صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

عبد اللطيف الهادي فجر المشارق وصمود القلم

154

هلال وظلال
عبد المنعم هلال

عبد اللطيف الهادي فجر المشارق وصمود القلم

ـ دعوني اليوم أكتب عن زميل عزيز صاحب أحرف أنيقة ومفردة بديعة يطوع الحروف كما يطوع الغربال الكفر فيخلق من الكلمات لوحة متكاملة من المعاني هذا الزميل الذي طالما أبهرنا بكتاباته وترك بصماته في قلوب قرائه هو مثال للصبر والتحمل في مواجهة المحن.
تذكرني هذه الكتابة بدعوة صادقة للسؤال عن أحوال وأخبار الزملاء خاصة أولئك الذين يعانون المرض والذين تعثرت مسيرة علاجهم بسبب ما تمر به بلادنا من حرب طاحنة فالمعاناة التي يعيشها بعض زملائنا المرضى لا تقتصر على الألم الجسدي فحسب بل تمتد لتشمل انقطاع العلاج والدواء في وقت تقطعت فيه السبل وانسدت الطرق أمام كل من يحتاج إلى الرعاية الصحية.
وفي وسط هذه الظلمة يبقى لزمالة الصحافة رونقها إذ يعبر كل منا عن دعمه ومساندته بالكلمة الطيبة والوقفة الصادقة فهؤلاء الزملاء الذين اعتادوا تقديم الدعم والمساعدة من خلال كتاباتهم أصبحوا اليوم بحاجة إلى عناية المجتمع الصحفي وإلى دعوات الجميع بالشفاء العاجل.
ـ أدعو الجميع إلى رفع أكف الضراعة بالدعاء لهم وإلى البحث عن سبل لدعمهم سواء بالمشورة أو بالدعاء أو حتى بالمساعدة والوقوف إلى جانبهم فلنكن أداة خير تجمع ما تفرق بسبب هذه الحرب ولنعد للحياة بعضاً من بريقها وسط هذا الظلام ويبقى الصحفي صاحب الرسالة هو نبراس الأمل حتى في أحلك الظروف وزميلنا العزيز لا يزال رمزاً لهذه الروح المضيئة.
ـ الأخ والزميل العزيز عبد اللطيف الهادي أو كما نحب أن ندعوه “تيفا” وهو مثال حي على الصبر والمثابرة وراهب متبتل في محراب الهلال والفن السوداني الأصيل لا يمكن الحديث عن عبد اللطيف دون الإشادة بعموده الرائع “فجر المشارق” الذي كان دائماً بمثابة نافذة للقراء الذين ينتظرون بشوق كلماته العميقة عن “أبو السيد”، الفنان العظيم مصطفى سيد أحمد، وعن هلال الوطن وكان فجراً مشرقاً يتنفس ألقاً وابداعاً وينطق صدقاً وحقيقة.
ـ طيلة سنوات من العمل الصحفي المشترك والمكتب الواحد والأهداف والمبادئ العامة جمعتني بـ”تيفا” صداقة وزمالة امتدت من حي الصحافة إلى حي جبرة وتشاركنا شغف الكتابة والحب العميق للهلال ومصطفى سيد أحمد. كنت شاهداً على شغفه حيث كان يكتب عن مصطفى وكأنه يسرد تفاصيل روحية أكثر منها فنية وهو من أفضل من خط القلم عن “أبو السيد” ما جعل القراء ينتظرون ذكراه السنوية بفارغ الصبر ليطالعوا الملف الذي يحرره عبد اللطيف وعندما يتناول الهلال في كتاباته كانت الحروف تتوهج تنطلق من عموده نحو السماء تتلاقى مع الهلال لتضيء الكون بجزالة وبلاغة تعكس روعة الكلمة وقوة الإيمان بالفريق، لا يهادن ولا يتزلف ولا يحابي الإداريين واللاعبين.
ـ عبد اللطيف الهادي رغم معاناته الطويلة من الفشل الكلوي كان نموذجاً في الصبر والتحمل كان يقاوم المرض، يتلقى جلسات الغسيل المتكررة الي تنهك جسده النحيل لكنه كان كما هو دائماً “تيفا” الذي نحب، صاحب الروح الأبية والنفس العالية. رغم الحرب اللعينة التي أجبرته على النزوح إلى ولاية نهر النيل واستقراره بقرية الجبلاب غرب شندي،د لم ينكسر بل ظل قوياً متمسكاً بمبادئه وأخلاقه سالكاً طريقه القويم، يسافر كل يوم وآخر إلى شندي لتلقي العلاج وجلسات الغسيل وفي قلبه قوة وإيمان لا تهتز.
ـ في زمن باع فيه البعض أقلامهم للتطبيل ظل عبد اللطيف محافظاً على قلمه صلباً في مواقفه لم ينكسر ولم يتذلل. إنه مثال للصحفي النزيه الذي لا يهادن ولا يتخلى عن قضيته. كافح وما زال يكافح، يحمل جمر المبادئ في زمنٍ قل فيه من يلتزم بقيم الصحافة النقية.
ـ نسأل الله أن يمن عليه بالصحة والعافية وأن يظل رمزاً للنزاهة والشجاعة في المهنة. أخي “تيفا” أعلم أن هذه الحروف لن ترضيك لأنك صاحب نفس أبية تنزع إلى السمو والكبرياء ولكنها قليلة في حقك فهي تعكس تقديرنا العميق لك ولما تمثله في عالم الصحافة وفي قلوبنا جميعاً .

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد