صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الخُـرطُـوم.. كُـل سنة وإنتِ حُــرَّة

126

صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد

الخُـرطُـوم.. كُـل سنة وإنتِ حُــرَّة

نحمد الله أنّنا من قلب الخُـرطُـوم ومن عاصمة الصُّمود أبداً، كان لنا أن نشهد انتصار (الشعب) السوداني العظيم في ثورة ديسمبر المجيدة، والتي جاءت تلك الحرب من أجل طمس ملامحها وتدمير مكاسبها، ثم كان لنا أن نشهد انتصارات (الجيش) في ربوع العاصمة وهو ينشر الأمن والطمأنينة ليلاقي النيل الأبيض بإسهابه السَّهل، غريمه النيل الأزرق بانسيابه القوي في مقرن الخُـرطُـوم في سَـلامٍ وحُـبٍ وحَـنانٍ، بعد أن فقد المقرن حتى حميمية اللقاء.
عشنا أيّاماً في الخُـرطُـوم لم يكن فيها النيل هو النيل الذي نعرف، بعذوبة مياهه، وإلفة شواطئه، وحنين الناس على ضفافه، يحملون بشرى، وبشرة سمرتنا في وجوههم. وما كانت الخُـرطُـوم خرطوماً، عندما كان ابن الـ17 عاماً يقف على حافلته صائحاً السوق العربي.. السوق العربي الخرطوم.. وهناك من يعجز من أن يغالب أشواقه وهو يسمع أم درمان المحطة الوسطى.. وأم درمان مدينة أشواق، خُلقنا لنكون في حضرتها دراويشَ، وكل البيوت فيها ميدان المولد القديم، كل البيوت فيها ميدان الخليفة عبد الله.. وكلنا فيها (هلال.. مريخ.. موردة).. ما كان يطربنا غير أن نسمع منه منادياً للركاب: إستاد الهلال، إستاد الهلال، وقد كان يدفعنا حُبنا للهلال أن نستقل الحافلة المتجهة لإستاد الهلال حتى إذا كنا نريد الذهاب إلى الحاج يوسف أو الكلاكلة اللفة.. قبلتنا فيها دائماً إستاد الهلال.
وآخرٌ يصيح على مركبته: بحري.. بحري المحطة الوسطى، حيث تمثل بحري عندنا النجاة والحنين الذي لا ينتهي ولا ينقطع عنها، ومن هناك يأتي صوتٌ أكثر حِـدّةً ـ السوق الشعبي، يُقاطعه من هو أكثر منه بدانةً سوق ليبيا.. سوق ليبيا.
وبين هذا وذاك يدفعنا تنافسٌ حميمٌ عندما نسمع كلمة (نفر)، فنتسابق على مقعد واحد، يحمل عشرة أشخاص، لأنّ النوايا كانت طيبة.
كل هذا الحنين يعُــود من جديد ليعيد للخُـرطُـوم شغفها المفقود، و(شليلها) الرائح.
قبل ذلك، نسعد لعودة النظام والقانون وانتهاء الفوضى ومن دخل الخُـرطُـوم فهو آمنٌ.
عادت الخُـرطُـوم، فعادت للأشياء طبيعتها، فرحة طفلة كانت تدس ابتسامتها في ثنايا الدروس، وحكمة رجل كان يَـتَـوَكّــأ على كتف غيره، وقلق شاب كان ينتظر حافلة الحاج يوسف.
عادت الخُـرطُـوم، فرجع لضل المقيل امتداده الطبيعي بعد أن (شفشفوا) حتى الضل، وأصبح ضل المقيل بلا ضُــل!!
عادت الخُـرطُـوم، فعادت للشاي أبو لبن (قنانته)، ولأُم فتفت (بصلتها) المفقودة، و(شطّتها) الحَــارّة، ولصينية الغداء (لَمّـتها) التي كانت قد تفرّقت بين النزوح واللجوء، ومن بقي منا حَــرد الغداء أو حَــرده الغداء، عندما كان لا خيار لنا غير العدس!!
عادت الخُـرطُـوم، فعادت لأغنيات عثمان حسين ألحانها ـ للأيام (عشرتها) ولحبنا (قصتنا)، ولحكاوينا (شجنها)، ولفراشنا (حيرته)، ولدنيانا (ربيعها)، ولقبلتنا (سكرتها)، ولنيلنا سليل الفراديس (فردوسه المفقود) ـ عدنا مرةً أخرى نترافع بـ(كيف لا اعشق جمالك)، و(لا وحبك لن تكون أبداً نهاية)، و(ريدتنا ومحبتنا)، و(أنا مالي والهوى)، و(حارم وصلي مالك).
عادت الخُـرطُـوم، فعاد (الدافوري) بغلاطه وجدله، وقوون مغربيته ـ عادت (الإعلانات) قبل المسلسل تنتظر، ورجع (عالم الرياضة) من إذاعة أم درمان من جديد يترقّب، وأصبح الدعاء يُستجاب، فليس بيننا وبين السماء حجابٌ في سماء الخُـرطُـوم الصافية.
عادت الخُـرطُـوم، فصلوا ركعتي الرغيبة في خشوع وطمأنينة، حاضراً في سكنات الفجر تنفلاً، وعادت الأخلاق التي نعرف، ليقوم الشاب عن مقعده في الحافلة لمن يكبره سناً، وليُعلن في الحفل عن فاصل للبنات وفاصل للأولاد، وليعود بين الناس من يقدم صدقته في الخَفَــاء، الذين لا تعرف شمائلهم ما قدمت إيمانهم.
الخُـرطُـوم تعود الآن لنسمع كابليها وهو يغني (وحاة عينيا سُكّـر)، ويغني حسن عطية بعنجهيته المعروفة لزهور الخُـرطُـوم وللمقرن (في المقرن نشوف الأزهار صفوف والنيل حولها كالعابد يطوف)، وكذا يفعل العميد أحمد المصطفى وهو يغني للقيا في الشاطئ عند الملتقى، وسيد خليفة يغنينا لجمال الخُـرطُـوم، أما أحمد الجابري فقد اختار أن يغني لملك الطيور في حديقة الحيوان.
أنت في الخُـرطُـوم ابتسم.
ها هي الخُـرطُـوم تعود إلينا بعد أن فقدت براءتها واُغتصبت سلامتها، فعادت الآن مُعافيةً من أي سُـوءٍ. عادت الخُـرطُـوم في جنون النور الجيلاني عندما كان يغني منها لجوبا ولكدراوية ومرت الأيام حبيبي ولسه ظالمنا الزمن، وجانا العيد وانت بعيد، وكان الحوت محمود عبد العزيز يمارس فيها أقصى حالات الفنون ما بين مفرحته ومذهلته ومدهشته.
إنها الخُـرطُـوم يا سادة نسير فيها بترجمان احتراماً وتقديراً.
الحمد لله أننا شهدنا انتصار الشعب وانتصار الجيش وفي توافق الشعب والجيش انتصارٌ للوطن، فأخرجوا من تلك الانتصارات إلى سودان حُــر، يسع الجميع، لا يضام فيه أحدٌ ولا تظلم على أراضيه حتى بغاث الطير.
في أواخر شهر رمضان قبل الماضي، رمضان 1444هـ، عندما كان الناس يترقّبون هلال شوال، وكانت الدنيا قبائل عيد، أُطلقت أول رصاصة في حرب السودان في العاصمة الخُـرطُـوم، رصاصة لم يقصد منها غير الخراب والدمار، وفي رمضان الجاري 1446هـ يبدو أنها سوف تكون الرصاصة الأخيرة التي نسمع صوتها في الخُـرطُـوم أو هي فعلاً كذلك.. حيث بدأت الحرب اللعينة في صراع على (القصر الجمهوري) الرئاسي، وانتهت بصراعٍ على (منزل المواطن) المسكين، السوداني المغلوب، حيث دخلت الحرب بيت أيِّ سوداني، دخلت الحوش والغُـرف والمطابخ، ولم تسلم منها حتى الحمامات، فقد كانت الحرب، حرباً على كل شئ، حرباً كان الهدف منها النهب والسلب، والإذلال وهذا في اعتقادي كان أخطر ما فيها، ظهر ذلك في سلوكهم مع المواطنين وفي نهبهم لثروات السودان، ذهبه ومحاصيله الزراعية وثروته الحيوانية، وبنيته التحتية التي لم تسلم فيها حتى أسلاك الكهرباء، إلى أن وصلوا إلى أثاثات المنازل وعِـدّة المطبخ، (لم تفلت منهم ملعقة شاي واحدة)، دخلوا صندوق الرسائل وتطبيق بنكك، وفوري وسرقوا حتى رقم الحساب، كل هذه الثروات نُهبت جهاراً نهاراً.. اتّجهوا إلى البنوك والصرافات الآلية لسرقة العُملات والودائع، ووصلوا لجيب المواطن السوداني المغلوب على أمره، لتجريده من حَـق الدواء وهو في طريقه للصيدلية لشراء حُـقن الملاريا أو حبوب الضغط.
لقد شهدناهم في البدء، ينهبون الغث والسمين من ذهب وسَيّارات وموبايلات وأموال، فانحدروا إلى أن أصبحوا في آخر أيامهم بعربة مقاتلة وسبعة مسلحين يأتون ويُفجِّرون من أجل سرقة نص كيلو سكر أو ربع كيلو عدس، فما كانت هنالك ذلة وضعف لهم أكثر من ذلك!!
شاهدناهم عندما كانوا يذلون المواطن ويضربونه وينالون منه بازدراءٍ وعُنفٍ، وشاهدناهم وهم يخرجون من البيوت والأحياء أذلةً، مُنكسرين، هاربين، يتسلّلون خِيفةً، بعد أن دخلوا القُـرى والمُـدن والبيوت فأفسدوا فيها أيّما إفساد.
كأن قصاصنا منهم يؤخذ جبرةً وعزةً، بعد أن انتقل إليهم الخوف والذُّعـر والهلع، بعد أن كانوا يسببون ذلك الرُّعـب للمواطن المُسالم والذي لا حول له ولا قوة غير إيمانه ويقينه، ولا شك أنّ في ذلك كل القوة.
بعض الروايات تتحدث عن أن ملتقى البحرين الذي جمع بين العبد الصالح وسيدنا موسى عليه السلام كان مقرن النيلين، والله أعلم، نحسب فينا عبيداً صالحين، وقد شاهدنا من يتلف عربته ومن يشلِّعها حتى يصرف الجهة الباغية والمتفلتة من سرقتها وأخذها غصباً كما حدث في سفينة المساكين التي خرقت خوفاً من الملك الظالم:
(فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰۤ إِذَا رَكِبَا فِی ٱلسَّفِینَةِ خَرَقَهَاۖ قَالَ أَخَرَقۡتَهَا لِتُغۡرِقَ أَهۡلَهَا لَقَدۡ جِئۡتَ شَیۡـًٔا إِمۡرࣰا) [سُورَةُ الكَهۡفِ: ٧١].
كان أهل السودان بهذا العلم والحكمة والصلاح، كأنهم يعيدون التاريخ.
(أَمَّا ٱلسَّفِینَةُ فَكَانَتۡ لِمَسَـٰكِینَ یَعۡمَلُونَ فِی ٱلۡبَحۡرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِیبَهَا وَكَانَ وَرَاۤءَهُم مَّلِكࣱ یَأۡخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ غَصۡبࣰا) [سُورَةُ الكَهۡفِ: ٧٩].
أخطر من ذلك أنهم عملوا لتدمير نسيجنا الاجتماعي وسلمنا الداخلي، بعيداً عن البيوت والسيّارات والأموال والجوالات السيارة، فما سلمت منهم حتى النوايا الطيبة والدواخل السليمة.
حاولوا طمس تراثنا وإرثنا وثقافتنا، حيث أُتلفت المتاحف وطُمست الإذاعات والتلفزيون القومي، وقابل ذلك مطابع جديدة، تصدر العُملة السودانية والأرقام الوطنية وشهادات البحث.
كانوا ضد أي شئ قومي، العاصمة (القومية)، حيث لا ذنب لها غير (قوميتها).. دمّـروا الإذاعة (القومية) والتلفزيون (القومي) والمسرح (القومي) والنشيد (القومي) والزي (القومي) والعُملة (القومية) والمطار (القومي) والمتحف (القومي)، لم تسلم منهم (قومية) واحدة، كل ما يربط السودان بالوحدة والقومية قصدوا تدميره، بما في ذلك الهلال والمريخ، ومنقو قول لا عاش من يفصلنا.
الحرب على نسيجنا الاجتماعي كانت أخطر، والضرب على وحدتنا كانت أعنف، ما فقدناه في هذه الحرب ثقافياً أكثر كثيراً مما فقدناه مادياً.
هكذا بدأت الحرب، يرفع فيها الدعم السريع شعار الحكومة المدنية والمواطن يُحرم حتى من أداء صلواته في الجامع، كانوا يرفعون شعار الديمقراطية ويصادرون تلفونك إن وجدوا فيه تعليقات عن الحرب أو لم يجدوا، فيخترعوها لمُصادرة هاتفك الجوال، في الوقت الذي كانت قوات الدعم السريع تنادي بالحريات ويدّعي حميدتي أنّه يقاتل من أجلها، كان حقك في الحرية في الدخول لمنزلك أو الخروج منه مسلوباً.
من المُفارقات أنّ حميدتي ظنّ أنّ نصرة الهامش تتمثل في تدمير المركز، وأنّ عودة الديمقراطية مُمكنة بالدبابة، وما كانت الدبابة إلّا لإجهاض الديمقراطية!!
الذي يغيظ في هذه الحرب، أنّ حميدتي ظلّ طوال الحرب يُنادي بالحريات، في الوقت الذي تسلب فيه قواته حرية الدخول في شبكة الإنترنت، وكان حميدتي يدعو للسلام، في الوقت الذي يمنع بين الناس حتى التحية بالسلام، مُفارقة أن ينادي حميدتي بوحدة السودان، وأن يُحذِّر من تقسيم السودان وهو الذي يفعل ذلك، يُحذِّر من الحرب الأهلية وتقوم حربه على عناصرها.
ونحنُ في هذا التاريخ والخُـرطوم تعود، ونؤكد ولا نساوم ولا نجامل ولا نركب الموجة، كما يفعل الذين كانوا يركبون أيِّ موجة قوية، مازلنا نتمسّك بموقفنا وندعو له وهو (لا للحرب)، لا للحرب مليون مرة، هذا هو مبدأنا الذي لن نتزحزح عنه، سوف نظل ندعو للسلام، ولا نزايد عليه رضي من رضي وغضب من غضب، فنحنُ ليس كتّاب سلطة ولا سعاة مناصب، لا نبغي غير مصلحة الوطن والله على ذلك شهيد، نؤكد مجدداً بعزيمة أقوى مع كل الابتلاءات والجراحات التي أصابت الجميع، أنّ أعظم ما يمكن أن نبني به السودان هو (العفو)، وأنّ سبيلنا للخلاص هو (السلام)، وأنّ بناء الوطن وعماره لن يكون بالكراهية ولا بخطاب الاستعراض الميداني الفارغ الذي لم يقصد أهله إلّا رفع أرصدتهم في البنوك، والحساب مكشوف.
نقولها في هذا التوقيت الصّعب، لا للحرب وننقل فرحة هذا الشعب بانتصارات جيشه بأمانة وصدق ودون مُهادنة أو أمر تحرُّك.
لا نخترع ذلك من سلة المهملات، ولا نأتي به من بنات أفكارنا، هذا هو ما يدعو له ديننا الحنيف إن كنا فعلاً نعرف قيمة هذا الدين وندرك ماهيته.
كفى أنّ أعظم دعوة في هذه الأيام الكريمة هي (اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفُ عنا)، هكذا طالب المصطفى صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين السيدة عائشة.
كلما كان الضيم كبيراً والظلم أعظم، كان العفو أجمل.
يقول تعالى: (خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَـٰهِلِینَ) [سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ١٩٩].
لا تغرنكم هذه الحسبة السياسية، تخيّلوا أنّ من أزواجنا ومن أولادنا يمكن أن يخرج العدو ـ لا تحسبوها حسبة (عنصرية)، يقول تعالى مثمناً من العفو أيضاً: (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِنَّ مِنۡ أَزۡوَ ٰ⁠جِكُمۡ وَأَوۡلَـٰدِكُمۡ عَدُوࣰّا لَّكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُمۡۚ وَإِن تَعۡفُوا۟ وَتَصۡفَحُوا۟ وَتَغۡفِرُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ) [سُورَةُ التَّغَابُنِ: ١٤].
في القرآن الكريم تكررت عبارة (غفور رحيم) 66 مرة وتكررت عبارة (غفور حليم) 16 مرة، وتكررت عبارة (غفور شكور) 3 مرات، وجاءت عبارة (الغفور ذو الرحمة) مرة واحدة، وقد يكون فاتت عليّ بعض الإحصاءات والله أعلم، غير أنّ الكثير من الآيات كانت تدعو للرحمة والمغفرة وهي من صفات الله عز وجل وهي أسماء من أسمائه الحسنى، فماذا بعد ذلك.
اللهم أحفظ السودان، أراضيه وأهله، وحدته وأمنه، شعبه وجيشه، ولا للحرب، نعم لسودان موحد وجيش واحد.
يبقى لنا أخيراً أن نشهد للقوات المسلحة أنها عملت من أجل وحدة أراضي السودان، ووحدة شعبه في صبر وحكمة، وأن تمهُّلهم الذي كنا نلومهم عليه، ما كان منهم إلّا حُسن تدبير وتخطيط من أجل حفظ الدماء وحقنها، وهو المطلوب، عملوا بكدٍّ وجهدٍ من أجل أن ينأوا عن (العنصرية) التي كان الطرف الآخر يدفعهم إليها، وكانوا لا يستجيبون إلا ممن هم ملكيين أكثر من الملك، لهذا كانت القوات المسلحة، ولهذا ننادي بقوميتها التي عُرفت بها القوات المسلحة رغم كل الظروف من المحافظة عليها.
يبقى شهداء الوطن أفضل منا جميعاً، لذا فلا كلمات يمكن أن توفِّيهم حقّهم، هم أحياءٌ عند ربهم يرزقون.
نسأل الله أن ينعم على كل المناطق والأراضي في دارفور وغيرها بالأمن والجيش، وأن يكون لهم من الفرح ما كان للخُـرطوم التي دفعت ثمناً غالياً في هذه الحرب اللعينة.
…..
متاريس
في ليلة مباركة، نحسب تنزّل الملائكة فيها بأمر ربهم صعدت روح صديق أحمد، الذي كان كأنه ينتظر عودة الخُـرطوم وتحريرها بالكامل لتنتقل نفسه المطمئنة إلى الرفيق الأعلى.
صديق أحمد الذي غنى مشتهيك أنا يا بلد:
مشتهيك أنا يا بلد
وليك راجع لا محالة
بعد ما حرّرت نفسك
من قيودك في بسالة
بعد أن طهّرت أرضك
من نواميس العَمَالة
صديق أحمد رحل بعد أن تحقّق له ذلك.. اللهم أرحمه وأغفر له وأسكنه فسيح جناتك.. اللهم أعتق رقبته من النار فقد رحل في ليلة مباركة تُعتق فيها الرقاب.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
…..
ترس أخير: أقفلوا القــوس.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد