صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺭﻏﻴﻒ

42

ﺑﺸﻔﺎﻓﻴﺔ

ﺣﻴﺪﺭ ﺍﻟﻤﻜﺎﺷﻔﻲ
ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺭﻏﻴﻒ

ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺤﺮﻭﺑﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ، ﻋﻦ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ‏( ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺷﺘﺎﺀ ‏) ﺍﻟﺬﻱ ﻫﺰﻡ ﺍﻗﻮﻯ ﻭﺃﻛﺒﺮ ﺯﻋﻴﻤﻴﻦ ﻭﺟﻴﺸﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻭﺭﺑﻲ، ﻭﺣﻜﺎﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺳﻨﺄﺗﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎﻫﻮ ‏( ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺭﻏﻴﻒ ‏) ، ﺍﻧﻪ ﺍﻟﺮﻏﻴﻒ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺩﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﻠﻄﻦ ﻭﺗﺪﻛﺘﺮ ‏( ﻣﻦ ﺩﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭ ‏) ﻭﺗﻌﺰﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﻭﺍﺳﺘﻌﺼﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻋﺼﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻝ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ، ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺷﻜﻠﺖ ﻣﻨﻪ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻬﺪﺩ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻳﺘﻀﺎﺀﻝ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺃﻱ ﻣﻬﺪﺩ ﺁﺧﺮ، ﻓﻼ ﺍﻟﻜﻴﺰﺍﻥ ﻭﻻ ﺍﻟﻔﻠﻮﻝ ﻭﻻ ﺍﻟﻤﺘﺮﺑﺼﻴﻦ ﻳﺴﻮﻭﻥ ﺷﻴﺌﺎً ﺃﻣﺎﻡ ﺧﻄﻮﺭﺗﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺍﻥ ﻧﺒﻪ ﺍﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺼﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺪﺍﻋﻤﻴﻦ ﻟﺤﻜﻮﻣﺘﻬﺎ، ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺍﺷﺎﺭﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﺳﺘﻬﻼﻟﻴﺔ ﺗﻮﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﺃﺧﻄﺮ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻮﺍﺟﻬﻬﺎ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ، ﻫﻲ ﺑﻼ ﻣﻨﺎﺯﻉ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻌﺎﺵ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﻬﺮﺑﺎﺀ ﻭﻣﻴﺎﻩ ﻭﻣﻮﺍﺻﻼﺕ ﻭﻭﻗﻮﺩ ﻭﺩﻭﺍﺀ ﻭﻟﺠﻢ ﺍﻟﻐﻼﺀ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﺣﺶ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﺎﻋﺪ ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺗﺮﻭﺍﺡ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺑﻞ ﻭﺗﻀﻴﻖ ﺣﻠﻘﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﺿﻄﺮﺍﺩ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻀﻌﺔ ﺍﺭﻏﻔﺔ ﻛﻤﻦ ﺃﺣﺮﺯ ﻧﺠﺎﺣﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻭﺑﺎﻫﺮﺍً، ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺑﺎﺏ ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻴﻢ ﺍﻷﻭﺩ ﺑﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ ﺃﺧﺸﻰ ﻣﺎ ﻳﺨﺸﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻥ ﻳﻬﺰﻣﻬﺎ ﻭﻳﻄﻴﺢ ﺑﻬﺎ ‏( ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺭﻏﻴﻒ ‏) ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ‏( ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺷﺘﺎﺀ ‏) ﺑﻨﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﻭﻫﺘﻠﺮ ..
ﻭﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺷﺘﺎﺀ ﺗﻘﻮﻝ ﺣﻴﻦ ﻗﺮﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﻏﺰﻭ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﻋﺎﻡ ‏( 1812 ‏) ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻠﻚ ﺃﻗﻮﻯ ﻭﺃﻓﻀﻞ ﺟﻴﺶ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻗﺘﺤﻢ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﻭﺱ ﺍﺳﺘﻐﻠﻮﺍ ﺍﻟﻌﻤﻖ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻲ ﻟﺒﻼﺩﻫﻢ ﻓﺎﻧﺴﺤﺒﻮﺍ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﺘﺒﻜﻮﺍ ﻣﻌﻬﺎ . ﻭﺣﻴﻦ ﺩﺧﻞ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﺣﻴﺚ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﺒﻴﺮﻳﺎ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ، ﻓﺄﺣﺒﻂ ﻭﻗﺮﺭ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ . ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺣﻞ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﻭﻧﺰﻟﺖ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﺇﻟﻰ 40 ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺼﻔﺮ، ﻓﻤﺎﺕ ﻣﻌﻈﻢ ﺟﻴﺸﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﺒﺮﺩ . ﻭﻣﻦ ﺃﺻﻞ 600.000 ﺭﺟﻞ ﻗﻀﻰ ﺯﻣﻬﺮﻳﺮ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﻋﻠﻰ 550.000 ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻫﻲ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﺗﻌﻮﻳﻀﻬﺎ ﺃﺑﺪﺍً ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎً ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ، ﻛﻤﺎ ﻛﺮﺭ ﻫﺘﻠﺮ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻐﻠﻄﺔ ﺣﻴﻦ ﻗﺮﺭ ﻏﺰﻭ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﻭﺍﺣﺘﻼﻝ ﺣﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻓﻴﻬﺎ . ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﺗﻤﻠﻚ ﺃﻗﻮﻯ ﺟﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻧﺠﺢ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺑﺠﻴﺶ ﻗﻮﺍﻣﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺭﺟﻞ .. ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺳﺘﺎﻟﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺩﺭﻙ ﻋﺠﺰ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ – ﻗﺮﺭ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ﻭﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﻧﺴﺤﺎﺏ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻗﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ . ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﺸﺎﺭﻑ ﻣﻮﺳﻜﻮ، ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﺣﺎﺻﺮﻭﺍ ﺳﺘﺎﻟﻴﻨﺠﺮﺍﺩ ﻟﻌﺸﺮﺓ ﺃﺷﻬﺮ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﺸﺘﺘﻬﻢ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﺒﺮﺩ ﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻧﺪﻓﺎﻋﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺸﺮﻕ . ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﺍﻟﺮﻭﺱ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺮﺩ ﻭﺍﻟﺰﻣﻬﺮﻳﺮ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻒ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻷﻭﺭﺍﻝ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻧﺸﺄﻭﺍ ﻣﺼﺎﻧﻊ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺿﺨﻤﺔ . ﻭﺣﻴﻦ ﺣﻞ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺭﺱ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺮﻭﺱ ﻫﺠﻮﻣﺎً ﻣﻌﺎﻛﺴﺎً ﻣﺪﻋﻮﻣﺎً ﺑﺄﺳﻠﺤﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻭﺟﻨﻮﺩ ﻣﻦ ﺳﻴﺒﻴﺮﻳﺎ ﻳﺄﻛﻠﻮﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴﺪ ﻭﻳﺴﺘﺤﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﺮﻙ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺜﻠﺠﺔ .. ﻭﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً ﻛﺒﺪ ﺍﻟﺮﻭﺱ ﺍﻟﻨﺎﺯﻳﻴﻦ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻭﻗﺮﺭﻭﺍ ﻣﻄﺎﺭﺩﺗﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺑﺮﻟﻴﻦ .. ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺍﺧﺮﺟﻮﺍ ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺛﻢ ﺃﻭﻛﺮﺍﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺒﻠﻄﻴﻖ – ﻭﺗﻤﻜﻨﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺑﻮﻟﻮﻧﻴﺎ ﻭﺭﻭﻣﺎﻧﻴﺎ ﻭﻫﻨﻐﺎﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻨﻤﺴﺎ ﻭﺷﺮﻕ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ..
ﺍﻟﺠﺮﻳﺪﺓ

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد