أبوعاقله أماسا
* بعد أن تجاوزت الحرب يومها الخامس هجرت الكتابة عنها وعن تفاصيل العمليات الميدانية لأنها لم تعد معركة تنتهي في ساعات، بل ستكون حرباً تمتد إلى ما شاء الله لها إلى أن يحق الله الحق ويخزي الذين ظلموا، وكان من الجيد أن الأصوات قد إرتفعت ب(ليس لها من دون الله كاشفة).. وكل ذلك لم يمنع أن نعلن موقفنا الصريح مع القوات المسلحة في خنادقه دفاعاً عن ما نعتقد أنه الحق.. وهذه ليست نصرة للبرهان أو الكباشي وإنما لقوات الشعب المسلحة بتلك المكانة الإعتبارية التي ولدنا وتربينا على حبها واحترامها كجزء من حب الوطن.. وهذا الأمر لا علاقة له بسياسة ولا حزب ولا غيره من الأيدولوجيات ولا مجال للمزايدات وخلط الأوراق..!
* تحاشينا الكتابة عن مجريات الحرب وتفاصيل ما يجري في ميادين المواجهات، وكل ذلك لا يمنعنا الآن أن نعبر عن قناعتنا التامة بأن المواجهات بين جيشنا والدعم السريع في تكوينه الرسمي كمشروع كبير له أهدافه وغاياته التي اختلفنا عليها من البداية قد انتهت، وما تبقى إنما هي مواجهات ستكون مع (عصابات) إجتمع بعضها للمرة الأولى بالخرطوم وكل له هدف يختلف عن الآخر، فمنهم من حركته الغنائم التي عاد بها المجرمين الأوائل من ممتلكات المواطنين العزل والمسروقات والمنهوبات من البنوك والشركات وخزائن المواطنين، وكل من التحق بهم يمنى نفسه أن يعود لأهله بسيارات فارهة وذهب واموال أسوة بالسابقين، لذلك تجدهم يفتشون جيوب المواطنين ويفرغونها وينهبون الهواتف ويقتحمون البيوت ويطردون مواطنيها ليفرغوها من الأثاثات، وقليل منهم تم تلقينه بعض الكلمات المتخشبة فظلوا يكررونها دون أن يدركوا معانيها، مثل ترديدهم لكلمة الديمقراطية وانهم ضد الكيزان والفلول..!!
* رسمياً.. وقعت الهزيمة على الدعم السريع واندحر بالفعل، ولكن ما يجب معرفته أن غياب القيادة العليا واختفاءها عن المشهد كان سبباً في تأخير إعلان النتيجة، ولكن معرفتها ليست صعبة.
* من تبقى في قيادة (فلول) الدعم السريع لا كلمة لهم ولا سيطرة على من ينتشرون الآن في طرقات الخرطوم وأحياءها، وليست لديهم تراتبية عسكرية كما هي في القوات النظامية، فنحن نسميها (قوات نظامية) لأنها تلتزم دائماً بحزمة نظم وقوانين ترتب شؤونها وقيادتها وتضبط المنتسبين بروح الجندية وهذا غير متوفر لديهم..!
* الجيش حتى الآن ملتزم بمقاره الحصينة في المدرعات والذخيرة والقاعدة الجوية بجبل أولياء، وفي سلاح الإشارة وسلاح الأسلحة والإستراتيجية حطاب والعيلفون، والمهندسين والمرخيات ومنطقة وادي سيدنا العسكرية.. وما ادراك ما منطقة وادي سيدنا.. ففيها ما إذا رآه العدو فإنه سيدرك حقيقة أنه يناطح الصخر.. وفي كل معسكر من هذه المعسكرات آلاف الجنود المدربين والمدججين بالسلاح لم يشاركوا حتى الآن في العمليات.. فضلاً عن الآلاف من ابطال هيئة العمليات الذين خضعوا لدورات تنشيطية في مجالهم (حرب المدن).. وإلتزام الجيش بمقاره ومن ثم الإنضباطية العالية في إدارته للعمليات يوضح الفرق الكبير وأنه لم يتأثر بستة أشهر من العمليات ويسير بنفس واحد.. وفي الطرف الآخر.. لجأ أفراد المليشيا إلى اساليبهم البربرية التي تستهدف المواطنين العزل، واخرجوهم من بيوتهم واعملوا فيهم قتلاً ونهباً واغتصاباً وترويعاً وإهانة وذلة.. وهو ما اسهم في عمليات إصطفاف الشعب خلف الجيش ورفع من وتيرة الإستنفار لدرجة أن قادة الجيش باتوا يتحدثون عن فائض يفوق جيش دول كاملة وأن المعسكرات قد امتلأت عن آخرها بالمقاتلين الجاهزين للخطوة الحاسمة..
* في الوقت الذي تظهر علامات الإنهزام في كل تحركات المليشيا، فيعتدون على القرى والمدن الصغيرة والآمنة في كردفان، وينهبون الأسواق ويرعبون الآمنين بهمجية تصرفاتهم مما يؤلب عليهم الشعور العام ويفقدهم السند الشعبي المهم بالنسبة لأي حزب أو جهة تتبنى قضية عامة.. وهذه كبرى الهزائم، حيث يهرب المواطنين عندما يدخل جنود من الدعم السريع منطقة ما، لعلمهم بأنهم أناسٌ لا يرقبون في مؤمنٍ إلاً ولا ذمة ويسترخصون قتل النفس ويستحلون مال غيرهم ويسبيحون الأعراض، بينما تنفرج الأسارير وتنطلق الزغاريد وتعم الأفراح عندما يرى المواطن جنود الجيش.. وهذه هزيمة أخرى..
* على الصعيد الخارجي فإن مستشاري الدعم السريع قد هزموا فكرتهم بالمبالغة في الكذب عبر القنوات وفشلهم في الدفاع عن اي مشروع إنساني أو أي شيء ذو قيمة، يمكن ان يجبر المجتمع الدولي على التعاطف معهم ضد الجيش، فالجرائم التي يرتكبونها ضد المواطن الأعزل توثقها كاميرات هواتفهم.. وجنودهم من فرط همجيتهم وجهلهم يصورون انفسهم وهم يسرقون، ويقتلون وينهبون وحتى وهم يغتصبون.. في حوادث قد تكون هي الأولى والأكثر جرأة في تأريخ البشر مايعد هزيمة أخلاقية أكبر من أية هزيمة أخرى في ميادين الحرب.. لذلك كان من السهل وصمهم بالكذب والنفاق في كل حديث أدلوا به للقنوات وإثبات أن مايجري على الأرض ينافي ما يتحدثون عنه بألسنتهم..!!
* إستهدافهم للمرافق العامة دليل آخر على أنهم مهزومون بالفعل وإلا لما لجأوا للتخريب.. بإحراق المكتبات ودار الوثائق والمتاحف وكثير من التصرفات غير الأخلاقية التي تمتد باللائمة إلى كل من تعاطف او ساند الدعم السريع سابقاً.. فإذا أحسنا الظن فإنهم كانوا فريسة ساذجة وساعدوا في مؤامرة كبيرة ضد الوطن..!!
…. بالله دامقال؟؟؟
هذا الكلام يؤدى إلى نتيجة عكسية..
ليت مثل هذا الكاتب يتوقف عن مثل هذا الخواء حتى تتضح الرؤيا ويتمكن الجيش من ترتيب نفسه ودحر المعتدين وحماية المواطنين والوطن.