طبيعة الجنجويد جبل..!
أبوعاقله أماسا
* هاجمت مجموعات من الجنجويد تمتطي الجياد منطقة مورني بولاية وسط دارفور ونهبتها وعاثت فيها فساداً، وفوجيء سكان المنطقة بمجموعة جنجويد أخرى تستقل سيارات دفع رباعي تهجم على الأولى وتكبدها خسارة في العدة والعتاد وتطردها إلى خارج المنطقة.. وهذه الحادثة تنبه الناس إلى الطبيعة الأولى التي نشأت منها فكرة الدعم السريع في بداية الألفية وتطورت حتى وصلت مرحلة تشعل فيها حرباً شاملة تضع السودان بأكمله على حافة الإنهيار..!
* تطورات كثيرة طرأت على الفكرة طيلة هذه السنوات، وبذل القائمين عليها جهداً خرافياً وأموالاً طائلة بقدر ما تحتاجها دارفور لتنميتها، كل ذلك من أجل تعديل الصورة الذهنية للجنجويد لتصبح الدعم السريع، ويغير الناس نظرتهم لها من مجموعات ضالعة في جرائم تصفيات عرقية وحرق قرى بأكملها وتشريد السكان الأصليين، إلى رسل سلام وحمائم ترفرف فوق المدن وتنثر الورد الأبيض وأغصان الزيتون، ولكن الطبيعة (جبل) كما يقول المثل الشعبي، وقد فشلت كل الجهود التي بذلت في سبيل تغيير الصورة النمطية للجنجويد إلى صورة حضارية تستوعب المتغيرات من الأوجه الإجتماعية والقانونية لتقبلها المجتمعات المتحضرة، وبعد إشتعال الحرب في الخرطوم وانتشار أخبار الإنتهاكات، ونقلت كاميرات هواتفهم النقالة بالتوثيق كل جرائمهم التي ارتكبوها في الخرطوم والجنينة وكبرى مدن دارفور فإن المسألة لا تحتاج لكبير عناء لتأكيد أن مشروع حميدتي وآل دقلو قد إنهار عند أول إمتحان جدي، وأن ملايين الدولارات التي أنفقت عليه قد ضاعت هباءً منثوراً وعاد الدعم السريع إلى فكرة المهد.. عصابات تسترخص أرواح الآدميين وتنتهك الأعراض وتزدري الآخر وتستعلي عليه بعنصرية الجاهلية الأولى..!
* رغم السنوات الطويلة التي عمل فيها حميدتي في بناء فكرته الجديدة لم ينجح في إقناع جنوده بأنهم سودانيين ويجب أن يتطبعوا ولو ببعض طباع أولاد البلد.. ولم يفلح في إخراج الفكرة العامة للدعم السريع من الإطار القبلي الضيق إلى حاضنة قومية تستوعب قصة السودان بتنوعه الثقافي فكان من السهل أن يسقط ضحية لأطماعه وأطماع غيره، ولم تفلح لغة المال في بناء إمبراطورية المجهول التي كان يسعى إليها.. وانكشف بعد حين أنه دبر لإنقلاب حوى على قدر من الحماقة بدرجة دمرت السودان وأمنه واقتصاده وبات معه حلم العودة إلى ما قبل ١٥ أبريل حلم مستحيل..!
* كثرة المستشارين واختلاف منطلقاتهم ومواقعهم أوصلت الدعم السريع إلى موارد الهلاك… وأهلكوا معه عشرات الآلاف من الشباب.. وكذلك أفقدوا مؤسستهم مصداقيتها بالأكاذيب المستمرة على رؤوس الأشهاد وعلى الفضائيات، وبذلك خسروا حتى تعاطف المخدوعين..!!
* هذه الحرب جاءت كواپل من المطر ليزيل كل الأصباغ التي جملت الجنجويد وظهرت الوجه الأول القبيح، وبدلاً أن كانت النشأة في ظلام دارفور والتعتيم الإعلامي وتخلف وسائل الإعلام والتوثيق وقتها، هاهي تتبرج هنا في العاصمة ليكون العالم كله شاهداً على الجريمة والمجرم، وستكون المحطة القادمة إلحاق أسماء جديدة بقائمة المطلوبين في لاهاي ليحاكموا على ما ارتكبوا من جرائم في حق الشعب السوداني الأعزل..