إلي أن نلتقي
قسم خالد
دثرت الاماني المخملية ..!
عندما ثار الشباب في ديسمبر وخرجوا للشارع ، لم يهابوا بطش العسكر ، ولم ترهبهم اصوات الرصاص ، ولا حملات الاعتقال ، ولا البمبان ، ثاروا من اجل العيش الكريم ، وقتها كانت البلاد تئن من الازمات ، وقود ، نقود ، وتردي في كافة اوجه الحياة ، ثار هولاء الشباب من اجل العيش الكريم ، ثاروا بعد ان اصبحوا (عطالى) يجالسون بائعات الشائ في الاحياء ، حتى متنفسهم الوحيد (شارع النيل ) تم اغلاقه ، فكانت ثورة ديسمبر المجيدة التي مهرها هولاء الشباب بالدماء ، وفتحوا صدورهم لرصاصات العسكر ، وهم لا يهابون الموت ولا التنكيل ولا حملات الاعتقال الجائرة التي انتظمت الاحياء والاسواق .
هولاء الشباب ، وتلك الثورة التي قاموا بها بهرت العالم بسلميتها ، فكانت مضربا للمثل بشعاراتها (حرية .. سلام وعدالة) ، وعندما اكتملت تلك اللوحة الشبابية واسقطوا حكم المخلوع ارتفعت طموحات هولاء الشباب حتى ناطحت السماء ، وحينما وقعت الحرية والتغير مع العسكر الوثيقة الدستورية اغسطس من العام 2019 فرح شعب السودان كما لم يفرح من قبل ، واحتفوا بالتوقيع كأنهم يحتفون باستقلال السودان ، وعندما اعلن عن (حمدوك) رئيسا للوزراء ازدات فرحة الشباب وحلموا بوطن جامع ، لا شتات فيه ، بل وصار حمدوك ايقونة في فم هولاء الشباب ، فأنتشرت عبارة (شكرا حمدوك) ، امتلئت بها الاسافير ، والصحف ، وعربات النقل بمختلف اشكالها وانواعها ، وازدانت بها الشوارع والطرقات ، بل ان الشباب عندما يلتقيك وقبل ان يبادرك بالتحية يقول لك (شكرا حمدوك) ايمانا منهم بان هذا الرجل الذي نال اجماع كل اهل السودان بيده طوق النجاة لهذا البلد المأزوم ، لكن الحال تبدل تماما عندما ازداد الوضع سؤا ،وناطح الدولار السحاب ، وانتشرت الصفوف في كل بقعة من بقاع السودان بحثا عن وقود او رغيف ، او غاز .
وفقد الشباب واهل السودان الامل في حكومة الثورة (المهادنة) وسلكت حكومة الثورة ذات النهج الذي سلكته الانقاذ للاسف الشديد .
اعلنت الحكومة منذ فترة عن محطات وقود (مدعوم) واخرى بالسعر (التجاري) ولم يظن احد ان الحكومة ارادت ان (تغش) اهل السودان بذات طريقة اهل الانقاذ ، اذ انها وبعد فترة وجيزة للغاية جففت محطات الوقود (المدعوم) وبات كل الوقود (تجاري) وارتفع سعره من (28) جنيه الي (128) جنيها بزيادة مائة جنيه كاملة ، وقتها قدر الشباب ان تلك (الخدعة) التي قامت بها الحكومة تصب في مصلحة السودان باعتبار ان الدعم الذي كان يذهب للوقود سيذهب لخدمات اخرى يستفيد منها المواطن كالصحة والتعليم ، لكن خاب ظنهم فالمستشفيات ظلت كما هي ، اما في مجال التعليم فاهو وزير التربية يخرج علينا طالبا الدعم من اجل المساهمة في الكتاب المدرسي .
والان تتحدث الاخبار عن رفع الدعم من جديد ، ونحمد الله ان الحكومة سترفع الدعم كليا حتى نرتاح من مسالة (قاعدين ندعم الوقود) بكذا مليار دولار في العام ، لنرى وقتها ماهي (فزاعة) الحكومة الجديدة فيما يتعلق بامر دعم الوقود .
اما الاغرب والادهى والامر ذاك الاعتذار الذي قدمه رئيس مجلس السيادة للشعب السوداني بشأن الصفوف التي ملأت الشوراع والاذقة والحواري والطرقات العامة ، وقبل ان يتعتذر لنا رئيس مجلس السيادة عن تلك الصفوف كان عليه ان يبين لنا خطتة باعتباره رئيس الدولة للخروج من تلك الصفوف التي حيرت الجميع ؟
بالطبع الشعب السوداني على علم تام بان المسئولين على مستوى السيادي والوزراء لم يصطف فيهم احد في أي صف من تلك الصفوف التي امتلأت بها الشوارع ، فوقوده يعبأ من مال الشعب السوداني ، وما يمتطيه من سيارات فخيمة لا تتوقف ماكينتها عن الدوران حتى اذا هم ان يذهب الي مكان ماء يجد عربته تسبح في بحور من البروده ، فهو لتوه خارجا من تكيف مركزي ، الي تكيف اكثر (مركزية) ببنزين الشعب السوداني .
اخيرا اخيرا ..!
والاغرب بل الادهى والامر ان يخرج علينا رئيس المجلس السيادي وقائد الجيش مخاطبا قواته في وادي سيدنا منذ فترة ليست طويلة طالبا منهم (التفويض) ، نعم تفويض وهو الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة ، ولا ادرى لما التفويض هو الرئيس ؟؟؟
وحتى قائد قوات الدعم السريع اقر ، وبصم بالعشرة بفشلهم الذريع في ادارة شئون الحكم على الاقل من الناحية الاقتصادية ، ولم نسمع يوما ، بل ولم يسمع الشعب السوداني ان رئيس مجلس السيادة ونائبه قد قدما استقلتيهما رغم اقرارهما بالفشل ؟
وحتى رئيس الوزراء عندما قام بحل مجلسه خرج علينا بعد (48) ساعة معلنا ان الشعب السوداني خلال او اقل من خمسة عشر يوما سيسمع اخبارا سعيدة ، فلم نسمع الا عن صفوف الوقود والرغيف والغاز .
اخيرا جدا ..!
الحكومة اعترفت بفشلها ، رئيس الوزراء حل مجلس الوزراء ، نائب رئيس مجلس السيادة اعترف بفشلهم ، كل الوزراء على يقين تام بانهم فاشلون في المهمة التي اوكلوا بها رغم ذلك لم نر احدا منهم قدم استقالته سوى وزير المالية الدكتور ابراهيم البدوي الذي ترك لهم الجمل بما حمل وعاد من حيث اتى .
الشعب السوداني يعاني من كل شئ ، يعاني من الوقود ، والرغيف ، والغاز ، والكهرباء ، وغلاء الاسواق ، وارتفاع الدولار ، ولا احدا من الوزراء يعشر بما يعانيه هذا الشعب الذي ثار واسقط الطاغية .
رغم تلك المعاناة التي فاقت المعقول فلا احد يتمنى ان يعود حكم الكيزان من جديد ، فهولاء دمروا الاقتصاد والبنية التحتية ، نهبوا البلد ، ونهبوا ثرواتها وجعلوها (جنازة بحر) الكل في انتظار ان تخرج الي الضفة .
اذهبوا فانتم الطلقاء