شئ اكثر من رائع ان يكون لانسان فرد مثل هذه الشخصية الخصبة المتعددة الجوانب المتنوعة المواهب والاهتمامات .شئ اكثر من رائع ان يولد لانسان فرد فنانا بطبعه يذوب عشقا للموسيقى والمسرح والاخراج . شئ اكثر من رائع ان يتيح القدر لانسان ان يكون جنديا فى خدمة الوطن من خلال التلفاز .فيشارك فى نهضته ثم يتيح له القدر لهذا الانسان الفرد نفسه ان يساهم اسهاما صادقا وفعالا فى الاعداد والاخراج ليكن حصيلته كثيرا من الطلاب لم يسافر عنا ولكن سافر فينا روحا ونبضا وفكرا .
فكيف اذن نرثيه ؟فكيف اذن ننعيه ؟فلا رثاء ولا نعى للخالدين .ويؤكد هذا المعنى قول الكثيرون حيث يقولون ويوم يطلق المخرج المبدع عبر الاثير فنه يكون السودان قد كسب قوة هائلة جديدة .ولكنها قوة خالدة باقية .وكم اطلق مخرجنا الكبير من برامج ومباريات فكيف نستطيع نلقى الضوء على رائد فى الاخراج التلفزيونى .واى ضوءهذا الذى يستكشف فنانا ومخرجا ومفكرا تخطى حدود المحلية الى الافاق العالمية فى الاخراج الا وهو محمد سليمان دخيل الله الراحل المقيم فينا باعماله الخالدة .هذه ومضة من شعاع ومحاولة لعلنا نستكمل بها الحقيقة ولعلنا نضيف بها اجلالا لتاريخ مخرجنا وتلك الحقيقة وذلك الاجلال يكمنان داخل جوانب من جوانبه الشخصية ..وهذا الجانب الذى نحاول كشفه هو التاصيل الاخلاقى فى اخراجه وكى نكمل الحقيقة لابد ان تكون محاولتنا هذه هى استخلاصا لرؤيا اخلاقيى للوصول الى سمة هذه الشخصية المبدعة .والفن فى الاخراج اولا واخيرا كما ندركه خلق واخلاق لا لانه يقيم من نفسه واعظا بل انه لا يتجاوز ما هو قبيح الى ما هو جميل ولا يكفى الاخراج ان يعطينا شكلا جميلاغنيا بالقيم الفنية .بل لابد وان يكون للمحتوى قيمة تسمو بنا الى حد الكمال او تكاد . ولكى نستكمل الحقيقة ايضا يجب ان تكون محاولتنا هذه الوصول الى الفعالية الحقيقية التى يقوم بها مخرجنا محمد سليمان دخيل الله فى الاطار الاجتماعى الذى يعايشها ويتفاعل بداخله . والجدير بالذكر ان محمد سليمان دخيل الله من حاضرة نهرالنيل الدامر نزح منها وهو يحمل طبيعتها وطبائعها كمخرجا العلاقة الوثيقة بين التقاليد الاجتماعية والقيم الاخلاقية من ناحية بين العمل الاخراجى من ناحية اخرى .لذلك اتخذ لنفسه موقفا فكريا متميزا من مجتمه فقد نظر الى القيم الاخلاقية على انها شيئا كونيا غير محدودة بالزمن او المكان شانها فى ذلك الانسان ايا كانت هويته او لونه او انتمايه السياسى وهذه من مسئولية كل فنان عظيم وهذا ما نعنيه التاصيل الاخلاقى . نافذة عبقرية مخرجنا تمكنت من تدريب هذا التاصيل داخل حس واعى وشكل جمالى لذلك فاضت ملكته بمحتوى رائع يجمع بين الاخراج والحياة الاجتماعية وهو فى كل هذا يؤمن كمخرج بانه محاصر فكريا وعاطفيا بالعالم الذى يعيش فيه والذى اختاره لم يكن الدافع الاول مقدرته الفنية على الاخراج او عبقريته الاخراجية التى يتميز بها ..ولكنه فى حقيقة الامر هو ذلك المجتمع الرائع الاعلامى فى محيط التلفزيون الذى خاطب وجدانه الصادق ومشاعره وهو المبدا السلمى بالشرف الرفيع وراءه !! نافذة اخيرة لقد كان محمد سليمان دخيل الله من بين هؤلا المفكرين فى اعمالهم الذين يمزجون الفكر بالتامل ولقد وهبه الله قدرة الاستبصار الاخراجى الى ما هو حق والى ما هو خير .فادراك سحر الصورة والكلمة الطيبة وادراك ما هيتها ورغم ان هناك من يجافيها او يعف عنها الا انه يؤمن بانها ستظل باقية … ولعل مخرجنا الراحل المقيم وهو يحدثنا دائما بالكلمة الطيبة وقد استوحى بايمان عميق هذه الحكمة التى يرددها دوما حتى اخر المنابر متمثلة من قوله سبحانه وتعالى (الم ترى كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها فى السماء ) خاتمة حقا ان مخرجنا لم يلهث فى سبيل جاه او سلطان لاشك فيه ان الوطنية كانت عنده اعلى سلوكيات الانسان من بين كل القيم الاخلاقية لقد استوعب مخرجنا الكبير تاريخ الشعب فحمل ابداعا متفردا فى الاخراج فحمل همومه وهتزت مشاعره بالاحداث الجسام التى حلت بوطنه فى كل المناسبات الوطنية ايها الموت الذى لا يرتوى.. نبعنا جف..وغيض الماء والنهر تشقق . لم يعد فى الكاس.. قطرة .. تلفزيونا صار يباب.. صوح الروض ..واضحى بلقعا … هجر البلبل ….ايكه….اختفت الصورة ومات كل شى حولنا … كل شئ حولنا بعدك ….رفات صعد النجم بعيدا فى السماء … حطة الظلمة فجاة … قبلما ان ياتى المساء .. ايها الحاصد من كل…. زهرة كل يوم ….زهرة ؟؟ ايها الموت الذى لا يرتوى من دماء المبدعين ً!
بقلم / صلاح الاحمدى