صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

من يبتلع الهلال… الظل أم أحبابه؟

18

العمود الحر
عبدالعزيز المازري

من يبتلع الهلال… الظل أم أحبابه؟

من المحزن أننا، مع كل موسم جديد، نعود إلى المربع الأول، وكأن “ذاكرة الهلال” تُمسح مع كل شمس تشرق على استاد الجوهرة، ويبدأ المشهد من جديد بنفس العثرات: غموض، غياب شفافية، تصرفات فردية، وتسجيلات بلا ملامح!
نطالع اليوم خبرًا عن تعاقد الهلال مع مهاجم نيجيري شاب مغمور، لا يعرفه أحد سوى وكيله وربما مضيف الطيران الذي أوصله إلى هنا! والأدهى أن هذا الخبر لا يصدر من منصة رسمية، بل من اجتهادات صحفية ومصادر خارجية، أبرزها موقع الزميل خالد عزالدين، الذي تحوّل إلى “وزارة إعلام الهلال” غير المعلنة، في غياب مريب للجنة الإعلامية، والموقع الرسمي، وكل ما يمكن أن نسميه مؤسسية.
فأين المجلس؟ أين القطاع الرياضي؟ من الذي اختار هذا اللاعب؟ وهل تم التشاور مع المدرب الجديد؟ بالمناسبة، هل أعلنتم أصلًا عن اسم المدرب؟!
هل يُعقل أن نبدأ موسمًا جديدًا دون مدرب معلن، ونقرأ عن صفقات مدروسة وميركاتو منتظر، بينما “الطاقم الفني” لا يزال في رحم الغيب؟ إن كانت هذه اختيارات فلوران قبل الرحيل، فهذه سقطة جديدة تؤكد أننا لا نخطط، بل نُدار من خلف الكواليس، وكأن الهلال مسرح ظلٍّ لا يعرف الضوء.
المشهد يتكرر… والوجوه تتبدل، لكن العبث باقٍ. رأينا سابقًا كيف تحوّل القطاع الرياضي إلى حديقة خلفية للعليقي، واليوم نشهد تكرار المشهد في الجانب الإعلامي، حيث صعد صوت رامي كمال كالمتحدث الأوحد باسم المجلس، والمطالب الدائم بجوائز الكاف، والمُسوّق العلني لمواقف لا تصدر بقرار، بل بهوى شخصي.
غياب بقية أعضاء المجلس يثير الريبة، والأمين العام بروف حسن علي عيسى غاب تمامًا، منذ أزمة ترشحه وسحب اسمه، مرورًا بملف النظام الأساسي، وانتهاءً بقضية الروابط الخارجية، التي بدل أن تكون عامل توحيد، تحوّلت إلى مصدر انقسام، وأسئلة بلا إجابات: أين أموال الروابط؟ كم دخل الهلال من هذه الروابط؟ ولماذا لا تُدرج في ميزانية واضحة معلنة؟
الإعلام القريب من المجلس يتحدث عن “ميركاتو ناري”، وصفقات تاريخية، بينما الواقع يقول إننا نسمع عن عرض سيمبا لضم “دياو” من صحيفة موريتانية! وعن ظهور جان كلود في مباراة خيرية من موقع بوروندي! أما الموقع الرسمي، فقابع في إجازة دائمة، والمجلس لا علاقة له بأي معلومة تخص النادي!
أما القرارات الفنية، فحدّث ولا حرج. مدرب يُرشّح، ثم يُلغى، لأن “المهندس” رأى غير ذلك، رغم اتفاق الرئيس معه! ملفات تُدار في الهواء الطلق، بعيدًا عن أي حضور فني أو لجنة مختصة. قرارات تُمرّر عبر مواقع محسوبة، وتُفرض كأمر واقع دون استشارة أو مساءلة، وكأن الهلال نادٍ بلا جماهير، ولا أصحاب قرار!
وما يثير الغضب أكثر، أن ملف الإحلال والإبدال بكل تعقيداته وخطورته تُرك بين يدي هشام السوباط ونائبه إبراهيم العليقي، دون لجنة فنية واضحة المعالم، ولا وجود لأصحاب التخصص أو الرأي الفني المستقل. فهل يُعقل أن يُدار مستقبل الفريق بهذا الشكل المرتجل؟ هل يُعقل أن نترك مصير الهلال، بكل تاريخه وجماهيره وأحلامه، لقرار مزدوج لا تُعرف آلياته، ولا تُعلن أسبابه، ولا يتحمل نتائجه أحد؟ أين المحاسبة؟ أين الشفافية؟ وأين دور المجلس ككيان جماعي، لا كفردين يقرّران بالنيابة عن أمة زرقاء كاملة؟!
هذا الهلال لا يُشبهنا، ولا يُشبه تاريخه. هذا الهلال ليس مؤسسيًا، ولا شفافًا، ولا محترفًا. بل هو نادٍ يُدار كـ”استوديو قرار” تتحكم فيه الأضواء الانتقائية، بينما تُقصى الأصوات الحقيقية، وتُغتال الشفافية تحت راية التصفيق الإعلامي.
**كلمة حرة أخيرة:**
لو كانت التسجيلات بيد المدرب الجديد… ورونا اسم المدرب أول!
أما لو كانت “بوصية من فلوران الفات”… فاستعدوا لموسم جديد من “التمريرات للخلف”!
والصحف التي تصرخ بالأمنيات، وتزغرد بالميركاتو، لا تصنع فريقًا… والصفقات لا تكفي ما لم تُبنى على قرار فني رشيد… أما المجالس التي تتحول فيها المنابر إلى أبواق، وتصمت فيها الأصوات الصادقة، فهي لا تمثل جماهير الهلال، بل تُقصيهم، وتدير الشأن الأزرق بعقلية “الظل الطويل” الذي يبتلع كل ضوء.
ولو قُدر لهذا المجلس أن يستمر على هذا النحو، فلن يحتاج الهلال إلى خصوم خارجيين… فالحكاية بدأت تُكتب بأيدي “أحبابه”، لا أعدائه!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد