هلال وظلال
عبد المنعم هلال
قنعنا من القيادات الحالية
الأمل في الجيل القادم لقيادة السودان
ـ قنعنا من الوجوه التي ظلت تتكرر على شاشات الأخبار ومن الخطابات الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
ـ قنعنا من المتاجرين بالشعارات من الذين يتحدثون عن الوطن وهم أول من يبيعه عند أول مزايدة.
ـ قنعنا من القادة الذين لا يقودون إلا أنفسهم إلى كراسي الحكم، ويقودون البلاد إلى الهاوية.
منذ الاستقلال وحتى اليوم ظل السودان يدور في حلقة مفرغة من الصراعات والوعود الكاذبة والتجريب الفاشل من نظام عسكري (قمعي) إلى آخر مدني (جنا سبعة) مشوه ثم إلى تحالفات هشة ثم إلى انقلاب جديد والنتيجة واحدة وطن مستنزف، وثروات منهوبة، وشعب مسحوق.
ـ القيادات الحالية ـ مدنية كانت أو عسكرية ـ فشلت في بناء دولة المواطنة فشلت في الحفاظ على وحدة الوطن فشلت في إنقاذ الاقتصاد وفشلت في توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة بل الأدهى والأمر أن كثيراً منهم ساهموا في تأجيج الفتن ونشر خطاب الكراهية وخلق واقع تقسيمي لم يعرف له السودان مثيلاً.
لكننا رغم هذا الركام لا نطفئ شمعة الأمل فقد تعلمنا أن كل أمة تنهض بعد السقوط وكل شعب يبعث من تحت الرماد إذا وجدت الإرادة وهذه الإرادة موجودة في جيل جديد ولد من رحم المعاناة.
جيل لم ينتظر ترخيصاً من أحد كي يثور ولا منصة ليعبر ولا حزباً ليحميه جيل حمل روحه على كفه وواجه العسكر والرصاص والغاز المسيل للدموع بصوت واحد (تسقط بس) حرية سلام وعدالة.
جيل تجاوز الحواجز الجغرافية والقبلية والطائفية التي رسختها النخب القديمة وبنى جسوراً من الوعي والتضامن والوحدة.
جيل يؤمن بأن السودان يتسع للجميع وأن المواطنة لا تقاس بالدين أو القبيلة أو الجهة بل بالانتماء والإسهام.
ليس مطلوباً من هذا الجيل أن يكون مثالياً أو خالياً من العيوب ولكن يكفي أنه يحمل قلباً جديداً وطموحاً حقيقياً ورؤية تتجاوز المحاصصات والانتماءات الضيقة. هو جيل يمكنه أن يتعلم من أخطاء الماضي دون أن يرثها ويعيد رسم خارطة وطن جديد لا يبنى على الدم والدموع.
المطلوب منا نحن ممن سبق هذا الجيل ألا نثقل عليه بإرث الإحباط ولا نضع أمامه العراقيل بل أن ندعمه ونحمي حلمه وأن نعترف ـ بشجاعة ـ أن زمننا قد مضى وأن مستقبل السودان ليس لنا بل لهم.
فلنترك لهم الراية فهم الأجدر بحملها والأصدق في حمل هم هذا الوطن الجريح.
يا شباب السودان .. يا من سطرتم التاريخ بدمائكم وأحلامكم لا تنظروا إلى الوراء فالماضي يئن من الفشل والحاضر يختنق من الارتباك لكن المستقبل ينتظركم أن تصنعوه.
لا تيأسوا من وعورة الطريق ولا ترهقكم الإحباطات فكل أمة عظيمة مرت بمحطات كهذه لكن من نفضوا غبار الخيبة وقاموا من تحت الرماد هم وحدهم من سطروا أسماءهم في صفحات المجد.
لا تنتظروا قيادة تأتيكم من الخارج أو من بقايا الماضي أو قيادات داخلية تسعى للسلطة تحت شعارات دينية أنتم القيادة أنتم النور في هذا الظلام أنتم السودان الذي نحلم به خذوا المبادرة نظفوا الساحة ابدأوا من الحي ومن القرية ومن المدرسة ومن منصة صغيرة على الإنترنت .. لا تستهينوا بخطوة فكل نهر بدأ من قطرة.
كونوا القادة الذين تمنيناهم ولم نجدهم .. كونوا الوطن الذي حرمنا منه وكونوا أنتم التغيير الذي تستحقه هذه الأرض الطيبة.
قد يعجبك أيضا