صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

من قال إن للهلال مشروعًا؟

49

العمود الحر

عبدالعزيز المازري

من قال إن للهلال مشروعًا؟

من يكون في موقع القيادة ويتخذ قرارًا خاطئًا، عليه أن يتحمل تبعاته بشجاعة، لا أن يبحث عن شماعات أو يلوذ بصمت يتواطأ مع الخطأ.
حين نتحدث عن المشروع، يظنه بعض الجهلة استهدافًا لشخص العليقي، والحقيقة أن من جعل المشروع هو العليقي نفسه، جعله بذلك هدفًا للنقد والتقويم، لأن ما يُدار في الهلال لا علاقة له بمفهوم “مشروع الأمل” كما يُروّج، بل هو تدمير منظم لمكتسبات الهلال المتراكمة عبر سنين.
وإن صمتنا على ما يحدث اليوم، فالكارثة آتية لا محالة بعد عام، حين لا نجد في الفريق سوى أجانب، هواة في ثوب محترفين، أكبر من أن يكونوا مجرد إضافات، وأصغر من أن يحملوا هوية الهلال. متى كانت سِمة التميُّز في الفريق وجود 12 محترفًا؟! يتم تبديلهم كل عام لنبدأ من الصفر، بدل أن يُنتقى من يُحدث فرقًا في خانات محددة.
مشكلتنا مع المحترفين ليست عداءً، بل فلسفة. مازيمبي الكونغولي جرب المبالغة في الأجانب، وسقط. أما صنداونز والترجي، فاعتمدوا على أبناء الوطن، وأحضروا الأجانب دعمًا لا بديلاً. الهلال فعل العكس ففقد الهُوية، والروح، والطموح.
ويكفي دليلاً أن التشكيلة الأساسية الحالية للمنتخب الوطني، والتي تلعب داخل الملعب، لا تضم سوى اثنين أو ثلاثة من لاعبي الهلال، في وقت كان فيه الفريق يرفد المنتخب بأكثر من تسعة لاعبين من أصحاب الخبرة، الذين لم يصنعهم هذا المجلس بل وجدهم جاهزين بأسمائهم وتأثيرهم. أما اليوم، فالفرق الأخرى – بما فيها المريخ – باتت تمثل عصب المنتخب الوطني، فهل يعقل بعد هذا أن نتحدث عن “مشروع”؟!
وحتى أولئك المحترفين الذين يتقاطرون على الهلال في كل موسم، معظمهم هواة يسعون لصناعة اسم، لا يمتلكون البصمة أو الأثر الكبير في الملعب، بل أصبحوا عبئًا فنيًا وماليًا على النادي. فهل يُبنى فريق بهذا الشكل؟ أم تُدار التجارب لا المشاريع؟!
ما يوجد في الهلال الآن ليس مشروع بناء، بل إعادة هدم بهدم. تم تغييـر جلد الفريق بالكامل دون أساس، والكارثة أن من تبقى من أبناء الهلال المخلصين – أمثال الغربال، أبوعشرين، فارس، عادل، صلاح – يجرّون العربة وحيدين، فيما الآخرون إما تمامة عدد، أو يأتون ويغيبون بلا أثر، باستثناء أرنق الذي يمثل بقاء العظمة وسط الانهيار.
نكتب اليوم لأننا نرفض أن يُبتلع الهلال في دوامة العشوائية. نكتب لأننا نعرف الفرق بين التخطيط والتخبط. ولمن يتحجج بأن اللاعب السوداني غير مؤسس، أو لا يملك أكاديميات، نقول: الموهبة لا تُعلَّب. من قال إن الأجانب الذين يأتون يملكون بنية احترافية حقيقية؟! الحماس، الهوية، الولاء، والروح، هي الأساس، وهي ما يجعل فريقًا مثل الهلال يتفوق حتى على من تفوق عليه فنيًا.
الهلال لا يحتاج 12 محترفًا، بل يحتاج محترفين في خانات محددة، يضيفون لا يملؤون فراغًا. يحتاج إلى رؤية، لا صفقة. إلى أساس، لا تكديس. إلى هوية، لا “ترند”. لأن الفريق الذي يُبنى بلا هوية سيُهدم بلا مقاومة.
وها نحن بعد ثلاثة أعوام من “مشروع العليقي”، لم نجد إلا التبديل والتغيير والتجريب، بلا ثبات فني ولا قاعدة صلبة، بل تكرار لنفس الأخطاء، حتى بات الهلال بلا ملامح.
أما عن المدرب فلوران، فبعد ثلاث سنوات لم ينجح في صناعة فرقة قوية، ولا بناء توليفة مستقرة، بل أضحى عاجزًا عن التعامل مع المباريات الكبيرة، والنتائج المصيرية، وقراراته لا تعكس مشروعًا تدريبيًا، بل اجتهادات فردية مرتبكة. فهل يُبنى المشروع على مدرب لا يملك أثرًا نوعيًا حتى الآن؟!
### **كلمات حرة أخيرة:**
* الهلال اليوم ليس مشروعًا… بل حالة موسمية تتكرر، تُبنى كل عام من جديد على وهم النجاح، دون رؤية أو بنية، والنجاح حين يأتي، يأتي بالصدفة، لا بالتخطيط.
* المحترفون الذين يأتون كل موسم ويرحلون، ليسوا أصحاب بصمة، بل مجرد ضيوف لا يُشيد على أقدامهم بنيان، والمصيبة أن البعض يُصفق لهم وكأنهم صك الخلاص!
* المنتخب الوطني لم يعد يعتمد على لاعبي الهلال، بعد أن كان الهلال ركيزته الأساسية، وذاك لوحده فضيحة تكفي لأن نعرف أن المشروع المزعوم هو خرافة لا تستحق التصفيق.
* من يبتهجون بالصدارة المؤقتة، يشبهون طفلًا تُهدى له لعبة فيركض فرحًا، ثم ما إن تنكسر حتى يبكي بحرقة… لا بناء في الفرح الزائف!
* نقولها دون تردد: “مشروع العليقي” ليس مشروعًا، بل ضياع منظم. من فريقٍ كان يُضرب به المثل، إلى فرقة تُستأجر للموسم، وتُحل بانتهاء الحفل… وبين هذا وذاك، يخرج علينا من يطبل ويصفق و”يصيح”: هذا مشروع!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد