* عندما طالعنا خبراً يتحدث عن تخويل وزارة المالية لمؤسسات الدولة بالصرف من ميزانية 2020 تساءلنا، أي ميزانيةٍ يقصدون، بعد أن تم تعليق مشروع الموازنة انتظاراً لعقد مؤتمرٍ اقتصاديٍ يفترض أن يلتئم في شهر مارس المقبل، ولم تشرع أي جهة في التحضير له حتى اللحظة.
* ما أهداف المؤتمر المنتظر، وما هي أجندته، وبأي منهجٍ سيعقد؟
* متى ستعلن هوية المشاركين فيه، وكيف سيتم انتقاؤهم؟
* حرصت على حضور الحوار التلفزيوني الذي أجراه الزميل الباشمهندس عثمان ميرغني مع رئيس الوزراء، على أمل أن أَجِد أسئلةً شافية حول المؤتمر الذي يفترض فيه أن يحدد رؤية الحكومة لكيفية إدارة ملف الاقتصاد، والنهج الذي ستعالج به أعقد أزمة اقتصادية في تاريخ السودان المعاصر، فلم يتكرم الأخ عثمان بطرح تلك الأسئلة على ضيفه، مثلما لم يتكرم رئيس الوزراء ومرافقاه بالتطرق للمؤتمر المنتظر.
* نخشى أن يمر الوقت سريعاً، لتتم كلفتة المؤتمر على عجل، أو يحيق به ما أصاب تكوين المجلس التشريعي من تسويفٍ، لتبقى الدولة بلا جهاز رقابي يضبط أداءها، ويقيم مردودها.
* وضح من ثناء حمدوك على بعض وزرائه الموصومين بضعف الأداء أنه يؤمن بسياسة إكمال المباراة بلا تبديلات، مهما تواضع أداء بعض اللاعبين، واتضح من لجوئه إلى تعيين وزراء دولة لبعضهم أنه سيكرر الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها الإنقاذ، بإصرارها على الاحتفاظ بمن ثبت ضعفهم، وأجمع الناس على تواضع مردودهم، لتلجأ إلى نهج )الدفرة والترقيع(، على أمل أن يفلح في تحسين الأداء.
* الثابت أن حكومة الفترة الانتقالية تعمل حالياً بلا برنامجٍ اقتصاديٍ، وتكتفي بالتسيير العسير، وتستخدم أسلوب إطفاء الحرائق بالتركيز على توفير السلع الأساسية بنهج )الجرورة(، الذي تتعامل به كناتين القطاعي، لتبقى أسيرةً لأزماتٍ متتاليةٍ في رغيف الخبز والوقود والغاز والدواء وغيرها.
* تشهد على ذلك إجابة وزير التجارة والصناعة مدني عباس عن توقعاته بانتهاء أزمة الخبز خلال أسبوعين أو ثلاثة، ونجزم أن ذلك لن يحدث، ولو حدث فستتجدد الصفوف أمام المخابز بعدها بوقتٍ قصير، وستصاحبها صفوف أخرى للوقود، طالما أن خزائن بنك السودان خاويةٌ على عروشها، وطالما أننا ما زلنا نعتمد في استيراد القمح والوقود على المنح والهبات.
* تسبب سوء أداء وزارة الزراعة في فشل الموسم الشتوي، وأدى تخبط وزارة الصحة في إدارة ملف الوبائيات إلى حظر صادر المواشي، وأدى التنازع حول أيلولة البنك المركزي وحل الغرفة التجارية إلى تعطيل انسياب الصادرات، وتراجع قيمة حصائلها، لينعكس ذلك سلباً على العملة الوطنية التي وصلت معدلاً غير مسبوق من التراجع أمام الدولار.
* إذا أضفنا لما سبق تعطل صادرات الذهب بعد أن آلت مساعي حصرها على شركة بعينها إلى سراب سنخلص إلى أن الوضع الاقتصادي لحكومة الفترة الانتقالية أكثر من حرج، وأن استمرارها في إدارة الملف المذكور بذات الطاقم الحالي، وبنفس النهج غير المدروس سيؤدي إلى تفاقم الأزمات وتصاعدها، وتراجع السند الشعبي القوي الذي حظيت به الحكومة الانتقالية منذ ميلادها.
* على رئيس الوزراء والمكون السياسي الذي أتى به أن ينتبها ويشرعا في إصلاح شأن حكومتهما قبل أن تستنزف ما تبقى من رصيد، وتفاجأ بمن دعموها يخرجون إلى الشوارع مجاهرين بنقدها، ومطالبين برحيلها.