كرات عكسية
محمد كامل سعيد
(22) عاماً على رحيل (سيف المريخالبتار)..!!
*مدخل أول:*
# انشغلنا حقيقة بامور الدنيا، وحاصرتنا المشاكل من كل جانب، ووجدنا انفسنا ـ غصبا عننا ـ نتجاهل اهم المناسبات، سواء الخاصة او العامة.. حقيقة فقد اصابتنا (حمى النسيان)، واثرت على درجات تركيزنا ومعرفتنا لبعض الاشياء من حولنا..
# ان تفاصيل الحرب اللعينة العبثية، التي اقتربت من اكمال عامها الثالث، تسببت في احداث كوارث عديدة بكل الاسر السودانية، التي اجبرت على النزوح.. هربا بارواحها، وبالتالي تخلت عن الكثير من عاداتها وتقاليدها الراسخة الثابتة..
# حكى لي احد الاصدقاء، واشار بانه صار من الطبيعي ان يجد شخصا، بعد سنوات الحرب الحالية، ولا يتذكر اسمه او وضعيته او علاقته به، واكد لي ان تلك الموافق اصبحت من الامور الطبيعية، التي حزن عليها عندما حدثت له اول مرة.. لكن احد معارفه خفف عليه تلك الحالة وذلك الشعور، واكد له بانه ـ اي صديقي صاحب الحكاية ـ يعتبر افضل حالا من غيره، وقص عليه العديد من القصص التي يشيب لها الولدان من شدة غرابتها وانتشارها خلال السنوات الاخيرة بين كل افراد الشعب السوداني الكريم..!!
# شخصيا صرت اتذكر الفواجع فقط، خاصة تلك التي حدثت امامي ايام الحرب، وداخل حينا ود نوباوي بام درمان، وجميعها اسفرت اما عن وفاة مجموعة من الجيران والاصدقاء بسبب وقوع دانة عليهم، او وفاة احد المعارف نتيجة لاحتجازه من جانب الجنجويد، او لغياب العلاج بسبب الحرب.. وغير ذلك من المآسي..!!
*مدخل مباشر:*
# في العام 2001 م، رجعت الى السودان في اجازة قادما من ريو دي جانيرو البرازيلية.. وبعد ايام هممت بزيارة الزملاء والاصدقاء الذين عملنا معا في فترات سابقة بمختلف الصحف.. وكانت مكاتب جريدة “المشاهد الرياضية” اول الجهات التي قصدتها، حيث يعمل العديد من الزملاء في مقدمتهم العزيز “فائز ديدي”..!!
# وصلت الى مكاتب المشاهد الكائنة جوار السفارة النيجيرية بشارع المك نمر، يا حليل شارع المك نمر وشارع عطبرة، وشارع البرلمان والجمهورية.. المهم رحب بي العزيز “فائز ديدي”، وجلست اتذكر معه تفاصيل فترة عملنا في جريدة الخرطوم التي كانت تصدر من القاهرة، واشرت الى انه كان بالامكان ان يغادر معنا الى البرازيل، لو لا انه كان في رحلة لاداء العمرة بالمملكة العربية السعودية..!!
# خلال تلك الجلسة، دخل علينا الاستاذ الراحل “صلاح سعيد” الذي كنت اسمع عنه وعن كتاباته وانحيازه الكامل للمريخ الكيان، وانه انسان نزيه ودغري، لا علاقة له البتة بالاداريين وصحافة الاشخاص.. فما كان من الاخ “فائز ديدي” الا ان عرّفنا ببعضنا.. وبمجرد ان قدمني “ديدي” للراحل “صلاح سعيد” فما كان منه الا ان سالني عن: ما اذا كنت اعرف احد الاشخاص في البرازيل، يمكننا التواصل معه ام لا..؟! فاكدت له انني اعرف الكثير من الأشخاص، احدهم اخ سوداني..!!
#.. وسريعا جدا حكى لي الراحل قصة مدرب برازيلي (قاده السماسرة) لتدريب المريخ، في غفلة من الزمان، فاراد ان يتأكد عبر ذلك الشخص ـ الذي اعرفه ويتواجد في البرازيل ـ من حقيقة انه ـ اي المدرب ـ ينتسب الى قائمة المدربين الذين يتواجدون في قوائم الاتحاد البرازيلي لكرة القدم.. فرحبت بالفكرة، خاصة وان الراحل كانت لديه معلومة قديمة تؤكد ان المدرب (المضروب) يعمل مدربا للكرة الطائرة.. وحقيقة تحمست للقصة، واكدت بانني ساحاول استفسار صديقي المتواجد في ريو دي جانيرو..!!
# فذهبت مع الراحل “صلاح سعيد” الى مكتب المدير العام لصحيفة المشاهد، والذي على ما اعتقد ان اسمه (ابراهيم الصافي).. والذي رحب بي، وقام الراحل بشرح القصة للمدير العام، قبل ان يسمح لنا باستخدام التلفون الدولي من مكتبه، لاجل التاكد من المعلومة التي كان الراحل يعلم بحقيقة انها خطيرة وخطيرة جدا، خاصة وان الجهة (المخموم فيها) كانت هي نادي كبير في قامة المريخ، بكل اسمه وتاريخه وانجازاته وبطولاته المحلية والافريقية والاقليمية..!!
# اخرجت المفكرة.. (يا حليل زمن المفكرات اللي كنا بنكتب فيها ارقام التلفونات.. والله لا كان في محمول، ولا لاب توب ولا يحزنون).. ورغم ذلك كنا في قمة السعادة.. لكن برضو كان في سماسرة، يتواجدون في نادي المريخ منذ ذلك الوقت، لكنهم حقيقة لم يتمددوا كما هم الان، وكمان كان الارزقية، في بداية مسيرتهم التي تمكنوا مع مرور الوقت ـ للاسف ـ من فرض سيطرتهم الكاملة وكلمتهم على الزعيم..!!
# المهم ابلغني الراحل “صلاح سعيد” باسم المدرب الذي اعتقد ان اسمه (فاركو والا ماركو ما متذكر والله)، وبعد ما اتصلت بالاخ السوداني (عبد الله المحسي)، والذي وافق مشكورا على القيام بالمهمة، بعد ما اعطيته اسم المدرب رباعيا، المراد للتأكد من وجود اسمه في سجلات المدربين بالاتحاد البرازيلي لكرة القدم، ام انه غير موجود..؟! فطلب مني فرصة (ايام معدودة) لافادتي بالنتيجة الحاسمة..!!
# انجزت الاتصال، واستأذنت للانصراف.. فما كان من الراحل الا ان طالبني بضرورة التواجد في اليوم الذي حدده الاخ “عبد الله” لتاكيد المعلومة.. ولما سالته لماذا..؟! اصر الراحل على، ان اكمل المشوار، على اعتبار انني انا الشخص الذي اعرف الاخ “عبد الله”، ومن الانسب ان اتحدث معه.. وعمليا وافقت واصر على ان اكون متواجدا في اليوم والزمن المحدد، لانهم في الصحيفة لا ولن يتصلوا بصديقي الا حال تواجدي.. فوافقت..!!
# في اليوم الموعود، حضرت وجلست مع الاخ “فائز ديدي”.. وعندما وصل الراحل الى مكاتب المشاهد، توجه مباشرة الى مكتب الاخ “فائز”، فوجدني في الانتظار، وعلى الفور ذهبت معه الى مكتب المدير العام، واجريت الاتصال بالاخ “عبد الله” الذي حمل لنا الخبر اليقين، واكد ان الاتحاد البرازيلي ـ وعبر خطاب رسمي ـ ان اسم المدرب المذكور غير مسجل في السجلات الخاصة بمدربي كرة القدم التابعة للاتحاد..!!
# ولان صديقي، “عبد الله المحسي”، كان يتحدث البرتغالية بطلاقة، فان الشخص الذي اكد له تلك المعلومة تبرع بمجاملته، وبحث عن اسم المدرب في العديد من الاتحادات، عبر الكمبيوتر، واكد له ان المدعو (فاركو والا ماركو، اعطيناه الاسم رباعي) انما هو مدرب كرة طائرة، مقيد اسمه في سجلات المدربين بالاتحاد البرازيلي للكرة الطائرة.. تصوروا المريخ منذ ذلك الوقت محاصر بالسماسرة والارزقية واصحاب المصالح وغيرهم..!!
# وبعد يومين او ثلاثة.. وبينما انا اهم بمغادرة منزلنا في ود نوباوي، اذا باحد المريخاب الاصلاء، يحادثني من بعيد قائلا: (شفت اسمك في عمود سيف المريخ البتار الليلة)..؟!! فاندهشت، واقتربت منه، وسالته: (اسمي انا)..؟! فاكد ان الراحل “صلاح سعيد” استدل باتصال البرازيل الذي تم بواسطتي، وذكرني في زاويته المقروءة، وحكى كل تفاصيل القصة..
# وبعدها عدت الى الخرطوم نهاية 2002 وعملت في صحيفة الخرطوم، بقيادة الراحل فضل الله محمد والباقر عبد الله، فسمعت بخبر وفاة سيف المريخ البتار “صلاح سعيد”.. ولما ذهبنا وجدنا ان الجثمان نقل من المستشفى.. فقد منا واجب العزاء بعد الدفن… (الا رحم الله الراحل المقيم صلاح سعيد واسكنه فسيح الجنات مع الشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا).. اللهم امييين يا رب العالمين.
# تخريمة أولي: يوم الثاني عشر من شهر يوليو الماضي، مرت علينا الذكرى الـ(22) لرحيل سيف المريخ البتار “صلاح سعيد”، وفات علىَ ان اتذكره واترحم على روحه الطاهرة.. وها انا ذا استعيد تلك القصة بعد مرور اربعة اشهر بعد الـ(22) عام على الرحيل المر..!!
# تخريمة ثانية: نسأل الله ان يرحم الراحل “صلاح سعيد” ويغفر له، ويسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وحسن اوليك رفيقا.. كما ندعو القراء الاعزاء الدعاء للراحل المقيم الذي ستظل ذكراه باقية بيننا طوال حياتنا..!!
# تخريمة ثالثة: (سيف المريخ البتار)، كان لا يخاف في الحق ونادي المريخ لومة لائم.. وظل يحارب ويقاتل ويبدي رايه بكل شجاعة، بجميع القضايا التي تخص المصلحة العامة للكيان، بعيدا جدا عن اي مآرب خاصة او البحث عن مكاسب شخصية..!!
# همسة: حليل الراحل صلاح سعيد الذي ترك في الإعلام شاغرا، فتوسع اصحاب المصالح اللئام.. (نسألكم الفاتحة على روحه)..!!



