صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

مَا تعملوا من المُشكلة (مُشكلة)!!

101

صَـابِنَّهَا
محمد عبد الماجد

مَا تعملوا من المُشكلة (مُشكلة)!!

في هذه الحياة، نحنُ مُحَاطُون بالكثير من المشاكل والأزمات والعقبات ـ الطريق أمامنا مُوحشٌ، من يسير فيه مفقودٌ مفقودٌ، لكن مع ذلك لا تزيدنا تلك المشاكل والعقبات إلّا تحدياً، ولا يجعلنا الطريق الموحش إلّا أكثر رغبةً وإصراراً للسَّـير فيه.
المُتعة والإثارة والحلاوة تخرج من المتاعب، لا من الراحة ـ بالمشقّة نحن نتميّز (لولا المشقّة ساد الناس كلهم).
الفقر مُحفِّزٌ للنجاح أكثر من الغنى.
الحياة حلاوتها في الشقاوة ـ لمن ترتاح بتتذكّر لحظات التعب والبهدلة، لذلك بتضوق للراحة حلاوة. زي الصحة والعافية بتعرف قيمتها في المرض.
في كثير من الدول المُتقدِّمة، فقدوا القدرة على الإحساس بالمُتعة، لأنّ كل شئ سهل ومُتيسِّر، لذلك أصبحوا يبحثون عن المُتعة في التزحلق على الجليد وفي تسلُّق الجبال ومصارعة الثيران ـ نحنُ لا يمكن أن نفعل ذلك، لأننا نصارع ثيراناً أخرى ـ ثيران السياسة والسلطة ولا حاجة لنا لرياضة تجعلنا نستفز الثور بقطعة حمراء لنثيره وندخل معه في صراع. ما يفعلونه سياسيًا يستفزّ حتى الثيران.
من رفاهيتهم في الدول المتقدمة والغنية أنّهم أصبحوا يستمتعون بصراعاتنا وخلافاتنا وحروباتنا ـ استبدلوا عراك الثيران بمَشَاهِد دموية أخرى، وهم يُشاهدون الأبرياء يموتون، والأطفال يُقتلون في وطن لا يتمنّى للآخرين إلّا كل خير.
ناس برّه ديل ما عندهم مُشكلة ـ مُشكلتهم بقت السودان ـ بفتشوا للمشاكل عندنا، هم سعداء بهذا الذي يشاهدونه في السودان.
الملاكمة والمصارعة وسباق السيارات كلها رياضيات لا جدوى منها، رياضيات قائمة على تحدي الخطر، ونحن الخطر يواجهنا في حياتنا في كل خطوة. نحن بقينا لمن ما نشعر بالخطر بنحس أنه في حاجة غلط.. في خطر أكبر قادم.. الإحساس بالأمان بقى في حد ذاته خطراً.
الخطر الحقيقي عندنا عندما لا نشعر بالخطر (الكلام دا مهم ما بتلقوه في حتة تانية).
تتخيّلوا بعد كل هذا الذي فعلته الحرب، في ناس لغاية الآن عندهم مُشكلة مع (السلام).
دخلت مع الصديق الدكتور علي عصام بوعيه المعروف وأدبه الجَـم في نقاشٍ، كان هو فيه يريد أن يثبت فشل فلوران وعدم جدوى استمراره في الهلال، وأنا أحاول أن أثبت العكس، وعندما تجادل الدكتور علي عصام عليك بالمنطق والأرقام، لأنه يتحدّث بمنطق وباحترام، رغم خروفه الذي بشّر به في حالة الإطاحة بفلوران، وجدت أن أشرك القراء في ذلك الحوار، لأنّني أدرك أن وجهة نظر علي عصام وآراءه تمثل الكثيرين ومع احترامي لتلك الآراء، فإني اختلف معها جملةً وتفصيلاً، وأرى أن المشكلة الحقيقية هي ما نعيش فيه الآن. ونحنُ في العادة كل أزماتنا ومشاكلنا نحاول أن ننهيها ونخرج منها بالإطاحة بالمدرب. يُخيّل لي أنّ الواحد فينا لو عنده ملاريا أو مُشكلة في العربية أو في حنفية الموية أو في طشاش إشارة الطبق، أو في بطارية الموبايل لاعتبرنا أنّ الحل يتمثل في الإطاحة بالمدرب.
منذ العام 1930 ونحن بنطيح بالمدرب بعد الإخفاق أو الخروج من المنافسة، هل في كل تلك الإطاحات تحقّق نجاحٌ أو فزنا ببطولة؟ كل النجاحات التي تحقّقت، كانت باستمرار المدرب وبالاستقرار الفني.
لماذا في كل موسم أو بعد كل إخفاق نعتبر أنّ المُشكلة في المدرب، وأنّ الحل في الإطاحة به؟
لا أؤمن بأيِّ حَـلٍّ قائم على الإطاحة والإقالة ـ الحلول النموذجية دائماً تقوم على لمّ الشمل والاستقرار والحوار والبناء لا الهَـدم.
في حياتنا العادية، أبغض الحلال هو الطلاق.. هو شئٌ غير مُحرّم.. يمكن أن تجد الزوجة أو الزوج راحة في الفراق وهذا لا يحدث كثيراً.. لكن الأكيد أنّ الأبناء الذين كانوا ثمرة هذا الزواج هم الذين يدفعون ثمن هذا الفراق.
تسمع أحياناً عن زوج أو زوجة من يقول إنّ حياتي مع الطرف الآخر أصبحت مستحيلة ـ هذا ضيق أفق وأنانية، وقبل ذلك سوء اختيار، عليك دائماً أن تختار بتروٍّ، اختياراً لا يجعلك من بعد تشعر أنّ استمرارك مع الطرف الآخر أصبح مستحيلاً ـ علينا أن نتحمّل متاعب اختياراتنا ـ علينا أن لا نجعل أطفالاً أبرياء يدفعون ثمن سوء الاختيار، واستحالة الاستمرار من بعد.
هنا قد نسمع كلاماً عن القسمة والنصيب ـ لكن دائماً قسمتك ونصيبك بتكون بتشبهك ـ الله بديك قدر نيتك، فلا تعلقها في القسمة والنصيب.
هذا تفكيرٌ خارج الصندوق، وهي رؤية لأن نبحث دائماً عن الحل الذي يدعم الاستقرار ولا يؤدي إلى الفوضى والخراب والدمار والانفصال كما يحدث في حرب السودان الآن.
لاحظت أنّنا عندما نتعاقد مع أيِّ مُـدرِّب نرفعه للسماء ونعتبره هو الحل وهو المَخرج كما يفعل الأهلاوية الآن مع عماد النحاس، وهو مُـدرِّبٌ قليل الخبرات والإمكانيات، ولم يسبق له أن حقّق إنجازاً كمُـدرِّبٍ، حتى الأهلي عندما عيّنه توارى خلف مقولة (مُـدرِّب مؤقّت) أو (مُـدرِّب مُكلّف) ـ مع ذلك احتفوا به واعتبروه مَخرجاً، وهو لا مقارنة بينه وبين سلفه كولر الذي حقّق مع الأهلي 11 لقباً، وعندما قرّروا الإطاحة به، نسوا له ذلك وأصبحوا يتحدّثون عن وقفة اللاعبين في المباراة، وعن الإجازات الطويلة التي كان يمنحها للاعبين، وعن محاربته لبعض الأسماء في الأهلي مثل محمود كهرباء، الذي كان مغضوباً عليه من كل مكونات الأهلي، لكن عندما قرّروا مُحاسبة كولر، اعتبروا محاربة كولر لمحمود كهرباء جريمة.
بهذه التفاصيل وذلك السيناريو، حقّق كولر 11 بطولة للأهلي في سنتين ونصف سنة، وبالمكونات والمسببات التي كانوا يشيدون بها بالأمس ويعتبرونها مُميّزات في كولر، اعتبروها اليوم أزمة ومُشكلة فيه عندما قرّروا الإطاحة به.. فكانت عناصر نجاح كولر بالأمس هي نفسها عناصر فشل كولر اليوم.
قصدت من ذلك أن أقول، إنّ بعض الأشياء عند الانتصار نعتبرها عوامل نجاح.. ونفس الأشياء عند الهزيمة نعتبرها عوامل فشل.
بمعنى أنّ المُـدرِّب إذا كان مُنضبطاً وحادّاً وشخصيته قوية، نعتبر ذلك عند الانتصار مميّزات ونقول عنها إنّها تحقّقت بفرض الانضباط والاحترام، وعند الهزيمة نقول عن نفس هذه المُميّزات، إنّه يدخل في خلافات مع اللاعبين، وإنّ طبعه حاد شوية، وإنّه مُـدرِّبٌ يفتقد للمرونة واللباقة، وهكذا دواليك.
بالمناسبة، أنا دواليك دي ما بستعملها إلا في الشديد القوي.
ما عندي علاقة كبيرة بفلوران، وعلى المستوى الشخصي ما فارقة معاي يشيلوه أو يتركوه، ويمكن أن تحدث انفراجة مؤقّتة بعد رحيل فلوران كما يحدث بعد الإطاحة بأيِّ مُـدرِّبٍ، وممكن الهلال يتعاقد مع اسم أكبر يُحقِّق نجاحات أعظم.. وممكن الهلال يكون شال من فلوران الخلاصة.. أعرف كل ذلك.. مُشكلتي أنا في المبدأ، في الفكرة، إذا لم نتخلّص من هذا التفكير والجري وراء الإطاحة بالمُـدرِّب بعد أيّة أزمة، وبعد أيِّ إخفاق لن نُحقِّق نجاحاً، وإن حقّقنا نجاحاً سوف يكون قائماً على الفوضى والصدفة والخبط العشوائي، وأيِّ نجاح قائم على هذه العناصر هو نجاحٌ خادعٌ وغشّاشٌ.
أبحث عن نجاحات قائمة على المؤسسية والمبادئ والقيم والخطة، أعرف أننا بعيدون عن ذلك، لكن علينا نحنُ في الإعلام أن ندعو لهذا النجاح ـ هذا دورنا الذي يجب أن تقوم به وإن كنا بعيدين.
ممكن ما نقدر نعمل الصاح، لكن في نفس الوقت لن ندعو للغلط ولن نُصفِّق له ولن نزيِّنه.. الغلط غلط حتى لو وصلك للهدف الذي تبحث عن تحقيقه.
خلافي مع الدكتور علي عصام قائمٌ على أنّه جعل الأزمة كلها في فلوران ـ أشعر أنّ الإطاحة بفلوران أصبحت قضية شخصية لعلي عصام، يحدثني علي عصام عن أرقام إخفاقات لفلوران إن كانت حقيقية لما كان الهلال الآن في هذه المرحلة والمستوى.
علي عصام يرد أهداف الهلال في خصومه لمهارات فردية، لأنها جاءت من ضربات ثابتة، وهو يعتبر تألق جان كلود وكوليبالي ومواهب الهلال الأخرى، ناتجاً من فراغ (المُـدرِّب ما عنده فضل فيه).. جان كلود وكوليبالي وإيمي وفوفانا وإيبولا وأحمد سالم جاءوا للهلال قسمة ونصيب، هم كائنات ما أنزل الله بها أو لها أو عليها من سلطان.. نبت شيطاني في الهلال، فلوران ما عنده دخل بيهم ـ وايمورو وفكتور ناكني واباغنا أضاعهم على الهلال فلوران ـ إذا سلمنا بذلك لماذا لم تحفظ لفلوران حقّه في الاحتفاظ بجان كلود وكوليبالي وإيمي وأحمد سالم؟
البفوت من الهلال السبب فلوران، والبقعد في الهلال، قعد (قسمة ونصيب).
علماً بأنّني اتفق مع فلوران في كل قراراته التي أطاح بها بالأسماء التي أشار إليها علي عصام، وحتى وإن كنت لا اتفق معه، فإنّ لأية مدرب في الأرض ضحايا وأسماء لا تروق له، وإن راقت للجميع. غوارديولا، انشيلوتي، فيرجسون، فينجر، فليك، سلوت وكلوب، كل مدرب لديه لعيبة ما بقتنع بيهم.. ممكن يكون ما فيهم كلمة، لكن لا أحدٌ يستطيع أن يلوم مدرباً لو رفض لاعباً أو أطاح به، هذا قراره والمُـدرِّب قرار ولو كان (قرار غلط).
غارزيتو عندما كان في الهلال قال ما عاوز هيثم مصطفى.. كان يفترض علينا احترام هذا القرار حتى لو كانت هنالك أيادٍ خفية وراءه ـ أو ربما غير خفية.
في الهلال غارزيتو كان عنده رأي في بكري المدينة وكان رافضه تماماً، حتى إنّ بكري المدينة استل السكين في وجه مدربه.. عندما انتقل غارزيتو للمريخ وانتقل بكري المدينة للمريخ، أصبح المدينة لاعب غارزيتو الأول في المريخ مع (سكينه) التي رفعها في وجهه.
هذه الأحداث لم تقلل من قيمة غارزيتو، فهو يبقى من أنجح المُـدرِّبين الذين عملوا في الهلال والمريخ.
علي عصام عنده رأي في أداء الهلال، وبقلم علي عصام لا غيره تحدث عن أن الهلال صاحب أكبر عدد مراوغات في البطولة. علي عصام تحدث عن عدم ولوج أهداف في شِباك الهلال من عكسيات كما كان يحدث في السابق، علي عصام تحدّث عن ارتفاع نسبة الاستخواذ للهلال، كل هذه الأشياء طوّرت في أداء الهلال.
ونضيف نحنُ، قلّت المخالفات أمام منطقة الجزاء، قلّت نسبة أو انعدمت كلياً، ضربات الجزاء التي كانت من سمات دفاع الهلال من زمن طارق أحمد آدم، رغم أنّ فلوران يلعب بخط دفاع بأسماء أقل من الأسماء التي اعتدنا عليها أيام شيخ إدريس كباشي وسيماوي وطارق، وقبل ذلك أمين زكي وفوزي المرضي وحتى ياسر رحمة ثم داريوكان وريتشارد وديمبا ومساوي.
الهلال فيه مواهب وخام مهارات جيدة الآن، لكن في الهلال هنالك أسماء لا ترقى بعد لتحقيق بطولة خارجية ـ الهلال فيه مشاكل في الخام وليس في التنظيم.
ما تغشُّوا نفسكم.. قوام الهلال الحالي ليس هو القوام المثالي لتحقيق بطولة خارجية.
الهلال هذا الموسم لعب بدون بدائل للأطراف الدفاعية، بدون بديل لحراس المرمى، بدون بديل لرأس الحربة، علماً بأن الأسماء الأساسية نفسها فيها عيوب.
قوام الهلال في الدفاع وفي الوسط ليس على أكمل وجه ـ أتحدّث عن إمكانيات اللاعبين.
مع ذلك، الذين يتحدّثون عن سوء الأداء يظلمون فلوران ـ الهلال يلعب في نجيل صناعي بعيداً عن جماهيره، وهذه عوامل تفقد حتى برشلونة القدرة على الأداء.
مشكلة الأداء ليس في الهلال.. فينا نحنُ أيضاً، ظروف الحرب وعدم الاستقرار تؤثر حتى في المشاهد والمُتفرِّج والمُشجِّع، فكيف يكون حال اللاعبين وجهازهم الفني ومجلس الإدارة؟
فلوران والهلال بأكمله يلعب في ظروف استثنائية، لا تنسوا ذلك لأن هؤلاء اللاعبين وإن كانوا مع الهلال في معسكرات خارجية، إلا أنّ المزاج والروح تغيب عنهم في ظل الأوضاع التي يعيش فيها السودان.
مع ذلك، وهذه شهادة أملك أن أثبتها وأؤكدها، أنا استمتعت بالهلال كثيراً مع فلوران، وهنالك مبارياتٌ خاضها الهلال بقيادة فلوران سوف تظل خالدةً في تاريخ الهلال ـ كان فيها كل المُتعة والإثارة والروعة، لذلك الحديث عن سُـوء الأداء هو حديثٌ باطل، خاصةً عندما يقدموا صورة لدفاع الهلال في إحدى المباريات لتجريم فلوران على وقفة اللاعبين.
تخيلوا نحن وصلنا مرحلة تقييم المدرب من وقفة المدافعين.. هذا في ريال مدريد لا يحدث.
ممكن العبد لله يجيب ليك صورة لوقفة مدافعي ريال مدريد أمام برشلونة في المباراة الأخيرة، كورس الفنان يوسف البربري ما بقيفها.
يا جماعة إنتو بتتكلموا كيف؟
هذا عن فلوران فنياً، أما أخلاقياً، فلا أعتقد أنّ الهلال مرّ به مُـدرِّبٌ بهذه الأخلاق.. صعبٌ يستمر مع الهلال في هذه الظروف مُـدرِّبٌ كل هذه الفترة، لقد هرب من الهلال برانكو ومصطفى يونس ونبيل الكوكي وطارق العشري وحمادة صدقي في ظروف أفضل من هذه الظروف، لماذا تقابلون جميل هذا المدرب بهذا الجحود والنكران. أخرج تقييمي الأخلاقي لفلوران من لاعبي الهلال أنفسهم ومن احترامهم لفلوران وإيمانهم به.
اللاعب يعرف المدرب الشاطر من المدرب (الكيسو فاضي)، أراهن بعد عشرين سنة أي لاعب من جيل لاعبي الهلال الحالي عندما تسأله عن أفضل مُـدرِّبٍ تدرّب على يده أو مُـدرِّب له الفضل عليه، أن تكون إجابته بدون تردُّد فلوران، بما في ذلك الذين أطاح بهم فلوران من الهلال.
في الحياة إذا كان عندك مشكلة، ما تحاول تعمل المُشكلة دي مُشكلة، اتجاوزها وما تقيف عندها، فكيف إذا أنتم كنتم أحسن ما في الهلال من استقرار ودعم واتفاق عاوزين تعملوه مُشكلة.
الهلال نجح أو أحدث تقدُّماً هذا الموسم لأنه مستقرٌ ـ مع أنّ البلاد كلها غير مستقرّة.. لماذا نهدم وننسف ذلك الاستقرار؟ لماذا نهدم أجمل ما في الهلال وأفضل ما فيه؟
نحن بنصنع مشاكلنا بأيدينا.. في واحدة رجعت بيت أبوها بعيالها الأربعة، شايلة شنطتها وهي بتبكي وبتشكي لأبوها وبتقول ليه: أنا تاني ما بعيش معاه.. أنا تاني ما برجع ليه ـ خلاص حياتي معاه انتهت.
أبوها قال ليها في شنو؟ افتكر في كارثة.
البنت قالت لأبوها الزول دا ما بحترمني ولا بقدِّرني.. أنا ما بعيش معاه تاني.
أبوها قال ليها: عمل شنو؟
البنت جمعت قواها وقالت ليه: تتخيل يا أبوي الزول دا في عيد زواجنا جاب لي غويشة وأنا قلت ليه عاوزة سلسل.. تتخيل يا أبوي، لي ستة شهور بقول ليه غيِّر لي العربية وما عاوز يغيِّرها. يا أبوي الواجب بتاع المدرسة ما بقعد يحلو مع أولاده.
يا أبوي لا.. لا مستحيل أعيش معاه.. البطيخة البجيبها البيت بتكون كلها بذر.
المكيف لي سنة بقول ليه نزله ونضِّفه، هو ولا على باله.
الأب اندهش، وقام على حيلو بعد أن نفض إيدو فوق، وقال لي بنته يا بنتي أمك دي قاعدة معاي ليها 40 سنة ما حصل جبت ليها خاتم، لا في عيد ميلادها لا في عيد زواجنا، ولا بنعرف كلام زي دا.
يا بنتي إنتِ كنتِ عايشة في البيت دا، بقيتي مهندسة قدر الدنيا، هل حصل في يوم قعدت معاكِ في الواجب المدرسي.
يا بنتي أنا ما حصل دخلت البيت دا شايل لي بطيخة لا بي بذر لا بدون بذر.. ولا حصل وقفت لي في مكيف، إنتِ الاشتراطات دي بتجيبها من وين؟ قومي ارجعي بيتك.. تتابعوا في المسلسلات التركية وتأكلوا في البيتزا وعاوزين الزوج يكون نسخة طبق الأصل من بطل المسلسل التركي.
قومي ارجعي بيتك.. بلا كلام فارغ معاكِ.
لمن يحصل إخفاق.. المدرب ليس هو السبب.
السبب في حتة تانية. أبحث عن الخلل في مكان آخر.
عادةً نحن بنستنسخ من المشكلة الواحدة عشر مشاكل.
تكون عندك مُشكلة في الحنفية، بنفك المروحة والمكيف والبوتجاز والتلفزيون والتلاجة والموبايل.
بتكون عندك مُشكلة مع زوجتك بتشاكل أبوها وأمّها وإخوانها وأخواتها وصاحباتها وجيرانها.
الهلال فيه مشاكل كتيرة ـ مشاكل في الإدارة وفي اللاعبين والإعلام والجمهور وفي الدولة.. وفي الاتحاد الأفريقي.. ووو.. نحن بنخلي الحاجات دي كلها وبنمسك في المدرب.
افترض مُشكلة الهلال في المدرب ـ هذا أمرٌ يمكن تجاوزه بالدعم والمساندة من أجل الاستقرار وليس الإطاحة بالمدرب.
لو وجعتك عينك ما تقدّها.
زمان كان معانا واحد صاحبنا دفعتنا ـ صاحبنا دا كان بخاف من الكديسة، لو شاف ليه شارع فيه كديسة بخلي ليها الشارع، ما بدخل بيت فيه كديسة.
يا ريت الحكاية لو وقفت في الكديسة، الزول دا بقى في نص الليل لو سمع ليه أي كركبة بقوم من النوم مفزوع وبقول دا صوت كديسة، أي حركة بسمعها بقول دي حركة كديسة، نحن بقينا وقت نكون عاوزين نخوِّفه أو نمرقه من طوره بنجيب ليه كديسة.
أكيد إنتو بتتفقوا معاي أن المُشكلة هنا في الزول وليس في الكديسة.
واحد تاني كان عنده مُشكلة مع الرياضيات.. الزول دا كان بارع في أي مادة.. بقفل كل المواد إلا الرياضيات.
قلنا ما مُشكلة.. هو قادر على التميُّز في مواد تانية والتعويض. لكن المُشكلة كبرت وبقى لمن يدخل امتحان العربي بقول يعني هسّع أنا لو نجحت في العربي وسقطت في الرياضيات ح أمشي وين؟ يقوم ما يشتغل كويس في العربي.
يدخل امتحان الإنجليزي يفعل نفس الشئ.. ويقول الرياضيات ح تخرب لي الشهادة يقوم ما يشتغل في الإنجليزي.
وكذا الحال في التربية الإسلامية والتاريخ والجغرافيا.
مُشكلة الطالب في الرياضيات انعكست على المواد التانية.
الشئ الغريب لمن ظهرت النتيجة سقط في العربي، وسقط في الإنجليزي، وسقط في التربية الإسلامية والتاريخ والجغرافيا ونجح في الرياضيات.
لو عندك مُشكلة ـ ما تخلي المُشكلة تأثر عليك في حتة تانية.
فلوران ما مُشكلة ـ فلوران لو مُشكلة ما كان استمر مع الهلال في هذه الظروف ـ مافي مدرب في الأوضاع دي بقعد معاك كل هذه الفترة.
الهلال ذاتو ما بستحمل ليه مُدرِّب مُشكلة أو عنده نقص في حتة. استمرار فلوران في فريق بهذه الجماهير الصعبة والإعلام الشرس أكبر دليل على نجاحه.
لا مجلس إدارة ولا إعلام ولا جمهور بقدر يقعِّد ليه مدرب في الهلال كل هذه الفترة لو لم يكن هذا المدرب ناجحاً ولديه إمكانيات. اللاعبون قبل غيرهم لو شعروا بضعف المدرب بطيحوا بيه ـ ما بقعدوا معاه قرابة ثلاثة مواسم.
إذا أطاح الهلال بالمدرب، عارفين نحن ح نعمل شنو؟ ح نفتِّش لينا عن مُشكلة أخرى.
نحن ما بنعرف نقعد بدون مشاكل ـ عشان كدا خلُّونا نعرف كيف نتعامل مع المشاكل ـ كيف نروِّضها وننجح في ظلها.. ما مفروض أي عقبة أو مُشكلة تواجهنا نُطالب بالإطاحة والإقالة ـ نحن لسه بنقول يا فتاح.. الحلول الجذرية دي نحن بدري عليها.
نحن محتاجين نتعلّم الصبر ـ لو ما عرفنا نصبر على مشاكلنا ما بننجح.
لا تحلموا بعالم خالٍ من المشاكل.
الهلال وصل لنهائي 1987 بدون مُدرِّب، كمال شداد لم يكن مُدرِّباً مُحترفاً بصورة كاملة.
في عام 1992 وصل الهلال للنهائي بـ14 لاعباً فقط.
لا تحاول أن تُغيِّر ظروفك وطبعك ونفسك عشان تنجح.
النجاح الجميل هو النجاح الذي يحدث بما هو متاحٌ، وفي ظل الظروف التي تعيشها.
في النهاية أؤكِّـد على المُستوى الشخصي، لا يعنينا كثيراً أن يستمر فلوران أو يرحل ولا أحب أن استقل مساحتي لأثبت إني على صواب ـ قد أكون أنا الغلط والآخرون هم الصاح ـ هذا لا أقف عنده كثيراً، بقدر إنّني أفضِّل دائماً أن نسمع الرأي الآخر، وأن نُقدِّم وجهة نظر أخرى، خاصةً إذا كانت تذهب في اتجاه الاستقرار.
إذا قرر الهلال الإطاحة بفلوران أرجو أن يتم ذلك دون أن ننكر جميل الرجل أو نُقلِّل من نجاحاته ـ لا تجعلوا النهايات دائماً بذلك الإنكار والظلم!!
إذا بليتم فأطيحوا به بأدب.
الوداد أطاح بمُدرِّبه الجنوب أفريقي رولاني موكوينا، وهو مُدرِّبٌ يتمناه الكثير من الهلالاب ـ ما يقال عن رولاني موكوينا بعد الإطاحة من الوداد في المغرب، هو ما يقوله هنا الذين يريدون الإطاحة بفلوران والتعاقد مع رولاني موكوينا.
انشيلوتي قبل أن يغادر ريال مدريد أتمّ الاتفاق مع الاتحاد البرازيلي لقيادة منتخب البرازيل ـ في الريال يقولون عن انشيلوتي إنه شاخ، وإنه لم يعد لديه جديدٌ يقدمه، وفي البرازيل ينظرون له كحلم يتحقّق.
كولر بعد الإطاحة به من الأهلي واتّهامه بضعف الإمكانيات، ورميه بقوارير المياه قد يتعاقد معه الترجي وقد يقدِّمونه في احتفال ضخم باعتباره صاحب 11 بطولة في الأهلي الذي خرج منه مطروداً، تلاحقه اللعنات وقوارير المياه.
شوف نفس المدرب الذي يُطاح به ويُهاجم ويُرمى بالقوارير قد يحتفل ويبتهج به في مكان آخر.
وهذا أكبر دليل على أنّ تقييمات المدربين عند الإطاحة والتعاقد مبنية على الهوى والعاطفة.

متاريس
التسجيلات باقي ليها شهرين ـ خد وقتك يا العليقي بعدين ما تجينا تقول لينا ما لقينا لينا (مهاجم سوبر).
الهلال عاوز أطراف دفاعية.
وقلب دفاع.
وارتكاز.
ورأس حربة.
يعني خمسة لاعبين ـ دي صعبة دي؟!

ترس أخير: بنجيكم بالتفاصيل، أصبروا بس ـ ح تمشوا مننا وين يعني؟

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد