صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

مشروع العليقي يترنح: الهلال يدفع ثمن العناد الإداري

6

العمود الحر

عبدالعزيز المازري

مشروع العليقي يترنح: الهلال يدفع ثمن العناد الإداري

*منذ اللحظة التي أطلق فيها العليقي مشروعه مع الهلال، كانت الأصوات العاقلة تنادي بضرورة التقويم والتصحيح المبكر. إلا أن ما واجهنا به المشروع كان عنادًا أعمى، ومكابرة متواصلة، ورفضًا لكل نقد، وكأن المشروع فوق المراجعة وخارج إطار المحاسبة.
*ومع مرور الوقت، انكشفت هشاشة المشروع أمام الجميع: لا رؤية فنية واضحة، ولا استقرار إداري حقيقي. جمهور الهلال صبر ثلاث سنوات على وعود لم تتحقق، وصبر على فريق فقد هيبته وتماسكه، ليعتمد على أجانب مغمورين، لم يصنعوا الفارق الذي انتظره عشاق النادي. جاءت أعداد كبيرة من المحترفين، بعضهم نجح وأثر، ولكن سرعان ما يتم بيعهم فجأة دون أن يعلم أحد بقيمة التعاقد، رغم أن العليقي يتحدث عن مشروع شفاف ومؤسسي!
*فقد الهلال عظم الفريق، واستغنى عن اللاعبين الوطنيين الذين شكلوا ركائز أساسية، بفعل ضعف التفاوض والاستعلاء والمكابرة. كيف للهلال أن يفرط في لاعب بقيمة أبوعاقلة ولا يعوضه إلا بالشديد القوي؟ كيف نحكم على مشروع لا يستطيع المحافظة على لاعبيه؟ حتى أصبح الأجنبي يمثل 95% من التشكيلة الأساسية، بينما ضاع الشباب والخبرة الوطنية بين الإعارة والاستغناء.
*من أمثلة ذلك، إعارة أنس سعيد وأمجد قلق، وفقدان لاعبين آخرين للدوري الليبي أمثال شرف شيبوب، باسل نصر الدين، جون مانو، وسليمان عز الله. هذا ليس بناء فريق، بل تفريغ ممنهج!
أ*ما على الصعيد الفني، فحدث ولا حرج. العليقي وضع ثقته العمياء في المدرب فلوران الذي رغم توافر كل سبل الدعم لم يستطع تحقيق أي بطولة قارية. فشل في بطولة سيكافا التي نظمها الهلال نفسه، وانهزم أمام فريق مغمور من بوروندي، بعد أن كان قد اكتسحه بخماسية في مرحلة المجموعات!
*فشل فلوران أيضًا أمام الأهلي المصري أربع مرات، وتلقى الخسارة بخماسية مذلة أمام مازيمبي، وخرج بتعادل مخيب مع فرق موريتانية، بل وصل الأمر لفضيحة إشراك ستة أجانب أمام لكصر، مما كاد أن يفقد الهلال نقاط المباراة بسبب خطأ إداري فادح يدل على غياب التخطيط والكفاءة.
*وجاء تصريح الكابتن هيثم مصطفى ليكون بمثابة جرس إنذار مدوٍّ حين قال:
> “مشروع العليقي مهدد بالانهيار… والهلال أضاع فرصة تاريخية.”
*كلمات نابعة من خبرة ومعايشة، لكن الإدارة للأسف مارست أسوأ أنواع المكابرة، وأدارت ظهرها للنصيحة ولصوت العقل.
*ومن المؤسف أن البعض يريدنا ان نتحول الى أبواق تبرير وتطبيل، كأن الهلال ملك شخص واحد أو مجلس فردي، لا كيانًا صنعه الأبطال والعظماء.
*وليس هذا فقط، بل كانت هناك عنجهية واضحة في التفاوض مع اللاعبين المحليين والأجانب، مع وضع سقف مادي صارم لا يمكن تجاوزه، مما أدى إلى فقدان عدد من اللاعبين الوطنيين المؤثرين، ورفض بعض الأجانب التوقيع للهلال من الأساس. كيف لصاحب مشروع أن يقيد نفسه بسقف مالي جامد بينما ينافس في سوق مفتوح؟
*كيف نفهم أن العليقي يفاوض ثلاثمائة لاعب، ثم لا يجد بينهم مهاجمًا سوبر يناسب الهلال؟! أليس في هذا استخفاف بعقول الجماهير؟
*ولم يتوقف النزيف هنا، بل أن الهلال بات يعتمد بشكل شبه كامل على الأجانب، مما ينذر بكارثة مستقبلية: اللاعب الأجنبي بطبعه يبحث عن محطة للعبور لا عن الانتماء. الهلال أصبح مهددًا بأن يجد نفسه بعد عام بدون قوام أساسي ثابت، لأن معظم الأجانب سيرحلون بمجرد أن تتاح لهم فرصة أفضل، بينما اللاعبون الوطنيون الذين يمثلون الهيكل الأساسي تم التفريط فيهم.
*والأسوأ أن الهلال جدد للاعبين كبار في السن مثل فارس عبد الله وأبوعشرين، في حين تجاهل لاعبين صغار كان يجب أن يكونوا نواة المستقبل، مثل روفا الذي شارف عقده علي الانتهاء فهل نفقده مثل مافقدنا من خرج بسبب سقف العليقي صاحب المشروع، رؤوفا الذي لا أحد يعرف سر غيابه الغريب وعدم تجديد عقده مبكرًا.
*والحديث لا ينتهي عن مستقبل الهلال المجهول:
– حارس أجنبي مغمور عديم الخبرة أخطاؤه مكشوفة ولا بديل له.
– قوام أساسي متقدم في العمر.
– تراجع في الهوية والدافعية.
– تفريط ممنهج في الكوادر الوطنية.
– غياب للدائرة الفنية والاستشارية التي تدير الأمور بروح الفريق لا بروح الفرد.
*كيف لمشروع أن يستقيم وقد صُبغ بلون شخص واحد، وكل القرارات الحاسمة بيده، بينما بقية المجلس متفرج بحجة أنه “يدفع”؟ القيادة الرشيدة لا تعني الدفع فقط، بل المشاركة وتوسيع دائرة القرار والاستعانة بالمتخصصين وأهل الخبرة.
*إن الاعتماد المفرط على الأجانب، حتى وإن بدا ناجحًا لبعض الوقت، سرعان ما يقود للانهيار كما حدث مع مازيمبي الكونغولي. الهلال مهدد بنفس المصير إن لم يستدرك الوضع سريعًا.
## كلمات حرة:
– تصحيح المسار يبدأ اليوم، لا غدًا.
– الهلال يحتاج إلى إعادة بناء الفريق بالاعتماد على قاعدة وطنية صلبة.
– إعادة اللاعبين الذين تم إعارتهم أو الاستغناء عنهم دون وجه حق.
– تكوين لجنة فنية محترفة ومستقلة تتخذ القرارات بعيدًا عن الأهواء الشخصية.
– مراجعة حقيقية لمشروع العليقي وتصحيحه قبل فوات الأوان.
– الهلال ليس مشروع أفراد، ولن يكون.
– الهلال كيان شامخ لا يعرف السقوط.
– مشروع العليقي، إن لم يصوب مساره فورًا، فسينهار تحت وطأة أخطاء العناد والمكابرة.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد