صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

93

كارثة أكبر من الحرب…عصابات ترتدي الزي العسكري وتمارس القتل بحرية

أبوعاقله أماسا
* ليس إكتشافاً بقدر ماهو إفصاح بأنني اقتنعت بأن من أكبر مشكلات السودان أن مسؤوليها لم يفهموا محور وأساس أزمات البلاد ومشكلاته، وبالتالي فشلوا في الحلول.. والأدهى والأمر.. حدثت تراكمات للأخطاء منذ الإستقلال دون الوقوف عندها والتعامل معها لإستدراكها ومعالجتها، وتسارعت هذه الإشكاليات في آخر عشر سنوات من عمر الإنقاذ وتوجت وتمكنت في إنتقالية ما بعد الثورة.. عندما ركز المسؤولين على إزالة آثار الإنقاذ أكثر من الإنتباه للتحدي الذي ينتظرهم لبناء الدولة..!!

صلب الموضوع

* قبل إندلاع هذه الحرب اللعينة كنت مهتماً بالكتابة في الصحف، وعبر هذه المساحة عن التفلتات الأمنية في أم درمان، وحالة السيولة وانتشار الظواهر السالبة في الأطراف القريبة وظهور الشرطة والجهات الأمنية أمام هذه الظواهر منهزمة ومتداعية، للدرجة التي يهاجم فيها متفلتون قسم الشرطة أو نقطة بسط أمن شامل وتطرد أفراده وتمر الحادثة وكأنها مشاجرة عادية، وتهاجم أقسام الشرطة لتحرير مجرمين دون ردود أفعال، ويطلق سراح بعض المدانين بجرائم كبيرة لأسباب سياسية ومن جهات سيادية ..!

تطورات خطيرة

* وصلنا مرحلة تنهب فيها فتاة أمام مرأى المارة وتستغيث وتصرخ ولا أحد يغيثها خوفاً أن يكون هو الضحية ويتلقى طعنات السكاكين المميتة..!
وكنا نعيش داخل العاصمة مع ظواهر إنعدام الأمن وارتفاع معدل الجريمة بشكل مرعب، بينما كان السياسيون يمارسون جدلهم ومغالطاتهم وتصفية حساباتهم ومعاركهم، والدولة السودانية تتآكل من أطرافها، وتتداعى القوانين وتتوارى في الأدراج، وكتبت كذلك عن حوادث كثيرة في شمال أم درمان، ليس لأنني صحفي مهتم بالجريمة ومتشعباتها، ولكن… كمتخصص أكاديمي في العلوم السياسية والدراسات الإستراتيجية كنت أعرف أنها مؤشرات لإنهيار الدولة.. كيف؟

ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب

* أن تقبض على الآلاف من مرتكبي جرائم القتل العمد.. ويحاكموا.. وتصدر الأحكام عليهم بالإعدام.. ومن ثم ينتظرون لأكثر من سبع سنوات في سجونهم.. يأكلوا ويشربوا على حساب الدولة، ويتأخر تنفيذ أحكام الإعدام بحجة أنه لاتوجد محكمة دستورية للمصادقة.. ثم تندلع الحرب ويخرج هؤلاء القتلة بالآلاف وينتشروا… وبدلاً أن كان الواحد منهم مداناً بجريمة قتل روح واحدة.. وجد أمامه السلاح والسلطة والفضاء الرحب والحرية ليحصد من الأرواح مايشاء وكيف يشاء ويفرغ كل أسقام نفسه في المجتمع.. ومع ذلك ندخل الموضوع في الموازنات والمزايدات السياسية ونضعه ضمن أجندة المتحاربين… هل هنالك من يفهم في هذه الدولة المنكوبة؟
* ألم يقل خالقنا عز وجل في محكم تنزيله:(ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)؟

لقد شاركتم في قتل الشعب

* في تقديري أن ساسة بلادي، وعطالى الأحزاب وصعاليكها ممن نهبوا أموال البلاد وطبلوا في ردهات السياسة للكسب الرخيص.. من كانوا في البرلمانات ومن كانوا في أجهزة العدل.. كلهم قد شاركوا في قتل السودانيين وليس الدعم السريع وحده.. لأن من نعرفهم بالإسم (فلان بن فلان بن فلانة) وقتلوا فلاناً وحكم عليهم بالإعدام وخرجوا من السجون بعد الحرب يسرحون الآن في قتل من شاءوا من السودانيين هم قضية خارج أطر الحرب الدائرة الآن.. ولا عزاء للقانون القابع في الأدراج..!

كبير المجرمين بزي الجيش

* في الثورة (محلية كرري).. وتحديداً في سوق صابرين، وقبل قرار نزوحي إلى الجزيرة والإنضمام لأهلي هنا، رأيت بأم عيني (م ر ع).. ولا أظن أن هنالك رجل مباحث في أم درمان لا يعرفه، فهو مجرم مصرم، إرتكب من الجرائم ما يصلح لكتاب (كشكول الإجرام)، رأيته يرتدي زي الجيش السوداني ويحمل السلاح ويترنح.. أدركت من لحظتها أن الأمور لا تسير إلى خير، وأن ما كنا نتخوف منه في تلك المقالات والبوستات قد حدث، ثم جاء من سميناهم وقتها بقوات عقار، وارتكبت مارتكبت من موبقات.. وبعدها رأينا في شمال أم درمان كل أعاجيب الحروب برغم أن الدعم السريع لم يصل إلى تلك المنطقة حتى الآن.. ولكن الشاهد على ما ذهبت إليه أن كل من كانوا سبباً في الإنهيار الأمني الذي كنا نعيشه قبل الحرب، إرتدوا في لحظة من اللحظات زي الجيش وسرحوا ومرحوا وقتلوا ونهبوا.. ولكي ندعم ذلك بالأدلة، لدينا مجموعة من التجار تحركوا إلى أم درمان، وتعرضوا هناك للنهب والترهيب.. ممن قالوا كذباً أنهم رجال جيش.. وهم لا يعلمون بالطبع أن هناك من ارتدى زي الجيش مستغلاً أجواء الحرب.. وفي المقابل لدينا الآن في الجزيرة آلاف ممن يرتدون الزي العسكري ويتحركون بحرية لارتكاب ما شاء لهم من جرائم..وبعد أن تنتهي الحرب بإذن الله سنكتشف أن هنالك مشكلة أكبر من الحرب وهي أن الجريمة قد أصبحت أكبر من قدرات الدولة لمحاربتها.

القبض على عصابة (جيبن جيبن)

* قبل إسبوع من الآن قرأت خبراً مقتضباً يفيد بأن السلطات في محلية كرري ألقت القبض على مجموعة ترتدي زي القوات المسلحة وتمارس قتل ونهب وترويع المواطنين.. أين؟ في محطة (جيبن جيبن) للوقود في آخر محطة بالثورة بالنص.. على بعد خطوات من بيتي وخطوتين من منطقة وادي سيدنا العسكرية… فما رأيكم الآن؟
* نحن في الجزيرة الآن نعيش في ذات الحالة، حيث أعداد كبيرة ترتدي زي الدعم السريع وتسرح فساداً وقتلاً ونهباً.. وهذه ليست محاولة للدفاع عن الدعم السريع.. فتلك قضية مختلفة عما أطرحه الآن، بل هي محاولة لشرح ما يحدث على الأرض بدقة،بحكم أنني رأيت وعايشت هنا وهناك.. وقد انتشرت أعداد كبيرة من المسلحين المجهولين يطوفون ويسكنون في البيوت التي خلت.. وهم لا ينتمون للدعم السريع ولا يعرفون قادته من الأساس.. ولدينا أدلة وبراهين الآن..
* هنالك جرائم بشعة ارتكبت في هذه الحرب.. ولكنني أريد أن ألقي الضوء على جانب آخر بعيد عن الجيش والدعم السريع.. فنحن الآن نواجه خطراً آخراً..!!

سأعود لأكمل

قد يعجبك أيضا
تعليق 1
  1. الاميرالسيدعلي يقول

    بالفعل الاخ الكريم الحرب ستنتهي يوما ما و لكن الجريمة و المجرمين تجزروا و استوطنوا في خلايا المجتمع السوداني المنهك بجرحات الحرب اللعينة تبت ايدي من اشعلها وتب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد