صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

احترام الكلمة… لا انتهاكها

48

راي رياضي

إبراهيم عوض

احترام الكلمة… لا انتهاكها

 

في الأيام الماضية، تابعنا – نحن أهل الصحافة – بأسى واستغراب حادثة اعتقال الزميل ود الشريف من مدينة دنقلا، قبل أن يُرحّل إلى أم درمان دون أن يُمنح حتى فرصة الاتصال بأسرته أو جمع متعلقاته، في مشهد يُشبه التشفّي أكثر مما يشبه تطبيق القانون أو استرداد الحقوق.
لا أحد فوق القانون، هذه قاعدة لا جدال فيها. ومن حق أي شخص يرى نفسه متضررًا من نشر صحفي أن يسلك السبل القانونية لاسترداد حقوقه. لكن هذه السبل يجب أن تُحترم فيها إنسانية الصحفي، ويُراعى فيها موقعه كصاحب رأي وكلمة، لا كمجرم فارّ من العدالة.
لقد أعادتني هذه الحادثة إلى واقعة مشابهة مررت بها قبل أكثر من ثلاثين عامًا، حين تم القبض عليّ من “عمارة الضرائب” في الخرطوم، وتم ترحيلي إلى مدينة القضارف بسبب بلاغ تقدم به نادي الإصلاح ضد زميلنا ومراسلنا هناك توفيق بشير. وكوني كنت في ذلك الوقت رئيس تحرير صحيفة “الهدف”، وجدت نفسي طرفًا في البلاغ.
لكن المفارقة أن الأمر لم يحتاج أكثر من لحظة وعي من أهل الرياضة هناك، الذين تجمّعوا في نادي الإصلاح، وتحاوروا وتفاهموا معنا، وانتهى الأمر بالصلح وشُطب البلاغ.
وهذا ما حدث أيضًا – ولله الحمد – في قضية الزميل ود الشريف، حيث تدخّلت شخصيات رياضية معتبرة، وتوصلت إلى تسوية أنهت البلاغ، بعد أن أبدى المدرب كفاح صالح روحًا طيبة وتنازل عن دعواه. ونشكره على هذه اللفتة، التي نرجو أن تسود بين مكونات الوسط الرياضي.
لكن، ومن دون تجاهل هذه النهايات الطيبة، لابد من القول بوضوح:
ما حدث في طريقة تنفيذ أمر القبض على الزميل ود الشريف، أمر مرفوض تمامًا.
نقولها بصراحة: إن التعامل مع الصحفيين عند تنفيذ أوامر القبض لا يجب أن يتم بالطريقة التي يُعامل بها اللصوص أو المجرمون، مهما كانت التهم. فالصحفي في النهاية صاحب رأي، وإن أخطأ، فالمحاكم والجهات المختصة كفيلة بإنصاف المتضررين ومعاقبة المخطئين دون إهانة أو تشهير أو انتهاك للكرامة.
قانون الصحافة والمطبوعات لعام 1994 واضح وصريح، وهو يمنح الصحفي الحق في إطلاق سراحه بالضمان الشخصي، شريطة الالتزام بالحضور أمام أي جهة تحقيق أو محكمة يُطلب فيها.
وفي ذات الوقت، فإننا نهيب بزملائنا الصحفيين أن يتحلّوا بالدقة والمسؤولية فيما يكتبونه، وأن يُراعوا أخلاقيات المهنة وعلاقاتهم مع أبناء الوسط الرياضي، حرصًا على الاستمرار في بيئة مهنية تقوم على الاحترام المتبادل لا الخصومة والتشهير.
الصحافة تبقى ضمير المجتمع وصوت من لا صوت له… لكنها لا تُمارس فوق القانون، كما أنه لا يجب أن يُستخدم القانون لإذلال من يمارسها.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد