العمود الحر
بقلم: عبدالعزيز المازري
“انتخابات أم تمكين؟!
الرياضة في السودان لا تمرض… بل تُغتال!
وإذا أردت أن تبحث عن القاتل، فابحث عن انتخابات الاتحاد العام لكرة القدم، التي تحولت من آلية تصحيح إلى مسرح عبثي تُدار فيه لعبة التمكين لا الكرة!
نفس الوجوه، نفس الأساليب، نفس التنظيمات… منذ عقود!
أستاذ سلّم الجمل بما حمل، وتلميذ استلم العهدة على ذات الخطى: شلل، تكتلات، تهديدات، وتحالفات لا هدف لها إلا البقاء، لا الإصلاح.
والمؤسف أن المشهد لا يتكرر في مقر الاتحاد العام فقط، بل ينسخ نفسه في كل اتحاد محلي، وكل لجنة تدريب أو تحكيم أو منافسات.
النسخة واحدة: محصنة ضد التغيير، مقاومة لأي أفكار جديدة، وحصينة بشبكة “ولاءات” تسيطر على الجمعية العمومية كأنها عُزبة خاصة!
**فمن يحق له التصويت؟**
من يقرر مستقبل كرة القدم في السودان؟
هم في الغالب اتحادات مناطق… لا تمثل حتى فرق الدوري الممتاز، ولا تملك وجودًا حقيقيًا في الساحة الفنية أو الجماهيرية.
معظمها يقاد بولاء شخصي، لا برؤية كروية.
كيف يمكن أن ينتج هذا المشهد رياضة؟ أو منتخبًا؟ أو دوريًا محترمًا؟
ثم جاء العبث الأخير: **تعديل موعد الانتخابات**!
خطوة محسوبة بإتقان لاستبعاد اتحادات معارضة، وشخصيات غير مرغوب فيها داخل “التركيبة المقدسة”، بلا مراعاة لظروف البلاد، ولا للأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية.
والأدهى من كل ما سبق، أنه **لا يوجد في النظام الأساسي لاتحاد كرة القدم السوداني ما يمنع الشخص من العودة مرةً بعد مرة، أو الاستمرار لأكثر من دورتين**!
بمعنى أوضح: يمكن لأي رئيس أو عضو أن يتحول إلى “مُقيم دائم” في الاتحاد… حتى لو قضى أكثر من عشرين سنة وهو يعيد إنتاج نفس الفشل.
فهل هذه مؤسسة تُدار بالعقل؟
في أمريكا – وهي تدير دولة لا اتحاد كرة – يُمنع الرئيس من الحكم أكثر من دورتين، لأن تداول القيادة جزء من الحياة الديمقراطية.
أما نحن؟
ففي كل انتخابات… نفس الوجوه، نفس الأسماء، نفس الخطاب، ونفس النتيجة:
“رياضة تعيش تحت كنف الرجل الواحد… والكرسي الواحد!”
أليست الأندية الكبرى أولى بأن يكون لها صوت أقوى؟
أليست هي التي تدفع الثمن وتتحمل الهزائم وتقاتل في القارة؟
أين رابطة الأندية المحترفة؟
أين الكلمة الحقيقية لأهل الشأن؟
لماذا نترك كرة القدم تُقاد من قرى نائية لا تملك حتى ملعبًا قانونيًا، بينما يُقصى المؤثرون من أهل اللعبة؟
ما يحدث في الاتحاد العام ليس انتخابات… بل صفقة تمكين تتجدد كل دورة.
ولذلك لا نتقدّم.
ولذلك ندور في نفس الحلقة:
دورات انتخابية تُعيد نفس الأشخاص،
بنفس الشعارات،
بنفس الفشل!
إذا أردنا التغيير، فليكن جذريًا:
تغيير التركيبة المتحكمة في الجمعية العمومية،
توسيع قاعدة التصويت لتشمل الأندية الفاعلة،
وخلق رابطة أندية محترفة تملك الكلمة، وتفرض الشفافية، وتدفع نحو الاحتراف الحقيقي.
كرة القدم في السودان لن تنهض باتحاد مفرغ من الكفاءة، ممتلئ بالمجاملات.
ولن تنهض بانتخابات تُدار مثل لعبة الكراسي الموسيقية… من نفس اللاعبين… لنفس النتيجة!
*كلمات حرة:*
. كرة القدم لا تحتاج إلى “التمكين”، بل إلى التمكين الفني والإداري والاحترافي الحقيقي.
. الجمعية العمومية بصورتها الحالية، تشبه مجلس شورى قبلي… لا صلة له برياضة القرن الحادي والعشرين.
. من العبث أن تكون اتحادات لا تملك حتى دوريًا منتظمًا، هي من تصوت على رئيس اتحاد يدير منتخبًا يمثل قارة!
. الحل يبدأ من اعتراف صريح: بأن ما يحدث ليس انتخابات… بل هو تدوير مراكز قوى!
**كلمة حرة أخيرة:**
إذا كانت كل دورة انتخابية تعني عودة نفس الشلة،
فخلّونا نختصر الزمن،
ونعمل تمثال من خشب… ونكتب تحته:
*”هنا يُمارس الفشل، بديمومة انتخابية!”*