صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

خَسَارَة عَادِيّة

1

صَابِنّها
محمد عبد الماجد

خَسَارَة عَادِيّة

عندما ينتصر النادي أو المنتخب، تجد الناس فرحى بذلك الانتصار، النشوة تبلغ بهم حَدّاً كأنهم سكارى وما هم سكارى، تجدهم كلهم يتبادلون التحايا وينثرون الفرح ويُوزِّعون السعادة، يغنون للخليل.. عندما ينتصر فريقك تجد من يقول لك: والله أولادنا ما قصّروا، ومن يقول نحن ما ساهلين، وناسنا ديل أبطال، وما في زيّنا.. تسمع مثل هذا الكلام الذي يجعل الانتصار يعود وينسب للمتحدث، عملنا ولعبنا وانتصرنا وقدمنا وأبدعنا وهكذا دواليك.
وعندما تقع الهزيمة، نفس الذين كانوا يلاقونك في الانتصار ويردون الانتصار لهم أو يربطونه بهم يقولون لك عند الخسارة: دا شنو البتعملوا فيه دا؟ ونحن ما قلنا ليكم الجماعة ديل ما بنستروا ـ وإنتو بتنفخوا في قِربة مقدودة، أصلو دا حالهم بعد ما لبّنت أدّوها الطير وتسمع كذلك مثل هذه الكلمات، ما نافعين.. ودي ما كورة، وديل منتهين.. واصلو دا حالنا، والعرجة لي مراحها.
وهناك مَن يجلس على ربوة منطقه ويقول لك: والله أنا ما هاماني النتيجة بس الأداء كان كعب. مثل الزول الذي يلطم ويندب ويشق الجيوب عندما يفقد موبايله ويقول ليك الموبايل ما مشكلة، (الموبايل سعره مليار ونص ) لكن المشكلة الأرقام وعندي فيه حاجات مهمة، رغم أن أي شخص أصبح يتجاوز هذه العقبة بالرفع إلى قوقل.
قوقل عملت كل شئ.
عندما نخسر، تبدأ حملات نقد وتصفية حسابات تستهدف لاعباً أو اثنين يركز عليه النقد، رغم أن كرة القدم لعبة جماعية والأخطاء الفردية فيها موجودة، ولكن يتحمّلها الجميع.
أما المدرب فهو الذي يكون صاحب القدر الأكبر في النقد.. يهاجم في تشكيلته وفي الطريقة التي لعب بها والتبديلات التي قام بها، ما يخلوا ليه صفحة يتقلب عليها!!
نحن نخسر لأننا كلنا مدربين، ولأننا نتعامل مع مباريات كرة القدم على أنها انتصارات فقط، ونحن لا نملك مؤهلات الانتصارات الحقيقية.
نحن لا نعرف التعامل مع الهزيمة، وكذلك لا نعرف التعامل مع الانتصار، في الهزيمة، نهدم كل شئ وفي الانتصار نرفع الفريق السماء حتى إنّنا لا نجعل هنالك مجرد فرضية أو احتمالاً للخسارة، لذلك عندما نخسر يحدث الانهيار.
علتنا أننا نفرح بإفراط عند الانتصار، وهذا نقصده ونعنيه لأننا في حاجة إلى الفرح، نفعل ذلك إيماناً بأن نعيش اللحظة، لكن ما هي مبرراتنا في ذلك الانهيار الذي نقود إليه الفريق عندما نخسر.
الهزيمة ليست مشكلة.. المشكلة فينا نحن.
أنا وأنت والخبراء والفلاسفة والمنطق، نعرف أنّ انتصاراتنا يلعب فيها التوفيق والصدفة والدافع الشخصي أو الوقتي دوراً كبيراً.
نحن نعرف إننا ننتصر بدون دراسة أو تخطيط أو أبحاث، ومن غير علم لا أقصد بذلك التقليل من المدرب أو اللاعبين، ولكن أقصد أن أقول لا توجد خُططٌ طويلة المدى أو حتى قصيرة لكي نحقق الانتصارات والبطولات، لا توجد دولة تُخطِّط أو وزارة تدرس وتضع البرامج أو اتحاد ينفذ ويرعى، وهذا ليس فقط في زمن الحرب.. هذا دأبنا منذ الاستقلال.
نحن ماشين ساكت، ليس في الرياضة فقط، نحن ماشين ساكت في كل شئ، في التعليم وفي الصحة وفي الإعلام وفي الاقتصاد وفي الفنون.. في كل شئ.. حتى في الحرب.
نحن لا نملك بنية تحتية ولا خُططاً، ولا نملك قطاعات للناشئين ومدارس للرعاية، بل نحن لا نملك حتى النوايا الطيبة والداعمة من الحكومات للرياضة وهذا منذ الاستقلال وحتى وقتنا هذا.
الدولة تضع الرياضة في آخر اهتماماتها، بل لا تضعها حتى في قائمة الاهتمامات، ينظرون للرياضة على أنها لهوٌ ولعبٌ وكلام فارغ، رغم أنّ الأمم والدولة تُبنى بالرياضة وتتقدّم بها، ودولة بدون رياضة هي دولة بدون صحة وبدون عافية، وبدون رابط، بل بدون حياة، إنه لمُحزنٌ جداً أن نرى الدول الأفريقية الصغيرة والفقيرة وهي تملك ملاعب مُجازة وتمنح الرياضة الأولوية والاهتمام الكبير، ونحن ضمن ثلاث دول في أفريقيا أسّست الاتحاد الأفريقي لكرة القدم لا نمتلك ملعباً واحداً صالحاً لممارسة كرة القدم ـ هذا ليس في الحرب فقط، بل هذا كان حتى في أفضل حالاتنا، وقبل الحرب كان المنتخب والهلال والمريخ يلعبون خارج السودان.
القصة ما قصة حرب.
نظرتنا لكرة القدم تتمثل في أننا فشلنا في بناء وتأهيل ملعب المدينة الرياضية أكثر من ثلاثين عاماً، لقد جعلنا المدينة مرتعاً للكلاب والقطط الضالّـة قصداً حتى نجعلها غطاءً لنهب اللصوص والحرامية، واللصوص هنا للأسف الشديد هم ليسوا حرامية عاديين، اللصوص هنا هم القادة والمسؤولون.
ملاعب عالمية ومدن رياضية كاملة أُنشأت في خلال 3 أو 4 سنوات، ونحن على مدى ثلاثين عاماً فشلنا في إكمال ملعب المدينة الرياضية، فكيف لا تقع الحرب؟
اذا فشلنا في 30 سنة من بناء ملعب ، طبيعي ان نفشل في 90 دقيقة في الانتصار في مباراة كرة قدم.
لماذا نحاسب اللاعبين الضعفاء ولا نحاسب انفسنا.
خسارة المنتخب أمام النيجر بالأربعة خسارة عادية وطبيعية.. لماذا الاستغراب؟ يحدث هذا لمنتخبات وأندية تمتلك مقومات ومؤهلات للانتصار أكبر منا.
في كرة القدم يمكن أن تخسر وأنت في أفضل فتراتك وأحسن حالاتك، قد تخسر بنتيجة كبيرة بعد أن تكون قد حققت نتائج جيدة، فجأةً تسقط بخسارة مذلة، هذا يحدث في مباريات كرة القدم.
حدث للبرازيل وحدث لألمانيا على مستوى المنتخبات، وحدث لأندية مثل ريال مدريد وبرشلونة.
السودان أو أي نادٍ سوداني يمكن أن يخسر ونحن بدون دراسة وبدون مقومات حقيقية للانتصار.
عندما ننتصر لا يعني ذلك أننا الأفضل، أو أننا الأجدر أو علينا أن لا نقبل الخسارة بعد ذلك.
إذا تأهّلنا لنهائيات الأمم الأفريقية على حساب غانا والنيجر، لا يعني ذلك أنّنا أفضل منهما. وإذا تأهّلنا لنهائيات كأس العالم ليس يعني ذلك أنّنا أفضل من السنغال.
نحن نبحث عن (صدفة) وهذا أمرٌ يحتاج إلى مجهود وتعب أكبر.
في هذه الظروف وتلك الأوضاع ونحن بدون أي مقومات حقيقية، علينا أن نعلم أنّ الانتصار إذا حدث فهو استثناءٌ، وأنّ الهزيمة هي القاعدة، نحن نحاول أن نجعل الاستثناء قاعدة، هذا أمرٌ صعبٌ يحتاج منّا إرادة أقوى وإصراراً أكبر ومواهب أعظم.
لهذا يجب أن لا نهاجم اللاعبين والجهاز الفني حتى لو خسروا وفشلوا لا قدر الله في التأهُّـل.
علينا أن ندعمهم وإن فشلنا في التأهُّـل.. فكيف لنا أن نبخل بذلك ونحن مازلنا في أرض المعركة والفرصة مازالت مُـواتية.
نبخل بالدعم المعنوي، في الوقت الذي نطالب منهم ببذل الغالي والنفيس من أجل الوطن.
المنتخب السوداني قادرٌ إن شاء الله على التأهُّـل، مع كل الظروف والمُعيقات، نثق في التأهُّـل وإن حدث عكس ذلك لا قدر الله سوف يكونوا محل تقديرنا واحترامنا وحبنا.
مثلما نرد الانتصار لنا، الهزيمة أيضاً ترجع إلينا.
ما نبقى في الانتصار نعمل فيها أسيادها وفي الهزيمة نُحمِّل غيرنا وزرها.
عندما ننتصر، ننتصر كلنا، وعندما نخسر، نخسر كلنا.
مُواجهة مُهمة ومصيرية تنتظر المنتخب السوداني لكتابة التاريخ والتأهُّـل إلى نهائيات الأمم الأفريقية، التأهُّـل يبدأ من عندنا.
الثقة والإرادة والإصرار أمورٌ لا يأتي بها اللاعبون من الشارع، هذه الأمور يمنحها الإعلام والجمهور لفريقه.
يجب أن نمنحهم الثقة، وأن نعطيهم الإرادة والعزيمة.
لن نتخلّى عنهم في كل الأحوال، حتى لو فشلنا في التأهُّـل لا قدر الله، سوف يظل المنتخب منتخبنا والوطن وطننا والسودان سوداننا.
هذا هو حالنا، وسوف نظل سعداء بهذا الواقع وبيدنا وحدنا من يملك أن يُغيِّر واقعه.
لا تلوموا أحداً.. نحن إذا أردنا أن نمشي لي قدام بنمشي، ولو عاوزين نقيف هنا بنقيف.
نحن نصنع أقدارنا، لماذا نصنع أقداراً بائسة وأليمة؟!
التأهُّـل للنهائيات يبدأ من هنا.
يبدأ من الدعم.
المنتخب يحتاج للمزيد من الحب، فلا تبخلوا على الأوطان بما تستحق.
ثقتي كبيرة في تأهُّل المنتخب.. نحن قادرون على ذلك، رغم أننا لا نملك المقومات الكافية لذلك.
سوف نُعوِّض نقصنا وفقرنا بالمزيد من الإصرار والإرادة والثقة، رغم أنّ هذه الأشياء هي الأخرى أصبحت علماً ودراسة وتخطيطاً.
لا تتأخّر عن وطنك وهو في أشد الحاجة إليك.
أدعم.
وأدعم.
وأدعم.
وهذا أضعف الإيمان.

متاريس
فقدنا شهيد اخر ورصاصة غادرة وجائرة تصيب لاعب الاهلي الخرطوم السابق والمدرب الحالي ياسر الحاج.
ياسر الحاج كان يملأ الحياة بهجة وحيوية ونشاط.
عندما كنت اشاهده في المنطقة الفنية كنت اشاهد الحياة كلها.
اللهم ارحمه واغفر له.
وفقدنا في هذه الايام الصحفية اميرة العبيد.
وتتواصل الاحزان لنفقد والد الزميلين محمد وعمر الطيب الامين .. فقدنا الطيب عم الطيب الامين.
الفقد في هذه الظروف صعب وموجع .. قد تكون بعيد وقد تحرم حتي من تقديم العزاء.
اللهم اعد السودان الي وضعه الطبيعي واحفظ اهله في كل البقاع وتحت اي سماء.
قدم لاعب الهلال المعار لفريق النصر الليبي سليمان عز الله مباراة كبيرة أمام الزمالك في مباراة اعتزال النجم الليبي كمونة.
الفريق الليبي انتصر على الزمالك 2 / 1 وعيد مقدم سجّل في شِباك الزمالك وظهر بصورة جيدة بعد أن شارك في الشوط الثاني.
المُهم هو أنّ الهلال أصبح يمتلك لاعب ارتكاز جاهز اسمه سليمان عز الله يلعب في الهلال والمنتخب اليوم قبل الغد.
مباراة الهلال أمام الاتحاد الليبي أعادت روفا الذي نعرف وأرجعت كذلك الموريتاني خادم.
الحاج ماديكي قدم مباراة كبيرة وكان النجم الأول في المباراة.
كسبنا حارساً كبيراً اسمه محمد مدني.
الطيب عبد الرازق وديولا وجونيور جنود مجهولة في الهلال، هذا الثلاثي يُقدِّم في مستويات رفيعة.. وما في زول بقيف عندهم.
لاعب الكرة السودانية القادم بقوة والذي سوف يكون النجم الأول في البلاد هو ياسر عوض.
بن زيتون أثبت أنّ الصبر عليه سوف يجعله يثمر زيتوناً.
الهجوم على أبوعشرين أصبح عادة مملة وأسلوباً مكشوفاً.
إذا قدم أبوعشرين مستوىً سيئاً، فإنّ الذي يقدمه من ينتقده بهذه الصورة أسوأ.
لا أحد يمكن أن يقلل أو يطعن في وطنية أبوعشرين، لكن الذين ينتقدونه بهذا الشكل هم من يفتقدون الوطنية.
مشكلة المنتخب الوطني الحقيقية أنتم وليس أبوعشرين.
جمهور المنتخب السوداني ينتظره دورٌ كبيرٌ في ملحمة المنتخب القادمة في بنغازي.
التأهُّـل إن شاء الله سوف يكون من بنغازي.
هكذا أرادت الأقدار أن يكون التاريخ.
نقول يا رب.
ونتلاقى إن شاء الله بعد التأهُّـل.
….
ترس أخير: الفرحة عندما تتأخّـر بتبقى أكبر.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد