إلغاء الوزارة أم الاستثمار..؟!
من الجمل المكرورة المملة، والتي تصيب بعضنا “بالغثيان”.. “إزالة معوقات الاستثمار” و”تذليل العقبات التي تواجه المستثمرين”.
كلمات استخدمها النظام المخلوع على مدى عقود، إلى أن فقدت معناها، بل تحولت من حالة اللا معنى إلى الاستفزاز والاستهتار، لأنها أصبحت تعكس شيئا من الكذب والخداع والتضليل.
أخبار مؤسفة متعلقة بهذا القطاع تتوالى يوماً تلو آخر.
سليمان الراجحي، المستمثر السعودي المعروف، قرر سحب استثماراته من الولاية الشمالية بعد تعرضه لاتهامات حادة، بحصوله على المشروع بطريقة غير صحيحة..! الرجل قال لمن اتهمه، أنه حضر إلى السودان حباً ومساعدةً وليس طعماً، ليقرر بعد تلك اللحظة الخروج من السودان، إلا أن جهود قادها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، أفلحت في إقناعه بالعدول عن رأيه.
بعد ذلك بأيام قليلة، أقدم المستثمر الإماراتي أحمد سالم المنصوري على بيع مشروع “زايد الخير” الشهير لشركة محلية، منهياً جميع أعماله في الخرطوم ومغادراً إلى غير رجعة.
مع هذه الأحداث، أوقفت النيابة العامة رجل الأعمال وجدي ميرغني الذي يرأس مجموعة محجوب أولاد العاملة في المجال الزراعي قبل نحو 50 عاماً..
وجدي وغيره ليسوا بأعلى من القانون والمحاسبة، لكن ظل الرجل قابعاً في الحراسة للأسبوع الثالث دون تهم واضحة، ليفتح إلقاء القبض عليه الباب واسعاً للتحليلات.
الأول، بتنفير المستثمرين السودانيين والأجانب من الاستمثار وضخ الأموال وتحريك العمل والعمالة، دون إيجاد بديل، وإعطاء ملمح أن الاتهامات وإلقاء القبض يمكن أن يتم في أي لحظة دون اكتمال البينات.
أما الثاني، فهو القلق والخشية من أن تكون العدالة “عاجلة” لفئة ما، و”آجلة” إلى فئة أخرى، الأمر الذي سيحدث اختلالاً في مفهوم العدالة المنشود والمطلوب.
يكفي الحكومة الحالية، أنها ألغت وزارة الاستثمار من الحقائب الوزارية، فهل يا ترى ترغب في إنهاء الاستثمار نفسه وتصفيته من الأراضي السودانية..؟ يهرب الأجانب، ويغادر السودانيون إلى الخارج، ويحبس بعضهم في الداخل دون تهم محددة، وفي ظل كل هذا، لا يوجد بديل يعوض “الضئيل” المتوفر، وهو ما يُنذكر بكارثة..!