المشهد يُفرح العامة، لكنه يُغيظ الفئة المتشددة، التي رأت في ظهورهن على الملعب الأخضر، الكثير مما يعيب.
لاعباتٌ صغيراتٌ جميلات المخبر، تعرضن لمضايقات في المنزل والحي، الشوارع والجامعات، استهزاءً بهن وتقليلا من شأنهن، بعد أن سيطر شعور لا يستهان به، وسط قطاعاتٍ عريضة، أنه فعل مشين.
النظام المعزول كان حريصًا على قبر الكرة النسوية، وتصويرها بالرياضة “العلمانية”، رغم علمه بتلقي اتحاده دعمًا ماليا لكرة النساء دون الصرف عليها. ��اللاعبات أصرين على خوض التجربة وتكوين فرق احترافية للمشاركة في حلمٍ طال انتظاره.
هن يدرسن في كليات متنوعة، طب أسنان، إدارة أعمال، لغات، ومجالات أخرى، لكنهن يمارسن هواية راودتهن منذ الصغر.
ارتدين أزياء مقبولة ومعقولة، ومارسن حرية رياضية في العلن وأمام الدولة والشعب.
صحيح أن مشاركة النساء في المناشط الرياضية قديمة للغاية، لكنها لم تُقنن بصورة كبيرة، فالاتحاد الدولي لكرة القدم يُشجع ويرعى هذه الرياضة ويدفع مئات الآلاف من الدولارات لتنمية مهارات النساء الكروية، غير أن اتحادنا ظل يصرف عليهن الفتات ليستفيد من المبلغ في دعم الدوري الرجالي، رغم أن الدعم المقدم للدول تتساوى فيه مبالغ الرجال والنساء! �دبلوماسيون غربيون، أبدوا سعادتهم أمس بهذا المشهد الجديد، وأن تكون هذه هي أولى المباريات النسوية التي يشاهدونها، في السودان.
أما الصحافة الرياضية الخشنة والقاسية بحسب البعض، قد تترفق بالنساء، خاصةً أنها شكلت حضورًا بارزًا، في الميلاد الكروي الجديد.
وإن أحببتُ الفكرةَ والمضمونً، بأن تشكل النساء حضورًا على المستطيل الأخضر، لكنني أعلم أنها لن تمضي قدمًا إلا إن رعت الدولة مواهب الصغار من الجنسين، عبر أكاديميات وتدريب متواصل ومدربين محترفين.
هي خطوة اجتماعية سياسية في المقام الأول، كسرت فيه حواجز ظلت منيعة من التدخل والاقتراب.
سينتقل المشهد إلى ولاياتٍ ومدن أخرى، الجزيرة، كادوقلي، بورتسودان، ليخلق للمرأة الرياضية مكانة مختلفة.
مبروك للاعبات ولأسرهن الذين حضروا إلى الملعب لتشجيع بناتهن على الكرة في ظل الحكومة المدنية.
ونأمل في بناء وتأهيل حقيقي للاعبات سودانيات قويات وماهرات، على قدر التحدي.
قيس