البعد الاخر
صلاح الدين حميدة
21 اكتوبر انقسام الشارع الى محايد ومعارض.
بعيدا عن النخب والقادة العسكريين والسياسيين في مساحات احتجاجات ٢١ اكتوبر لشباب الثورة الرسالة من الجيل الجديد أنهم بالسلمية آلتي نجحوا وانتصروا فيها بسلمية التوجه والوجهة بعقلية جيل الماضي المشؤم فكرا وعقلا وقولا وعملا أرسل الشباب رسالة جددت فكر جيل جديد طبف في أرض الواقع تجسيد شخصية الوطن والمواطن والوطنية والمواطنة فلا احتكاكات عنف بينهم كل يعبر عن هتافه بحرية وسلام وعدالة دون غلو اوتطرف أو ارهاب انتصروا على عقول محور الشر العقيمة ومنعوا بقوة ومنعة وحصن وثقة وثبات أسلوب العنف والشاب الذي استشهد كان رسالة بأن شباب الثورة بذكاء وحكمة وفطنة سلمية الثورة حقنوا الدماء من أصحاب الفتنة والضلال بإسم الدين وهزموا مكونات الفساد والظلم السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي وبدأت ملامح الثورة انتصارا نجح السلام وبشربات إزالة إسم السودان من الدول الراعية للارهاب واخيرا نحن كل لحظة أمام بصمات جيل جديد بخارطة طريق السلام والحرية والعدالة التي تمسك وأمسك جبل الشباب بزمام ثمرتها التي أينعت وحان قطافها والايام ستشهد أكلها والله اكبر..
ما حدث في يوم 21 اكتوبر كان انقسام فى الراى العام والشارع السودانى الذى اصبح فى حيرة من امره بسبب سياسية فى فشل حكومة الفترة الانتقالية فى ادارة البلاد
وعدم تحقيق ما يرضى المواطن فى ظل ازمة اقتصادية طاحنة لم تستطيع الحكومة عمل المعالجات اللازمة مما حد بالبعض منهم الخروج فى موكب 21 اكتوبر الذى تبيانت فيه وجهات النظر المختفلة مابين معارض ومحايد..
توقعت ان يخرج الكيزان في يوم 30 يونيو وليس في يوم 21 اكتوبر ، ففي هذا اليوم وُلد نظامهم البائس ، وفي هذا اليوم تم دفنه عندما خرجت الملايين من أبناء الشعب السوداني وشيعت ما تبقي من نظام الحركة الإسلامية الي مثواه الاخير ، ولذلك اختار أنصار البشير يوم 21 من اكتوبر ليكون تاريخ الميلاد الجديد للعودة للحكم ، وللامانة
التاريخية شارك الاخوان بشكل محدود في ثورة اكتوبر علي نظام عبود ، ولكن تلك الثورة لا زالت نخبوية، الفريق عبود رحل عن السلطة عن طريق مظاهرات شعبية محصورة في الخرطوم ، ولم يكن للفريق عبود اي حزب سياسي او قاعدة جماهيرية تدافع عنه ، فالرجل كان زاهداً في الحكم ، ولم يكن يتشبث بالسلطة ، ولذلك رحل من دون ان يترك مجازر تسيل فيها الدماء على الارصفة والشوارع كما فعل بعده المخلوع البشير ، ولذلك لم يكن اسقاط نظام عبود تحدياً كبيراً للشعب السوداني ، بل كان أشبه بصيد البط الواقف .
التحدي الاكبر الذي واجه الشعب السوداني كان هو اسقاط نظام البشير ، فالرجل حكم البلد لمدة ثلاثة عقود ولكن كان استثماره الاكبر في بناء الأجهزة الأمنية لحماية حكمه من السقوط ، وقد عقد تحالفات داخلية وخارجية وكانت المحصلة هي البقاء في الحكم باي ثمن ، لم يكن نظام البشير معزولاً عن الشارع ، فالرجل كان يدفع للحشود ويدفع ثمن الترحيل وحتي المكالمات التلفونية ، فقد كانت الدولة هي الحزب ، والحزب هو الدولة ، و بنى علاقات مشاركة سياسية مع احزاب عديدة كانت واجهة له، ولا زال الناس يتذكرون خطبة الدكتور التيجاني سيسي وهو يتغزل في البشير ،
ثم استجار بقيادات وزعماء القبائل، والناظر ترك والذي يعيث الفساد في شرق السودان هو أحد أذرع البشير ، وحتي قبل سقوطه كان للبشير جماهيره التي تخرج وتستقبله وترقص معه على اغاني الحماسة بينما كانت اجهزته الأمنية تنتهك حرمة البيوت وتقتل الشباب في الشوارع ، وفي يوم الخميس الذي سبق جمعة السقوط كان احمد هارون يدير معركة البشير الاخيرة في الشارع ليحقق نسبة ال 98% التي طالما روّج لها حسين خوجلي ، ولذلك يجب ان لا نستغرب اذا خرج الكيزان في يوم 21 من اكتوبر ، في السابق كانوا يخرجون وهم يرفعون صور البشير التي كُتب عليها (اقعد بس ) ، وهم اليوم يرفعون شعارات حل الازمات الاقتصادية ، وهم اليوم أكثر تصميماً للخروج للشارع من ذي قبل وهم يحتالون علي الشارع برفع شعارات الثورة شاليهرة .. سلام حرية عدالة ، والسبب في خروجهم الان انهم ليس لديهم ما
يخسرونه بعدما طالتهم لجان التمكين وقطعت مصادر رزقهم فأصبحوا بلا معين او مصدر دخل ، وهم اليوم جزء صغير من شارع متقلب المزاج ، والكيزان لن يرضوا بالجلوس في المقاعد الخلفية ، ولن يرضوا من الغنيمة بالقليل ، وبعد سقوط البشير التزم بعضهم الصمت ، وبعضهم هاجر بما سرقه من اموال الي تركيا ، لكن الطبقة التي كانت منضوية تحت الخدمة المدنية لم يكن امامها خيار سوى البقاء في السودان وممارسة سياسة حرب اليائس والذي ينتظر تقلب الاجواء ليخرق السفينة ولا يهمه عدد الذين يغرقون معه طالما كانت ارادة الشر تترصد الجميع
..
بعد سقوط نظام البشير اختفى الكيزان من الساحة السياسية وذلك بسبب الغضب الثوري الذي بلغت سطوته في ذلك الوقت ان يطالهم وهم في منازلهم ، فحتي اعضاء المجلس العسكري كانوا يسقطون امام ضربات الشارع ، ولذلك كانت سياسة الانزواء والتواري عن الانظار هي الحل الأمثل ريثما تتحسن ظروف الخروج ..
كان خروجهم فى هذا اليوم ً ليس الاحتفال بثورة اكتوبر ، بل خرجوا تأييداً للمجلس العسكري ، ثم لايهام عامة الناس ان هناك شارعين يحركان المشهد السياسي في السودان ، وهم يقلدون الحالة الطائفية في لبنان ، والأخطر من كل ذلك ان اشتموا رائحة التشرذم والانقسام بين المكونات الثورية ، ال 21 من اكتوبر يختلف عن يوم اسقاط البشير في شهر ابريل من عام 2019 ، ويختلف عن يوم ال 30 من يونيو الذي اعاد الثورة الي مسارها الصحيح وأفشل الانقلاب ، فهم استغلوا تراجع الخطاب السياسي الذي كان يدعو لتطهير السودان من كل الكيزان واعتقال كل من خدم او انتسب للنظام السابق ، الان نحن نرى سبدرات يترافع عن الكيزان ، ومحمد الحسن الأمين الذي شرد اكثر من ستة آلاف عامل في السكة حديد يقود فريق الدفاع ، وحسين خوجلي يحرض على الاطاحة بالحكومة ، واسحاق احمد فضل الله يعلن تشكيل حكومته الجديدة ، هذا المشهد والذي يدل على التراخي هو الذي اخرجهم من جحورهم وليس اعادة قيم ثورة اكتوبر المجيدة والتي احرقوا علمها ودنسوا ما بشرت به من قيم الحرية والعدالة .
ختاما ..
على حكومة الفترة الانتقالية ان تدرك تماما ان الشعب السودانى قد صبر وحطم الرقم القياسى للصبر فى موسوعة غنيز لذلك ع الحكومة ان تتحمل مسؤليتها تجاه المواطن والمجتمع الذى ظل وفيا للثورة وقدم التضحايات فى سبيل التغير وان تتعامل بوعى وتقدير لهذا الشعب كحق ادبى فى سبيل ما قدمه ..
أ