يصرح ترامب وكل يفسر على هواه
ما كان قبل الفاشر لن يكون كما سيأتي بعده
تصريحات ترامب ماهي إلا تتويج لترتيبات بدأت قبل شهر بالفعل
أبوعاقله أماسا
* لم نتفق كسودانيين على المشكلة، وبالتالي لن نتفق على الحل، ومع ذلك نتهافت جميعاً لنتلقف كلاماً قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكالعادة إختلفنا في التعاطي معه، وكل يفسر ما ورد على هواه، وبرغم أن المواقع الأمريكية مثل فوكس نيوز قد سبقت الجميع بتحليل موضوعي ومقنع، إلا أننا كسودانيين نستمر في ذات الطريق، ومن بين ضجيج الأسافير من يعتقد أن الحرب ستتوقف بإشارة فقط من ترامب..!!
– العالم من حولنا لا تدفعه أجندة تلوث رؤيته للحقائق، وأظنه ليس طرفاً في صراع الجواميس الذي يدور في السياسة السودانية منذ أن نالت البلاد إستقلالها وكانت الحرب التي نعيشها الآن واحدة من إفرازاتها المرة.
– العالم حولنا يعرف أن هنالك شعب يباد بأسلحة مليشيا مغتصبة ومجرمة، وأبرياء يقتلون بناءً على الهوية والعرق واللون، والفاعل يملأ الدنيا ضجيجاً ويتحدث بفخر وبجاحة عن جرائمه وأكبر عدد للمجرمين أحرار بعيداً عن العدالة والعقاب..!!
– هذه الحرب لن تتوقف بأمزجة السياسيين السودانيين الذين عجزوا عن تفاديها عندما كان بمقدورهم فعل ذلك، ولن تنتهي بتسوية الأمور على أساس عفا الله عما سلف، وكلنا يعلم أن التسوية الآن ستؤدي إلى تجدد الحرب ربما في أقل من عام واحد.. وأن لا للحرب والتلاعب بالمصطلح الذي يمارسه البعض يجب أن يترجم بشكل عملي إلى قهر المليشيا وإزالتها وتسليم السلاح للقوات المسلحة السودانية ومن ثم يعاقب كل مجرم على جرائمه إن كانت سرقات أو إزهاق أرواح أو اغتصاب وبعدها نجتمع كسودانيين لنتحدث عمن سيحكمنا… وهل نعود للمدنية أم نبحث عن (فرانشيسكو) جديد ليحكمنا.
– حرب السودان ليست مشاجرة بين مجموعتين في سوق المدينة، ولا هي ملاسنات بين شخصين.. وإنما هي حرب لا تقل عما كان في البلقان في نهايات القرن الماضي..!
– أما التحالفات الجديدة المتوقعة بناءً على حديث ترامب فهي لن تكون بعيدة عن الترتيبات التي كانت جارية منذ نكبة الفاشر بل تتويج لها، بمعنى أنها تتويج لمساعي الرباعية التي كان يعول عليها السودان، وليست رباعية الإمارات التي تشارك في الميدان مع القاتل والمغتصب ومن نهب ممتلكات الشعب، وسبق أن كتبت في إحدى مقالاتي مؤخراً أن ما سيأتي بعد أحداث الفاشر سيكون مختلفاً عما قبله، والحسم سيكون أقرب من أي وقت مضى، حتى لو كان بإتفاق بين طرفين فعلينا أن نجتهد لنعرف من هما وعلى ماذا سيتفقا؟
– هنالك تبديلات إضطرارية ستجري على تشكيلة الدعم السريع ومن حوله، وسيفقد حلفاء الشر أهم لاعبيهم بالإصابة في مقتل، وسيخرج البقية عن أجواء اللعب بسبب الإحباط.. وسيكون المنتصر في نهاية المطاف السودان بسيادته وسيطرته على أراضيه.. غير أن انتصار السودان يحزن بعض بني جلدتنا من المتلقبين على فراش الكفيل..!!
– لن تكون الحلول القادمة نزولاً على مزاج أحد، ولا رغبة أولئك الذين يضعون كل مشاكلنا في ميزان عداءهم للكيزان، وإنما تلبية حقيقية لرغبات الشعب ممن نهبت أموالهم وانتهكت عروضهم وفقدوا الأرواح البريئة.. فالشعب السوداني الذي يعتبره السياسيين السودانيين مجرد ممر تعبر به مصالحهم قد وجد من يسمع صوته بعد أحداث الفاشر، وقد وصلت صرخات أهالي ود النورة والهلالية وودعشيب وودراوة والفاشر وأمروابة وكازقيل والعلوبات وبات العالم كله يسمع نحيب الأمهات الثكالى ونشيج الأرامل وأنين اليتامى.. وقبل ذلك أصبح العالم كله يعرف أن أفشل سياسيين على الأرض هم الساسة السودانيين… فالحرب نفسها كانت وتظل محطة بعيدة من محطات الفشل في السياسة.



