صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

من يُحرر الهلال من قبضة الفرد؟

63
العمود الحر
عبدالعزيز المازري
من يُحرر الهلال من قبضة الفرد؟
اجتمع مجلس إدارة نادي الهلال مؤخرًا بمنزل رئيسه هشام السوباط في القاهرة، وجاء البيان الختامي مليئًا بالكلمات، خاليًا من القرارات. غاب إبراهيم العليقي عن الاجتماع جسدًا، لكنه كان حاضرًا في كل سطر، ونافذًا في كل بند، حتى بدا كأن المجلس مجتمع لينفذ تعليمات الغائب، لا ليتخذ قرارات تمثل جماهير أكبر نادٍ في السودان.
تقرر تكليف القطاع الرياضي برفع تقرير شامل عن ملف الإحلال والإبدال، والمعارين، والتجمع، والموسم الجديد، وكأنّ المجلس يجهل أن مدير هذا القطاع هو العليقي نفسه!
كيف يُطلب من الرجل تقييم أدائه بنفسه؟ ومن يحاسب من إذا كانت اليد الآمرة هي ذاتها اليد التي تُنَفّذ وتُبرر وتُخطط؟
ليست هذه إدارة مؤسسية، بل استسلام إداري، يغذّي عقلية التفرد ويُكرّس ثقافة “الظل الطويل” داخل البيت الهلالي.
والمفارقة أن هذا التكليف جاء في غياب المدرب الحالي (الذي انتهى عمليًا)، وفي ظل خلافات مستمرة حول المدرب الجديد، وكأن الإحلال والإبدال سيتم عبر رؤى فردية، لا رؤية فنية واضحة، ولا لجنة فنية قائمة، ولا هيكل فني محترف.
ولكي نُنصف، نعم، اجتهد العليقي في بداياته، وساهم في التعاقدات وتطوير بعض الجوانب، لكن التجربة التي خاضها باتت اليوم عبئًا على الهلال لا ميزة.
فقد تكدّس الفريق بـ(12) محترفًا دون أن يرى الجمهور هوية واضحة، بينما همّش اللاعب الوطني، وذهبت الأموال، وتعثرت البطولات، وتبددت الطموحات، والنتيجة: مشروع ضبابي لم يُثمر إنجازًا ولا ترك أثرًا.
وما يزيد المشهد قتامة هو غياب الشفافية.
لا أحد يعلم العائد المالي من هذا الكم الهائل من المحترفين.
لا توضيح لملف المعارين، ولا كشف للمشطوبين، ولا أرقام تُعرض على الرأي العام.
كأن الهلال تحوّل إلى مشروع خاص تُدار تفاصيله من خلف الأبواب المغلقة، بلا رقابة، بلا مساءلة، وبلا صوت للجماهير.
والمجلس؟
مجلس عاجز، مُكبّل، يتلقى القرارات ولا يصنعها، يتحرك في فلك رجل واحد، لا يملك الشجاعة لفرض التوازن، ولا الجرأة لفصل المناصب، ولا القدرة على استعادة المؤسسية.
بل إن الترشيحات الأخيرة للمدربين، وما صاحبها من سحب وتراجع وارتباك، أظهرت حجم التخبط.
مدرب يُرشّح صباحًا ويُسحب مساءً، ومصادر تتحدث عن “اعتراض العليقي” وكأن الرأي الفني لا يُمر إلا عبر توقيعه.
الهلال لا يُدار بهذه الطريقة، ولا يمكن أن يُختزل في اسم مهما كانت مكانته.
الهلال كيان جماهيري، يقوم على الشورى والتخصص، لا على الاجتهادات الفردية والعناد الإداري.
تجارب الإدارات السابقة، رغم عيوبها، احترمت قواعد المشاركة.
في عهد الأرباب، كان القرار جماعيًا.
وفي عهد البرير، ورغم الجدل، وُجدت لجان فاعلة.
حتى الكاردينال، الذي يُنتقد اليوم، شكّل لجانًا، وأشرك الكوادر.
أما في عهد الطيب عبد الله، فكان بيته نفسه لجنة فنية مفتوحة.
فما الذي تغير؟
ومن الذي أقنع نفسه أن الهلال يُدار من غرفة واحدة، برأي واحد، وعقل واحد؟
والأدهى من ذلك، أن بعض الجماهير باتت تردد للأسف أن “الهلال هو العليقي”، ولا ترى بديلاً، ولا تقبل نقدًا أو محاسبة، وكأن الهلال عجز أن ينهض إلا من خلال رجل واحد!
والدليل على هذا التوهّم، أن حتى الأمين العام للنادي خرج بتصريح غريب، لم يتحدث فيه عن ملفات النادي أو أولويات المرحلة، بل أكد فقط “بقاء العليقي”!
كأن كل ما يهم في الهلال اليوم هو تثبيت هذا الاسم، لا تصحيح المسار.
إن كان العليقي يريد أن يخدم الهلال حقًا، فعليه أن ينسحب من الملف الفني، ويكتفي بدوره كنائب رئيس، دون أن يجمع كل المناصب في يده.
وإن كانت للرئيس السوباط رغبة في إنقاذ ناديه، فعليه أن يفرض التخصص، ويفصل الملفات، ويُنهي عهد تغوّل الشخص على المؤسسة.
الهلال لا يحتاج إلى مموّل، بل إلى مجلس يفهم أن النادي ملك جماهيره، لا ملك أفراده.
ولا يحتاج إلى مدير يُمسك بكل المفاتيح، بل إلى رؤية جماعية، وأداء شفاف، ومحاسبة لا تستثني أحدًا.
**كلمات حرة:**
* من اجتهد يُشكر… ومن فشل يُحاسب.
* لا أحد فوق المحاسبة في الهلال، لا مالك ولا مسؤول.
* من ضيّع صوت الجماهير، ضيّع البركة، وضيّع الطريق.
* القرار في الهلال يجب أن يُولد من شورى، لا من عقل رجلٍ واحد.
**كلمة حرة:**
*من ظنّ أن الهلال لا ينهض إلا بظل العليقي… فقد اختزل الشمس في شمعة!*
قد يعجبك أيضا
تعليق 1
  1. روجر ميلا يقول

    موضوع الصرف في الهلال حساس جدا.
    زميلكم صاحب دبابيس سأل كثير عن اوجه الصرف في الهلال….وكلامه صح.
    بالدارجي جمهور الهلال والناس لازم تعرف القروش دي بتجي من وين وبتطلع كيف وكم الداخل ومارق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد