صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

هَـل مُشكلة الهلال أصبحت في جماهيره؟

42

صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد

هَـل مُشكلة الهلال أصبحت في جماهيره؟

في أحايين كثيرة، أحب الصّـمت والابتعاد والانزواء بنصف كوب من الشاي، لا سيما عندما أشعر أنّ الهلال يحتاج إلى صمتنا وليس حديثنا، هدوئنا وليس صخبنا ـ الطبيب قد يدلك على بعض الأطعمة المعينة عندما تكون مريضاً لتأكلها، وقد يمنعك من بعضها، لذا فقد يكون في المنع دواء، وفي الصمت كلام.
وكثيراً ما أشعر أنّ مُتعتي الحقيقية بالهلال تردني إلى أن أعيش دور (المشجع) بعيداً عن قيود الإعلام واشتراطاته، استمتع بالهلال أكثر وأنا (مشجعاً) وليس (صحفياً)، غير إنّي استمتع بالكتابة في حَـدِّ ذاتها، لذلك لا أستكين بعيداً عنها، ولا أعرف الحياة من غيرها، وليس من الضرورة عندي أن أنشر ما أكتب، فما أنشره هو قليلٌ من كثير.
أذكر عندما كنا طلبة في المراحل الأولية، كنا نكتب في أجندة وكراسات ودفاتر كتابات (سرية)، لا يطّلع عليها غيرنا ـ مازلت احتفظ ببعض هذه الدفاتر، التي أضفت لها كتابات أخرى في تلفوني وجهاز اللابتوب، أضعها تحت عنوان ليس للنشر أو (سري للغاية) ـ على الأقل في الوقت الحالي.. والكتابة فيها الجهر وفيها السر.
كنت أنوي الابتعاد قليلاً عن الميديا، أو عن الكتابة الرياضية لبعضٍ من الوقت أو إلى ما لا نهاية، والاتّجاه إلى ضروب أخرى في الكتابة، لكن وجدت أنّ ابتعادي في هذا التوقيت يشيع عندي روح الانهزام، ولا أحب في مثل هذا التوقيت أن أغيب، وأنا على ارتباط كتابياً مع بعض الأصدقاء، لا أقول القراء، بيني وبينهم حبلٌ من الحرف، لذلك أجّلت غيابي وابتعادي إلى حين، أريد أن أعيش حياتي في الهلال مشجعاً وليس صحفياً، انفعل وأفرح وأغضب بعيداً عن الكتابة، في ذلك مُتعة أكبر، لأنّ الكتابة مسؤولية، ليكون ابتعادي لاحقاً عـن الكتابة، في توقيت يكون فيه الهلال في أفضل حالاته، وهو قريبٌ من ذلك بإذن الله وتوفيقه، ثقتنا في الهلال تزداد كلما قلّت ثقة الآخرين فيه ـ نحنُ نُـراهِـن على الهلال في الأوقات الصعبة، ونسعد به في الأزمات ولا نتخلى عنه في أوقات الضيق ـ إيماننا بالهلال يقوى عند الصعاب والأزمات.
أسهل أنواع الكتابة بعد الإخفاق، هو أن تهاجم وتنتقد ـ القراء بعد الخسارة يُفضِّلون ذلك، ولكن هذا عندي أسوأ أنواع الكتابة، لذلك أفضِّل الاحتجاب من الانتقاد بعد الخسارة ـ نحنُ في مثل هذا الوقت في حاجة إلى (الرفق) لا إلى (الغلظة)، إلى الحكمة لا للتهور، خاصةً إننا نرى من الغالبية عندما يحدث الإخفاق، تهوراً وسباباً، وليس هنالك أفضل من الصبر عند الغضب والهدوء عند الصخب، والحكمة عند الفوضى.
إذا كان هنالك مريضٌ، فإن علاج هذا المريض لن يكون عبر اللوم والتقريع، وإنما يكون عن طريق الدعم واللطف والمطايبة.. حتى (المرض) تتعامل معه بأقراص قد تكون للدواء وقد تكون لتسكين الوجع، وقد تكوم للتهدئة، والفريق عندما يخسر يكون أشبه بالمريض الذي يحتاج إلى الرعاية والمتابعة والحُـب.
بعض الأمراض المستدامة يطلب من المريض أن يجعلها أصدقاء له، فمرض مثل السكري، عندما يصاب به أحد يقال له اجعله صديقاً لك ـ في ذلك فلسفة عميقة، علينا أن نتكيّف مع ظروفنا، وأن نجعل بيننا وبينها مودة، إذا كان لا بُـد من ذلك ـ حتى الأعداء لكي تضمن منهم حدّاً أدنى من التعامل الحسن، عليك أن تحسن معاملتهم، فأنت بذلك تذلهم وتجبرهم على احترامك (وَلَا تَسُبُّوا۟ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَیَسُبُّوا۟ ٱللَّهَ عَدۡوَۢا بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۗ كَذَ ٰ⁠لِكَ زَیَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرۡجِعُهُمۡ فَیُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ) سُورَةُ الأَنۡعَامِ: 108.
مؤمن أنا أن الكراهية في كل الأحوال لا تؤدي إلا إلى الجحيم.. (فَبِمَا رَحۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِیظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِینَ) سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ١٥٩.
لا تحسبوا (اللين) في مثل هذه المواقف منقصة، ولا تعتبروا (الغلظة) فلاحة. بالرحمة، وليس أعمالنا رهاننا يوم يبعثون.. يدخلون الجنة برحمته سبحانه وتعالى، لا بأعمالهم.. (وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَـٰضِبࣰا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَیۡهِ فَنَادَىٰ فِی ٱلظُّلُمَـٰتِ أَن لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّی كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ) سُورَةُ الأَنبِيَاءِ: ٨٧.
كثيراً ما أسأل نفسي هل أصبح (الجمهور) خصماً على فريقه؟
بمعنى هل أصبحت الجماهير تشكل ضغوطاً سلبية على أنديتها؟ ـ خاصة إذا كانت تلك الجماهير في قوة وشراسة جماهير الهلال.
عندما انظر إلى الانتقادات التي مارستها جماهير الهلال على فريقها في الفترة الأخيرة، أجد أنّ جماهير الهلال لم تترك لجماهير الأندية المنافسة شيئاً لتقوله عن الهلال، فقد قامت الجماهير بكل شئ يمكن الاستخفاف به من الهلال والانتقاص منه، وكثيراً ما أقول وكيف للهلال أن ينتصر إذا كانت جماهيره تهاجمه وتنتقده بهذا الشكل؟!
في هذه الوضعية وتلك الضغوط يبقى تحقيق الانتصارات صعباً ـ معلومٌ أن الهلال يلعب بعيداً عن جماهيره، وهذا أمرٌ اعتاد عليه الهلال، الجديد هو أنّ الهلال أصبح يلعب تحت تهديد وضغوط جماهيره حتى وهو بعيدٌ منها بسبب الميديا التي تجاوزت عاملي المسافة والزمن ـ كأن تلك الجماهير التي يفترض أن تكون نصيراً للفريق ومسانداً له أصبحت خصماً عليه وخصماً منه.
المشكلة إننا كجماهير أيضاً في حالات الانتصارات نفرط في الفرح ونسرف فيه بما يضر أيضاً بالفريق ـ لذلك أصبحنا مشكلة عند الهزيمة ومشكلة عند النصر.
صديقي التاج محمد الحسن من الهلالاب الراقين ـ هو فنان يمارس فنه حتى في تشجيع الهلال، يمتلك قدراً كبيراً من الوعي والثقافة والفهم الذي يجعلك تحترم أراءه حتى عندما تختلف معه فيها ـ صديقي التاج يرى أنّ الهلال أبدع وأجاد عندما ابتعد عن جماهيره.
وأنا أذكر انتصار الهلال على الأهلي المصري بهدف ليليبو ومدرجات استاد الهلال خالية من الجماهير، في الوقت الذي تعادل فيه الهلال قبل ذلك أمام الأهلي بعد أن سجل روفا هدف التعادل في حضور أكثر من 50 ألف مشجع، هم نجحوا في أن يجعلوا لاعبي الأهلي يشعرون بالهلع ـ لكنهم في نفس الوقت جعلوا لاعبي الهلال أيضاً يشعرون بالهلع. بعد هذه المباراة عاقب الاتحاد الأفريقي الهلال بسبب جماهيره.
صحيحٌ، سبق للهلال الانتصار بثلاثية نظيفة على الأهلي المصري في أم درمان في حضور جماهيره، وبفضلهم الجميل، لكن بنفس هذا الحضور خسر الهلال في ملعبه من مازيمبي بخماسية عندما كان استاد الهلال لا يوجد فيه موضع قدم.. تختلف الحالات هنا وهنالك، ونحتاج إلى الرجوع لمصنع الضبط لضبط الحالة عند اللاعبين وعند الجماهير قبل ذلك.
نحن لا نقلل من دور الجماهير ولا ننتقص من قدرها، فهي عز أي فريق وملح أي بطولة، لكن ما تفعله جماهير الهلال الآن يجعلني أرجع إلى ملاحظة التاج، فقد وجدت أن جماهير الهلال وصلت في انتقاداتها للهلال في الفترة الأخيرة إلى مرحلة التنمر ـ أنا من الذين يؤمنون أن الفريق عندما يخسر ويتراجع هو أكثر ما يكون في حاجة للدعم والمساندة والحب، لا الانتقاد والتنظير.
وما جدوى الجماهير وما معنى سندها وحبها، إذا لم يجدها الفريق وهو يمر بهذه الظروف؟!
أطمع في ناشطي ورواد مواقع التواصل الاجتماعي أن يرفضوا أو يقفوا أمام كل الأصوات التي تدعو للإحباط، والتي تتعامل مع الهزيمة على أنها كارثة أو نهاية الدنيا ـ تعلم أن تعود أقوى عندما تقع ـ مُتعة الكرة ليس في أن لا تخسر، وإنما في أن تعود أقوى بعد أن تخسر.
من المفارقات في الحياة أن الانطلاقة الأقوى تحدث دائماً بعد كبوة ـ لذلك لا تخشوا الكبوات.. فقد قيل العترة بتصلح المشي.. والسهم ينطلق أقوى كلما كانت إنحاءة القوس أكبر.
وأنا من الذين يزعمون بلا حرج أن وسائل التواصل الاجتماعي وما حدث من طفرة في تكنولوجيا التواصل، جعل الجمهور يتغول على حقوق الآخرين ، الجمهور أصبح يقوم بدور الإعلام ـ الصحافة المحترفة، والأقلام التي كانت تمتلك شيئاً من المهنية والخبرات، تلاشت في عالم السوشيال ميديا ـ وحتى من يمارس منهم الكتابة الآن ونحن منهم، أصبح يجاري مواقع التواصل الاجتماعي وذلك ليس ضعفاً منا، ولكن لأن تيار الصفحات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي أصبح جارفاً وأقوى، فإن لم تتحدث بلغتهم فلن يكون لك موقعٌ بينهم.
السودان ليس في حاجة إلى فلاسفة ـ نحن في حاجة إلى مواطنين شرفاء، يعرفون فقط قيمة وطنهم.
تحضرني هنا للأذكياء فقط هذه الواقعة التي أحكيها كما جاءت حسب ما قاله كاباييرو، وزير ملك إسبانيا كارلوس الرابع، ليبرر إرسال جاسبر ملتشور (١٧٤٤ـ ١٨١١) أفضل سياسي وإصلاحي إسباني في عصره إلى زنازين قلعة بيبير (جلالتكم لستم في حاجة إلى فلاسفة، بل إلى مواطنين مخلصين ومطيعين).
ومفهوم الإخلاص والطاعة عندنا ليس كما عند كاباييرو، وإنما الإخلاص والطاعة عندنا مبني على الإصلاح وعلى أن لا نتغوّل على حقوق الغير، وأن لا نفتي في كل الأمور كمُرشدين ومصلحين وفلاسفة، وننسى أنفسنا.
علينا أن نعلم أنّ الشائعة في مواقع التواصل الاجتماعي أسرع انتقالاً وشيوعاً من الحقيقة.
الجماهير بسبب السوشيال ميديا هي لم تتغوّل على الإعلام فقط، لم يكتفوا بالانتقاد والتنظير والهجوم والفلسفة، وإنما تغوّلوا أيضاً على مجالس الإدارات وعلى الأجهزة الفنية، فهم من يضعون التشكيلة وهم من يضعون طريقة اللعب، وهم من يصنعون القرار ـ عندما يحدث ذلك فإن الأزمة تبقى عند من تخرج منه، وليس عند الجهة التي يخاطبها وينتقدها.
لا أنسى يوماً كنت فيه مريضاً أشكي من أوجاع شديدة في المعدة، رافقني إلى الطبيب المختص ابن الخالة الدكتور هشام الخواض، وقبل أن أدخل على الطبيب المختص في عيادته كنت قد دخلت (قوقل)، وعرفت مرضي وأعراضه ودواءه، وما يجب عليّ أن أفعله، وما يجب عليّ أن أتركه، دخلت على الطبيب مذاكراً مرضي وكأني سوف أُمتحن فيه، وما أن سألني الطبيب إلا طرحت عليه كل ما أشعر به اجتراراً ـ أو ما أحسسته من (قوقل)، وأضفت على ذلك الدواء، ولم يتبق لي إلا أن أكتب الروشتة وأوقِّع عليها ـ الدكتور في البدء افتكرني زميلاً، قال لي إنت شغال شنو؟ قلت ليه (صحفي)، أول ما سمع كلمة صحفي وضع القلم على التربيزة، وطلع النظارة من عينيه، وقال لي: طيِّب إنت وقت عارف الحاجات دي كلها جاييني ليه؟ قال لي ذلك متهكماً طبعاً، حتى شعر ابن خالتي وهو طبيب بالحرج ـ منذ ذلك اليوم لا أحبذ أن أعرِّف نفسي بأنني صحفي ـ حتى بطاقتي الشخصية أصبحت أخفيها، عشان فيها المهنة «صحفي» ـ الكارثة الآن لم تعد فينا نحن برانا الصحفين، المشكلة بقت فينا كلنا، لأننا كلنا أصبحنا صحفيين.. وهذا هو تطورٌ طبيعيٌّ لأية مهنة، عندما تبرز فيها وتنجح سوف تضيف إلى مهنتك كلمة (إعلامي)، ويثبت هذا أنّ الطبيب الناجح لديه منابر ولديه صفحة ومشاركات إعلامية، في المنابر العامة والخاصة والقروبات على مواقع التواصل الاجتماعي ـ وكذا الحال لصاحب أية مهنة ناجح فيها ـ مهندس، محامي، معلم، شيف، ميكانيكي، سبّاك، رجل أعمال، حلاق، لا بُـد لأي شخص أن يكون إعلامياً إذا نجح في مهنته أو حرفته ـ عشان كدا نحن اتمقلبنا، لأن مهنتنا أصبحت تقبل أصحاب التميز في أيّة مهنة وفي التخصُّصات كافّة، وهم بالتأكيد بتكلموا بمعلومة لأنهم أهل تخصُّص، لذلك هم أفضل منا ـ وحتى الذين يفتقدون للموهبة والقدرات الإعلامية يمكن لهم أن يكتسبوها سريعاً من خلال الميديا وليس كما كان في زماننا تعمل سنتين في صحيفة أو إذاعة عشان يطلعوا ليك شهادة خبرة أو شهادة تدريب، يمنحوها لك بعد أن تطلع عينك.. الآن أبحث عن شهادة تخلِّصني أو تبعدني عـن مهنة الصحافة.
قبل ظهور الميديا الحديثة، كان الجميع يتفق في أن (الإعلام) هو أحد أوضح أزماتنا في الرياضة وتحديداً كانوا يقولون عن إنّ أزمتنا في الرياضة هي الصحف الرياضية، كان ذلك في وقت كانت فيه تلك الصحف تتمتّع بهيكلة إعلامية، وكانت هنالك رقابة ومحاسبة ومجالس وقيود، وكانت الصحافة محدودة الانتشار والتأثير ـ كيف يكون الحال الآن وأي شخص يمتلك صفحة يمكنه أن يكتب ويعبر فيها عن رأيه وينتقد فيها كما يشاء، يتهم ويسب ويلعن ويلقى رواجاً على ذلك ـ أنا لست متابعاً لما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي في أوروبا أو في أمريكا، أو حتى في الصين واليابان وماليزيا، لكن الذي أجزم به، إنهم في تلك البلاد لا يفعلون ما يحدث عندنا في المنطقة العربية، أو في دول العالم الثالث كافة، لذلك نحن متأخرون أو متخلفون، فقد أصبحنا كلنا فلاسفة وعلماء ومنظراتية.. اليوم كله قاعدين في الفيس والواتس، وأي زول يظهر ننط ليه في رقبته، وأي خبر عندنا فيه رأي.
وأعود مرة أخرى وأعيد إليكم (ما قاله كاباييرو، وزير ملك إسبانيا كارلوس الرابع، ليبرر إرسال جاسبر ملتشور (١٧٤٤ـ ١٨١١) أفضل سياسي وإصلاحي إسباني في عصره إلى زنازين قلعة بيبير (جلالتكم لستم في حاجة إلى فلافسة، بل إلى مواطنين مخلصين ومطيعين).
يؤكد الدور السلبي الذي أصبحت الجماهير تقوم به، هو ما أحدثه فريق بيراميدز أخيراً، فقد حقق هذا الفريق المصري بطولة دوري أبطال أفريقيا وجماهير هذا النادي تُعد على أصابع اليد الواحدة في المدرجات، ولا تتجاوز جماهيرهم على أفضل حال أسر اللاعبين الذين يلعبون لهذا الفريق ـ كما أن فريق بيراميدز بدون إعلام، إلا في حدود وظائف تم التعاقد معها بلا انتماء، لينجح الفريق بوضعيته تلك، ليتغلب على أندية جماهيرية كبيرة مثل الأهلي المصري والترجي التونسي وصن داونز الجنوب أفريقي، وبعد أن حقق بيراميدز البطولة الأفريقية الأكبر أصبح بطلاً على القارات الثلاث بعد أن تغلّب على بطل آسيا فريق الأهلي السعودي في ملعبه ووسط جماهيره.
نجاح بيراميدز ليس فقط لأنه يملك المال، بل لأنّ إدارته وجهازه الفني ولاعبيه يعملون بدون ضغوط جماهيرية وإعلامية.
غير إنّي أرى أنّ بيراميدز كحال كل الأندية التي لا تملك جماهير، هو مجرد ظاهرة، سوف تنتهي قريباً وسوف يتلاشى الفريق ويعود للدرجة الثانية عندما تتغيّر إدارته أو تتغيّر سياسة المالك، بإفلاسه أو غيره، لذلك تبقى أهمية الجماهير، حتى وإن تحدّثنا عن سلبياتها.
لا شك أَنّ أهم ميزة في الهلال وأعظم ما فيه (جماهيره)، وهو سره الذي لا ينتهي وإبداعه الذي لا ينضب، غير أنّنا نتمنّـى أن نتجاوز سلبياتنا ونُغيِّر بعض مفاهيمنا إذا أردنا أن نحقق بطولات قارية ـ الفريق يبقى كبيراً بصموده لا بانهياره، والجماهير يجب أن تكون داعماً وداعياً للصمود لا للانهيار.. لا تتركوا من ينتقد ويهدم ويحبط هو من يفكر لكم وهو مَن يقودكم ـ كونوا حائط صد لكل من يُحاول أن يهدم، أو يُـروِّج للانهزام.
ما يحدث في الهلال الآن طبيعيٌّ، الهلال بقيادة فنية جديدة، والهلال أضاف إلى كشوفاته 12 لاعباً جديداً، قد يصلوا إلى 15 لاعباً، لم يخوضوا مجتمعين أكثر من 7 مباريات، بما فيها مباراة تجريبية قبل سيكافا ومباراة الجاموس الأخيرة.
الفريق يفتقد الآن للتجانس والتفاهم، ويفتقد حتى للغة المشتركة، هذا الأمر لن يتوفّـر للهلال إلا عن طريق الصبر والدعم والمساندة.
الهلال عندما تَـوفّـر له الانسجام حقق الدوري الموريتاني، والأغرب من ذلك أنه حقق الدوري السوداني بقائمة لاعبين لا تتجاوز 15 أو 16 لاعباً، كان من بينهم ثلاثة محترفين فقط شاركوا في آخر ثلاث مباريات في النخبة، مع ذلك حقّـق البطولة وهو بقيادة فنية على رأسها مساعد المدرب خالد بخيت، الهلال في سيكافا بقائمة ضمت أكثر من 26 لاعباً، وفيها أكثر من 12محترفاً أجنبياً، وبجهاز فني عالمي، مع ذلك فشل في تحقيق سيكافا رغم أن المريخ الذي فاز عليه الهلال في النخبة برباعية أفضل من كل أندية سيكافا، كما أن الأهلي مدني والزمالة أم روابة لا يقلان عن أي فريق شارك في سيكافا.
لا أحدٌ يمكن أن يقارن بين هلال النخبة وهلال سيكافا ـ لأنّ الأفضلية بسنوات ضوئية لهلال سيكافا الذي ضم أفضل المحترفين ـ ولا مقارنة بتاتاً بين هلال الموسم الجديد وهلال الموسم الماضي، الاختلاف يبدو واضحاً في غياب الانسجام والتفاهم واللغة، وهي سماتٌ كانت متوفرة للهلال في الموسم الماضي، وللأسف الشديد ظهر أيضاً غياب الدعم والمساندة.. لكن الجودة تميل كلياً لهلال الموسم الجديد.
اصبروا على فريقكم فهو آتٍ بإذن الله، وإذا غاب دعمكم ومساندتكم للفريق أعلموا أنّكم سوف تكونوا السبب في الإخفاق، ولن يكون السبب “الإدارة أو الجهاز الفني أو اللاعبون”.
فخورٌ أنا بهذا الفريق، وموعودٌ معه بإذن الله وتوفيقه بالكثير من الانتصارات والبطولات والإنجازات والأفراح.

متاريس
تاني عاوز أقول شنو؟
عاوز أقول الدواء عندكم، فإذا بخلتم به على هلالكم، فلا تلومون إلّا أنفسكم.
ناس المريخ ديل عايشين حياتهم طول وعرض، ديل (اللبس) عملوا منه بطولة.
تم تغيير لون “الزي” التقليدي للمريخ بلون (كريمي)، عملوها لينا (بطولة) ـ لغوا هذا الزي، عملوها (بطولة)، رجعوا للون الأصفر عملوها (بطولة).
لو عندكم اللونين الأبيض والأزرق ماذا كنتم سوف تفعلون؟
ناس المريخ ديل بيدوني إحساس، إنه ُالمطرة دي لو صبّت في واطة الله دي ـ مفروض يحسبوها ليهم (بطولة).

ترس أخير: المُحاولة الفاشلة أقرب للنجاح من اللا مُحاولة الناجحة.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد