدائل حقيقية.
لكن الأخطر من ذلك أن الهلال لا يواجه أزمة فنية فحسب، بل مأزقًا قانونيًا قد يفتح أبواب الفيفا على مصراعيها. فلوائح الاتحاد الدولي واضحة، ولا تعترف بالإجازات المفتوحة، ولا بإدارة العقود بالنوايا.
المادة 14 من لائحة FIFA RSTP تنص على أن: “يُسمح بفسخ العقد من طرف اللاعب إذا ثبت أن النادي أخلّ بشكل خطير بالتزاماته التعاقدية.”
والنادي اليوم، بقراره غير الرسمي، ارتكب ما يلي: لم يُخطر اللاعبين رسميًا بالمشاركة أو الإعفاء، لم يُصدر بيانًا يوضح موقفهم التعاقدي، لم يُبلّغ الفيفا بوجود ظرف قاهر، وترك اللاعب في مواجهة وكيله والمجهول.
المادة 12 مكرر تُضيف: “النادي ملزم بتمكين اللاعب من أداء نشاطه، وتوفير البيئة المهنية المناسبة، ما لم يكن هناك مانع قانوني مشروع.”
فهل الإجازة المفتوحة تُعد مانعًا قانونيًا؟
أبدًا… بل هي تخلٍّ إداري موثق، وقد تُفهم قانونيًا على أنها حرمان من مزاولة المهنة، مما يمنح اللاعب الحق في الفسخ والمطالبة بتعويض.
وفي ظل هذا الجدل، يتحدث البعض عن مخاطبات رسمية صدرت من رئيس القطاع الرياضي العليقي للمحترفين… ولنحسن النية، ونفترض أن الخطابات قد أُرسلت بالفعل. لكن هل تكفي؟
القانون لا يكتفي بإرسال خطاب عام، بل يتطلب توثيقًا فعليًا للقرار: عروض سفر، برامج تدريب، مخاطبات فردية واضحة. وإن لم تُظهر هذه الإجراءات رسميًا أو توثق أمام الفيفا، فإن أثرها القانوني يظل ضعيفًا. فالمخاطبة هنا لا تُقاس بالنية، بل بالأثر القانوني والإجرائي. وما لم تُعلن أو تُرفع عبر القنوات الرسمية، تبقى خطوة شكلية لا تحمي النادي من خطر الفسخ.
الأدهى، أن نائب الأمين العام رامي كمال – بدلًا من معالجة الأزمة – خرج بظهور باهت ليبرر ترك الخيار للمحترفين، قائلاً إن الظرف في السودان لا يسمح بفرض الحضور. هذا التصريح وحده يكشف مدى الخلل القانوني والإداري، ويضع المجلس في موقف أشد خطورة، لأنه يعترف صراحة بأن القرار ليس للنادي، بل للاعب!
الأخطر أن الهلال فوّض اللاعبين ليقرروا وحدهم، دون حماية قانونية لهذا التصرّف. وهو ما يُفسّر على أنه نقل غير مسؤول للمسؤولية، لا يقل خطورة عن التخلّي الصريح.
ومن زاوية أخرى أكثر دقة، فإن ترك الخيار للاعب الأجنبي دون سند قانوني مكتوب قد يُفسَّر دوليًا على أنه “تعطيل مهني” متعمّد. فاللاعب المحترف لا يعمل بنظام “النية الحسنة”، بل يُقيّم علاقته بالنادي على أساس العقود والمخاطبات والتكليف الرسمي. ولائحة الفيفا لا تقول: “براحتك”… بل تسأل: هل طُلب من اللاعب أن يشارك رسميًا؟ هل توفرت له بيئة التدريب؟ هل تم تمكينه من العمل؟ وإن لم يحدث، فإن النادي يكون قد أخل بالتزاماته.
لكن، ومع الإنصاف، يجب القول إن الهلال – لو كان قد استدعى المحترفين بشكل رسمي، وأتاح لهم فرص المشاركة، حتى في ظل الحرب – لكان في موقف قانوني أقوى، بل ربما يكون محميًا تمامًا من شبح فسخ العقود.
ورغم أن الهلال لم يتلقَ حتى اللحظة شكاوى قانونية، إلا أن بقاء الوضع معلقًا دون تحرّك ذكي قد يؤدي إلى نكسة مستقبلية. ويمكن للمجلس إنقاذ الموقف، إذا تحرك بعقلية قانونية لا علاقات عامة. فعليه توجيه مخاطبات رسمية فردية للاعبين توضح استمرار العلاقة التعاقدية، وإصدار بيان داخلي يعيد ضبط الموقف، ويبرر القرار كإجراء مؤقت. ومن الأفضل كذلك مخاطبة الاتحاد المحلي بشأن الظروف الأمنية كمبرر موثق، واستدعاء تدريجي للمحترفين، وجلسات تواصل مع وكلائهم، لتوقيع ملاحق تعاقدية تحمي النادي وتغلق الثغرات.
أما في الجهة المقابلة، فالمريخ دخل البطولة بكل محترفيه، وجهازه الأجنبي، رغم أن البلد واحد والظرف واحد. وهو ما يكشف أن المشكلة ليست أمنية، بل تقديرية داخل الإدارة. وحين تعادل المريخ، عاد لفتح شنطة الشكاوى المعتادة، للمرة الثالثة، ضد مريخ الأبيض، مستندًا لنفس الأوراق والتسريبات.
ومن الناحية القانونية، فإن الشكوى فُحصت من قبل مرتين، ورُفضت، فكيف تُقبل في الثالثة؟ هل تغيرت الوقائع؟ أم تغيرت النيّات؟
الأغرب أن رئيس نادي أركويت – عوض رمرم – ظهر هذه المرة في واجهة القضية، رغم أن ناديه لم يشتكِ سابقًا عندما خاض الثلاثي المعني مباريات متتالية مع مريخ الأبيض. فهل أركويت تذكّر حقوقه فجأة؟ أم أن ظهوره جاء بدافع آخر؟
هذا التناقض يفتح الباب للسؤال الأكبر: لماذا لم يتقدّم أركويت بالشكوى في وقتها؟ هل القضية كانت نائمة، أم أُيقظت فقط حين دخل المريخ على الخط؟
إن احترام الأندية يبدأ من احترام توقيت المواقف، لا من الاصطفاف خلف مكاتب الآخرين. وأركويت – كنادٍ عريق – يستحق إدارة تُمثّله ككيان مستقل
**الحل لتدارك الموقف:**
لا يكفي الآن أن ننتقد ونفضح الأخطاء، بل المطلوب من إدارة الهلال أن تتحرك سريعًا وبحكمة لتدارك ما يمكن تداركه. البداية تكون بوضع خطة قانونية واضحة، تبدأ بتوثيق العلاقة مع اللاعبين عبر مخاطبات رسمية واضحة ومعلنة، تُظهر التزام النادي بالحفاظ على الحقوق والواجبات، مع إعلان رسمي عن استمرار العقد، ولو بآليات مؤقتة تتناسب مع الظروف الأمنية.
على المستوى الإداري، يجب تشكيل لجنة أزمة داخل النادي تضم مختصين قانونيين وإداريين، للتعامل مع هذه القضية بحرفية ومهنية، وإعداد ملف متكامل للرد على أي شكاوى قد ترفع مستقبلًا.
أما على الجانب الفني، فالأولوية الآن هي استدعاء المحترفين تدريجيًا، وتأهيل الشباب المحلي، لكن ضمن إطار احترافي واضح يحمي النادي ويضمن حقوق الجميع.
وأخيرًا، من المهم أن يبادر المجلس بحوار مفتوح مع الاتحاد المحلي، ووكالات اللاعبين، لطمأنة الأطراف كافة، وبناء جسر ثقة يحمي النادي من المفاجآت القانونية.
هذه الخطوات ليست رفاهية، بل ضرورة ملحة لإنقاذ المشروع الرياضي والحقوقي للنادي، ولضمان استمراريته في المنافسات بأمان قانوني وإداري.
**من دفتر الصحافة:**
بعض الأقلام التي كانت تُصفّق لتكديس الأجانب، أصبحت اليوم تغني للوطنية، وتدعو للاكتفاء الذاتي، وكأن البطولة “سباق تخرج”، لا منافسة رسمية. هؤلاء أنفسهم كانوا يهاجمون من طالب بتقليص الأجانب، واليوم يطلبون من الشاب الوطني إنقاذ ما دمره مشروعهم!
**كلمات حرة:**
* لا توجد في الفيفا مادة بعنوان “تعال لو عايز”، بل يوجد عقد وواجب وحق.
* من استدعى محترفيه رسميًا، حمى نفسه… ومن تخلّى، فتح الباب للفسخ.
* لجنة أوضاع اللاعبين لم تعد لجنة، بل تطبيق مخصص لجهاز المريخ الإداري!
* الشكوى إذا رُفضت مرتين، لا تُقبل في الثالثة إلا في ظل فساد أو خنوع.
* الهلال دخل النخبة بدون محترفين، لكن المريخ دخل بـ”كل محترفي المكاتب”.
* خالد بخيت لا يملك قائمة، ولا يملك قرار… ولا حتى خيار التشكيلة لكل مباراة!
* من قال إن الإجازة تحمي من الشكوى؟ القانون لا يُدار بالنوايا!
* لو فاز الهلال بهذه البطولة، فهي شهادة وفاة “مشروع الأجانب”.
* العدالة وحدها تمنح اللقب لمن يستحق، لا من يشتكي أكثر.
**كلمة حرة أخيرة:**
الهلال قال للمحترفين: “تعالوا لو عايزين”…
لكن الفيفا لا يقول لهم : “براحتك”…
بل يقول: **أين العقد؟ وأين حق اللاعب؟**
**دفتر الحقيقة:**
الهلال فرّط إداريًا، لكنه ما زال يستطيع إصلاح خطأه إن تحرك الآن بوثائق ومراسلات وعقود واضحة.
والمريخ احترف اللعب في المكاتب، وإن كان حضوره الفني مشرفًا، فحضوره القانوني مفضوح.
أما الاتحاد، فقد أصبح يُدير الشكاوى بالهوى، والتسريبات بالمحاباة.
قُدمت شكوى المريخ مرتين ورفضت، ثم أُعيد تقديمها وكأن شيئًا لم يكن…
أما رئيس لجنة المسابقات ..كيف قبل الشكوي – فقد نزع قميص الحياد، وارتدى الثوب الأحمر، ليُدير القانون بلسان طرف، لا بميزان عدالة.
فمن يحمي نزاهة المنافسة… إذا أصبح الخصم هو من يُفسّر القانون؟

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد