خارطة الطريق
* منذ أن بدأ العد التنازلي لفيصل العجب وهيثم مصطفى في ميادين كرة القدم، والجمهور الرياضي يترقب مولد أساطير جديدة يحملون راية الإبداع والتفرد من الملك والبرنس اللذين استمرا في الملاعب لقرابة العقدين دون أن ظهور لمن يخلفهما، حتى ظن كثيرون أن مولد أسطورة جديدة أمر شبه مستحيل، وليس هذا فحسب، بل أن فئة ليست قليلة فقدت الأمل حتى في ظهور (مواهب) جديدة بعد جيل مهند الطاهر وقلق وظنوا أن حواء الكرة السودانية أصابها العقم ولم تعد قادرة على إنجاب نجوم يمتلكون موهبة كبيرة، حتى بات الأمر بمثابة معضلة يتم إقامة الندوات للتباحث والتفاكر حولها.
* على المستوى الشخصي، كتبت عن الموضوع أعلاه عدة مرات، خصوصاً وأن ظاهرة تراجع المواهب كانت من وجهة نظري خطراً داهماً يهدد بقاء الكرة السودانية على قيد الحياة، سيما وأن كرتنا قائمة على الجماهيرية الطاغية وحب الشعب السوداني للعبة وهو الحب الذي كان يقل ويتناقص مع تراجع المواهب وغياب الأساطير، وهو وضع لو كتب له أن يستمر كان من شأنه أن يضع مستقبل كرتنا وشعبيتها على المحك.
* النقطة المهمة التي ينبغي التنويه لها والتوقف عندها كثيراً أن تلك المعضلة المتعلقة بتراجع المواهب و(الأساطير) ليست حكراً على الكرة السودانية فحسب، وإنما باتت أشبه بالظاهرة التي سيطرت على كل ملاعب العالم بدليل أن بلد مثل هولندا كان كثيرون في حقب ماضية يعتبرونها (منجم المواهب والإبداع الفطري) برغم قلة إنجازاتها فقدت مؤخراً تلك الميزة، وقبلها ما حدث في البرازيل وكل دول العالم، حيث لم تعد هنالك قدرة على إنجاب مواهب فطرية وأساطير ينثرون السحر الحلال على الملاعب بذات القدر الذي كان يحدث في عقود مضت.
* لكن الفرق أن دول العالم التي تتعامل مع كرة القدم كصناعة وعلم توصلت لتلك الحقيقة مبكراً وانتبهت لتلك الملاحظة، واتجهت منذ سنوات لـ(صناعة) اللاعبين عبر تعليم الصغار كرة القدم وتطويرهم في محاولة لتعويض نقص المواهب الفطرية، وكانت نتيجة ما يحدث أن طغت الجوانب التكتيكية في كرة القدم الحديثة على الجوانب المهارية، وارتفعت نسبة الأدوات التي تنفيذ خطط وتعليمات المدربين على العناصر المهارية التي تعتمد على الموهبة الفطرية وتقدم المتعة.
* المشكلة أننا في السودان نتأخر بسنوات ضوئية عما يحدث من حولنا، ونحتاج لعقود طويلة حتى نكون قادرين علي المواكبة والدخول لعالم (صناعة كرة القدم) وصناعة اللاعبين عبر الأكاديميات ومدارس تدريب الصغار كرة القدم، لذا فإننا لا نملك حالياً سوي خيار البحث والتنقيب عن المواهب، بعد أن أثبتت لنا الأيام أن حواء الكرة السودانية ما زالت قادرة على إنجاب المبدعين، وأن المواهب موجودة وكانت تحتاج فقط للعين الفاحصة التي تحسن الاختيار.
* وعندما ظل الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا) منذ نشأته حريصاً على وضع (سلامة اللاعبين) على رأس أولوياته في كل التشريعات ويولي هذا الأمر عناية فائقة في كل التعديلات، فإنه لم يفعل ذلك من فراغ ولكن لأنه يدرك جيداً مخاطر وأضرار عدم العناية بسلامة اللاعبين، فالعنف الذي يحاربه الفيفا بشراسة يعتبر المهدد الرئيسي لـ(المواهب) في ملاعب المستديرة، مع الإشارة لأن كل المنظومة الكروية تفعل كل الممكن وبعض المستحيل للبحث عن المواهب لأنهم من يمنحون كرة القدم رونقها وجمالها وبالتالي المنظومة نفسها مطالبة ومسئولة عن حماية المواهب، وأخطار وأضرار العنف تشمل تدمير (المستقبل المهني) للاعب باعتبار أن كرة القدم باتت مهنة للاعبين وليست مجرد هواية، وبالتالي فإن الإصابات تهدد مصدر الرزق الأساسي للاعب، وربما أسرته لأن كثيراً من اللاعبين يعولون أسرهم، وتمتد أضرار العنف لتشمل تهديد الأندية بخسائر مالية كبيرة في وقت تحولت فيه كرة القدم لاستثمار، حيث تخسر الأندية أموالاً طائلة في علاج اللاعبين وفي دفع رواتبهم أثناء فترة ابتعادهم عن الملاعب غير الخسائر الفنية التي يترتب عليها بطبيعة الحال خسائر مالية، أما الضرر والخطر الأكبر كما أشرت فيتمثل في التقليل من شعبية اللعبة وإنقاص جماهيريتها التي قامت أساساً على مقدار المتعة التي يجدها المتعة والأساس في تلك المتعة هو (اللاعب الموهبة).
* الشعب السوداني شعب محب لكرة القدم بصورة دعت الكثيرين خلال السنوات الفائتة للتوجه نحو كرة القدم العالمية بسبب تراجع نسبة المتعة في ملاعبنا وتزايد درجات العنف، لكن للأسف متابعتنا لكرة القدم في العالم لم تعلمنا شيئاً ولم تضف لنا الكثير وخصوصاً بالنسبة للمسئولين من إدارات وحكام إلى جانب الإعلام والجمهور وكذلك على مستوي اللاعبين، حيث ما زالت ثقافة استخدام العنف والإرهاب والتصفية الجسدية مع المواهب هي المسيطرة علي عقلية الإداريين والمدربين واللاعبين والجماهير وللأسف الشديد فإن الحكام والمسئولين عنهم في لجان التحكيم يشجعون على هذا السلوك الخطير والضار والمدمر بالخوف والجبن أو الانحياز أو الفساد أو أي أسباب أخري وذلك بعدم تطبيق القانون وتكريم (الجزارين) بالتساهل الشديد معهم ومجاملتهم وبالتالي تعريض المواهب لخطر داهم وهي مسألة تحتاج لوقفة طويلة وكبيرة من قبل كل من يهمه أمر الكرة السودانية وشخصياً أجزم أنه وفي حالة اللجوء لحكام أجانب لإدارة المنافسات المحلية فإن النتيجة ستكون أحد أمرين، فإما حطمنا الأرقام القياسية في عدد حالات الطرد في كل مباراة تلعب في ظل ثقافة العنف والتصفية الجسدية السائدة أو قلت حالات العنف في المباريات وتراجعت، وشخصياً أرجح الثانية لأن من يغري على تمدد ثقافة العنف تلك وسيادتها هو عدم تطبيق حكامنا للقانون ومتى ما كان هنالك تحكيم أجنبي فإن حجم العنف سيتراجع كثيراً لأن اللاعب وقتها سيخشي الطرد وسيدرك أن أي العاب وتدخلات متهورة وعنيفة ستكلفه الخروج من الملعب على عكس ما يحدث حالياً، حيث يعتمد الكثير من اللاعبين العنف وسيلة أساسية لإيقاف المواهب لعلمهم أن حكامنا بعيدين كل البعد عن تطبيق القانون وأنهم يفكرون ألف مرة قبل إخراج الورقة الحمراء وكأنها كارثة أو جريمة يرتكبها الحكم وليست وسيلة لحماية المواهب وتأمين استمرارها ووسيلة لمحارب العنف في ملاعب المستديرة وتهيئة السبل للمتعة بما يحافظ على شعبية كرة القدم وجماهيريتها.
* الكرة السودانية في حاجة ماسة لحكام أجانب.
حمل تطبيق كورة سودانية لتصفح أسرع وأسهل
لزوارنا من السودان متجر موبايل1
http://www.1mobile.com/net.koorasudan.app-2451076.html
3,699 حملو التطبيق
لزوارنا من جميع انحاء العالم من متجر قوقل
https://play.google.com/store/apps/details?id=net.koorasudan.app
13230 حملو التطبيق
على متجر mobogenie
http://www.mobogenie.com/download-net.koorasudan.app-3573651.html
5000+ حملوا التطبيق