صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

نعم.. إنهزمت المليشيا من لحظة إستهداف المواطن وخسارة السند الشعبي..!!

19

 

أبوعاقله أماسا
* بعد ثلاثة أشهر ونصف من بداية الحرب، كتبت على هذه المدونة أن الدعم السريع قد انهزم رسمياً، وأن ما تبقى من الحرب إنما هي فصول حتمية لتأكيد ذلك النصر.. وكالعادة سخر البعض مما كتبت، وقليل من المعلقين أظهر تفهماً لما حاولت الإشارة إليه وإيصالها من رسائل.. ولا ألوم الذين جنحوا بعيداً ولم تستوعب عقولهم تلك الحقيقة، غير أننا كنا موقنين بانتصار الجيش ولو بعد حين، وسيخرج من هذه المحنة وقد إستعاد مكانته وسمعته كأقوى جيوش القارة، مع فوائد أخرى لا تقدر بثمن، ففي الحرب فوائد توازي مضارها..!
* هي الحرب.. يموت فيها العشرات والمئات والآلاف من جنود الحق، ويهلك أكثر منهم في صفوف الغزاة البغاة، وتذهب أرواح أخرى بريئة لم تكن طرفاً ولا سبباً من أسبابها، ولكن كتب الله لها أن تموت (وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلا)..!
* كانت أولى مؤشرات هزيمة هذا التمرد الذي دمر البلاد وأهلك الحرث والنسل عندما تعمدوا استهداف المواطن في كل حرماته.. نفسه وداره وماله وعرضه وكرامته، فقد جاءوا يحملون السياط ويلهبون ظهور النساء والرجال المسنين، ويقتحمون بيوت الأسر الآمنة وينتهكون عروضها، وينهبون أموال المواطنين وسياراتهم على أساس أنهم كيزان وفلول حتى نزح الشعب برمته وتحول الوطن لميدان يوزع فيه الموت، وكانوا يستبيحون مؤسسات الدولة ويدمرونها تدمير المخرب المنتقم.. ويتباهون بكل ما يرتكبونه من جرائم لدرجة أنهم من صورها ووثقها ونشرها فلم يكلفوا مؤسسات حقوق الإنسان كبير عناء لإدانتهم.. ثم جاءت إعترافات المنسلخين منهم أو المستسلمين فيما بعد لتكشف أن الصورة في الواقع أقبح بكثير مما يحاول إعلام الجيش رسمه وعكسه..!
* كل ذلك كانت بمثابة مراحل إثبات الهزيمة وتأكيدها، فما أظهرته المليشيا من قبح ما كان لها أن تنتصر وإن تركها الجيش على راحتها بدون اشتباكات، وهذه تؤكدها إحصائيات الذين هلكوا من جنودها في إشتباكات فصائلهم مع بعضها البعض، والأرقام هنا لا تكذب..!
* كنت على قناعة بأن المشروع الضخم الذي خططت له قوى الإستكبار والبغي واتخذت من خونة الداخل ادوات للتنفيذ قد إنهار من أول شهور الحرب، وأن مشوار الإنتصار الكبير قد بدأ منذ ذلك التأريخ تدريجياً وما تبقى متروك للوقت فقط، وإن حدثت بعض النكسات في فترة العام ونصف الفائتة من عمر الحرب.. فالواقع أن موقف الجيش وقوته ظلت في تصاعد، لقدرات المؤسسة في التدريب والتخريج والإعداد وإدارة العمليات ودراسة الميدان وتجاوز السلبيات، وفي المقابل كان الطرف الثاني في إنهيار يخسر ويفقد من كفاءته كل يوم أكثر فأكثر.. والدليل على ذلك أنهم لم يستوعبوا أن انتشارهم في الولايات وتوسعهم فيها يضعفهم وأنها ستكون النقطة التي تبدأ منها الهزيمة وأنها قاصمة الظهر، فقد خسرت قوات حميدتي أكثر من ٧٥٪ من القوات المدربة والمجهزة في المعارك الأولى وبدأت تعتمد إعتماداً كلياً على المستنفرين.. ممن أطلقوا عليهم (الإسناد).. وتضخمت أعدادهم بعد الحشد التأريخي لزعماء ونظارات بعض القبائل وتصوير الأمر بأنه حرب مقدسة وجهاد في سبيل الله وأن من يموت فيها شهيد..!!
* إنضمت أعداد كبيرة جداً لصفوف المليشيات، أغلبها بهدف النهب والسلب والإنتقام من المواطنين، ففقدوا السند الشعبي حتى في حواضنهم وكانت هذه أكبر هزيمة لا قبلها ولا بعدها ولم يبق بعد ذلك من يؤيدهم إلا قلة موتورة..
* وفوق ذلك وفي اللحظة المفصلية ظهرت تنسيقيات القبائل التي اختطفها حميدتي وأراد أن ينسج منها حبال المشانق للشعب السوداني، وارتفعت أصوات الحق والعقلاء وطغت على الخطاب الغوغائي الذي ألحق أضراراً جسيمة على تلك القبائل، وبدأت ثورة تصحيح عارمة تكتسح الساحة بعد طول انتظار.. والجيش يأخذ موقعه الذي كان من المفترض أنه يشغله من البداية.. بذات الهيبة التي يعشقها الشعب (بالفطرة) السليمة.. وبدأنا نحن كالعادة نرمي بالنظر إلى المستقبل الزاهي لسودان ما بعد هذه الحرب اللعينة.. كيف سيكون.. بعد أن حضرنا الفيلم كله وتأكدنا أن (البطل) لن يموت..!!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد