هلال وظلال
عبد المنعم هلال
الإسكندرية سحر البحر وعبق الذكريات
الإسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط، مدينة تحمل في طياتها سحراً خاصاً لا يزول. تلك المدينة التي أضاءت ليالي دراستي واحتضنت سنوات شبابي، هي الآن ملاذي بعد أن اضطررت لترك وطني الحبيب السودان فقد قصدتها قبل الحرب وطاب لي المقام بعدها كما أغلب أهل السودان فمصر هي الملاذ بالنسبة لهم والحضن الدافئ الذي يحتويهم، الإسكندرية ليست مجرد مدينة إنها لوحة فنية مرسومة بعناية تجمع بين الأصالة والحداثة بين التاريخ العريق والحاضر الزاهي شوارعها الضيقة الملتوية التي تمتد عبر الأزمنة تحمل في طياتها رائحة البحر وعبق الماضي، كل زاوية، كل ركن في الإسكندرية يحكي قصة، بدءاً من محطة الرمل الشهيرة مروراً بمنطقة المنشية وصولاً إلى قلعة قايتباي التي تقف شامخة أمام أمواج البحر الأبيض المتوسط معالم الإسكندرية عديدة ومبهرة، مكتبة الإسكندرية الجديدة، التي تعد رمزاً للمعرفة والثقافة، تعيد إحياء إرث المكتبة القديمة التي كانت منارة للعلم في العالم القديم، قلعة قايتباي بحصونها الصلبة وموقعها الاستراتيجي على أطراف المدينة تذكرنا بتاريخ المدينة الحافل بالدفاع عن أرضها ولا ننسى حدائق المنتزه بمساحاتها الخضراء الشاسعة التي تقدم لزائريها واحة من الهدوء والجمال أما الطقس في الإسكندرية فهو فصل آخر من فصول الجمال، صيفها معتدل بفضل نسيم البحر المنعش، وشتاؤها يحمل معه رائحة المطر التي تغسل شوارع المدينة وتنقي هواءها. في كل فصل من فصول السنة، تحتفظ الإسكندرية بسحرها الخاص الذي يجذب إليها الزائرين من كل حدب وصوب.
في الإسكندرية تجد توازناً فريداً بين الماضي والحاضر. يمكن للمرء أن يستمتع بالمشي على كورنيش البحر مستمتعاً بمشاهدة غروب الشمس التي تغرق في مياه البحر بهدوء وسكينة، أو أن يتجول في الأسواق الشعبية التي تعج بالحركة والحياة. إنها مدينة تتنفس التاريخ وتعيش الحاضر بحيوية لا مثيل لها، الإسكندرية ليست مجرد مكان إنها حالة شعورية، ذكريات لا تنسى، ووجهة تجمع بين الراحة والحنين. قضينا فيها أجمل أيام الشباب ونحن نتجول مابين دار اتحاد الطلاب السودانيين القابع في اسبورتنج الصغري شارع اللخمي وبيت السودان بشارع فؤاد وبين الأبراهيمية وشارع طيبة حيث التواجد الكثيف للطلاب السودانيين وإن أنسى لا أنسى حفلات الفنانين السودانيين التي ينظمها اتحاد الطلاب السودانيين والتي كانت تقام غالباً بمسرح كلية الهندسة، وهناك جامعة بيروت بالإسكندرية والبيارتة وما ادراك ما البيارتة ومعاهد الدبلومات .
والآن تجمعنا بالإسكندرية حيث تطيب النفس البقاء ثلة جميلة من الأخوان والأصدقاء جلهم من أبناء جلدتي يعتمرون مصر يطبعون الابتسامة حتى قبل أن يعرفونك نلتقي ونتسامر ويشغلنا الهم السوداني منهم شيخ السودانيين بالإسكندرية الزول الجميل نادر كامل ومحمد وكيل وعبد المنعم احمد حسن (عبودي) عمدة أبناء الصحافة وإبراهيم تميم وحجر وحسام وممدوح وعادل هلال ومهند مصطفى خالد ومحمد الهادي وأبناء ام در الحبيبة جعفر بدري والبروف طارق وأستاذ الصادق وإبن الخرطوم ثلاثة الرياضي الأصيل هشام عبد اللطيف وسيف العيلفون وغيرهم من أبناء وطني الجريح .
وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها وطني السودان تبقى الإسكندرية ملاذاً لي تحمل في شوارعها وأزقتها ذكريات الدراسة والشباب، وتمنحني فرصة للتأمل والاستراحة وسط هذا السحر الذي لا يزول .
ظل أخير
يا إسكندرية يا مدينة النور
أنتِ في القلب يا حورية البحور
كم من شاعر هنا صاغ أغاني
وكم من عاشق هنا غرق في السحور