العمود الحر
عبدالعزيز المازري
مشروع التاجر في مواجهة طموح الجاموس!
التمهيدي ما عاد نزهة… الهلال في الاختبار الحقيقي!
التمهيدي هذه المرة ليس معبرًا للمجموعات بل اختبارًا لمستقبل موسم بأكمله… بين طموح خصم يعرف تفاصيل الهلال، ومشروع إداري يثير الشكوك في قدرة الفريق على المنافسة الحقيقية.
“مع اقتراب مباريات الإياب، تتضح الإثارة والرهانات: الهلال سيستقبل الجاموس في زنجبار بعد تعادله في الذهاب، الأهلي ود مدني يحل ضيفًا على النجم الساحلي في تونس، الزمالة يواجه فريق ديكيداها الصومالي في كينيا، والمريخ ذهابا مع سانت لوبوبو الكونغولي في لوبومباشي. كل مواجهة أصبحت اختبارًا حقيقيًا لقدرة فرقنا على الصمود والتقدم في البطولة، ولم تعد مجرد مباراة تمهيدية.”
لكن بين كل هذه المباريات، تظل مواجهة الهلال والجاموس هي الأكثر إثارة للانتباه والأغنى بالدلالات. مواجهة في الدور التمهيدي… لكنها لا تشبه أجواء التمهيديات، لأن عوامل كثيرة تجعلها “معركة مبكرة” يتوقف عليها مستقبل موسم بأكمله.
الهلال – وكما تعوّدنا – لا يواجه صعوبات تُذكر في الأدوار الأولى، فهو دائمًا من الفرق التي تعبر إلى المجموعات بثقة وسهولة، لكن هذه المرة الوضع مختلف. المنافس ليس خصمًا هاويًا جاء ليؤدي مباراة شرفية، بل فريق أعدّ نفسه جيدًا، ورفع سقف طموحاته بعد أن خطف التعادل في الذهاب.
الأهم من ذلك: أن “الجاموس” يقوده ريكاردو، مدرب الهلال السابق، الذي يعرف كل تفاصيل البيت الأزرق من الداخل، يعرف مفاتيح القوة ومواطن الضعف، ويعرف كيف يتعامل مع جمهور لا يقبل إلا بالانتصار. رئيس النادي الجنوبي بدوره رفع قيمة الحافز إلى نصف مليون دولار في حال الفوز على الهلال، والبعثة وصلت إلى زنجبار قبل الهلال ورفعت راية التحدي.
وفي المقابل… الهلال نفسه ليس هو الهلال الذي عرفناه يومًا. الفريق يتغير كل موسم، الإدارة الرياضية تبيع وتشتري، واللاعبون يتبدلون كما تتبدل أطقم التدريب. هذه ليست سياسة نادٍ يبحث عن البطولات، بل سلوك “تاجر” لا يرى في الهلال إلا مشروعًا استثماريًا للتسجيل والبيع.
نعم… هذا هو مشروع إبراهيم العليقي الذي يطلق عليه أنصاره “مشروع المستقبل”، وهو في حقيقته مشروع “الاستثمار” الذي لا يهمه الكؤوس بقدر ما تهمه العقود. لاعبين قصار القامة كأحلام الجماهير، ومغمورين يصنعون لأنفسهم اسمًا تحت شعار الهلال، ثم يُباعون في أول عرض، وكأن الهلال دكّان لا نادٍ.
والكارثة أن لا أحد في مجلس الإدارة يريد مواجهة هذه الحقيقة. لا رئيس النادي، ولا نائب الرئيس، ولا حتى من يطلقون على أنفسهم “صناع القرار”. الحل الوحيد لتصحيح هذا المسار أن يعود مدير القطاع الرياضي إلى موقعه كنائب للرئيس، ويُسند الملف الفني لمن يملكه علمًا وخبرة. أما أن يظل الفريق رهينة سياسات “البيع والشراء” فلن نحصد سوى خيبة جديدة.
ولأن القدر شاء أن تكون مواجهة “الجاموس” أمام فريق يضم محترفين في بعضهم من هم أفضل من محترفي الهلال، وفيه عناصر سودانية تعرف كيف تقاتل، فإن اللقاء لن يكون سهلاً. بل سيكون اختبارًا حقيقيًا لريجكامب الذي ما زال جديدًا على بيئة الهلال، ولا يعرف بعد طبيعة الضغط الذي يعيشه كل من يجلس على هذا المقعد.
**كلمات حرة:**
* نصف مليون دولار حافز للفوز على الهلال… هل سمعتم يومًا بحافز مماثل للفوز على فريق في الدور التمهيدي؟ هذه رسالة واضحة لمن يريد أن يقرأها.
* الاستثمار في اللاعبين جميل… لكن تحويل النادي إلى سوق مفتوح جريمة في حق الشعار.
* هل يدرك السوباط أن التحدي الحقيقي ليس في “التسجيلات” بل في “الهوية” التي تُفقد موسمًا بعد آخر؟
* بعض الفرق تسعى للمجموعات، وبعضها يسعى للكؤوس… أما الهلال فيسعى لإغلاق الميزانية بصفقة إعارة!
**كلمة حرة أخيرة:**
الهلال سيعبر الجاموس… وعلي الجماهير ان تعرف أن العليقي ليس الهلال. على السوباط ومجلسه أن ينهوا إمبراطورية الفرد والفوضى قبل أن تهدم كل الإنجازات. الهلال هو الهلال، وكل انتصار رسالة واضحة: النادي فوق الجميع، وإدارته مسؤولة عن هويته!