صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

مشروع الاستثمار… وجيش الاحتراف الكاذب!

46

العمود الحر
عبدالعزيز المازري
مشروع الاستثمار… وجيش الاحتراف الكاذب!

ثلاثة أعوام مضت، خُدعت فيها جماهير الهلال تحت لافتة “مشروع السمراء”، فيما الحقيقة تقول إننا فقدنا السمراء، وضيعنا الهوية، وتحوّل الهلال إلى حقل تجارب لمواهب الأكاديميات وأوراق الوكلاء!
فحين فاز الهلال بثلاثية على الأهلي القاهري، لم يكن في صفوفه سوى ربع هذا العدد من الأجانب. وحين انهزم أمام الأهلي في السنوات الأخيرة، وتكرر خروجه على يده، كان ذلك بيد “المشروع” نفسه، تحت إدارة فلوران وبقيادة العليقي، وسط تكديس الأسماء، وتغييب الهوية، وتجميل الفشل بسرديات الاستثمار.
**ولم تكن الهزيمة أمام الأهلي سوى واحدة من كوارث المشروع، فقد خسر الفريق أيضًا برباعية موجعة أمام مازيمبي الكنغولي، في فضيحة كروية ابتلعناها يومها لأن الهلال كان في خضم المنافسة… فمرّت دون صراخ!**
وفي كل مرة كان الهلال يُقصى ويُهان، تُغلف الهزيمة بعبارات الشكر، وتُمنح فلوران شهادات الامتياز، وكأن الفريق أحرز اللقب لا أنه غادر باكرًا، وكأننا نُكرّم الفشل ليبقى، لا لنُصحّح خطيئة عمرها ثلاث سنوات!
**وهنا نسأل بوضوح: هل كان فلوران يعمل مجانًا؟
ألم يحضر إلى بورتسودان خصيصًا لاستلام مستحقاته المالية؟
أم أنه تركها احترامًا لأخلاقه… وتقديرًا لظروف الحرب؟
هذا تضليل مفضوح… فالرجل أخذ حقه كاملاً، ورحل بلا إنجاز، وترك وراءه فريقًا محطمًا!**
أما خالد بخيت، فقد كان مساعدًا لفلوران، وحين سقط المشروع، منحه المجلس الثقة لقيادة الفريق في بطولة النخبة السودانية. وهو ابن من أبناء الهلال، يعرف الدروب، ويشعر بالحرقة، ويتحمّل مسؤولية لم يصنعها، لكنه قَبِل بها، مدفوعًا بانتمائه لا بمصالحه، وورث فريقًا منهارًا نفسيًا ومعنويًا، وسط إدارة مرتبكة، وفكر رياضي متكلس، ورئيس قطاع رياضي يظن أن الهلال يُدار من كراسته الخاصة.
بطولة النخبة لم تكن لتنجو من هذا التخبط، لكنها على الأقل أعادت فتح ملف غياب المجلس الإداري، وجاءت الاستجابة سريعًا، فعاد عوض طارة وانضم للبعثة بعد أن كتبنا بالأمس صراحة أن الهلال بلا مجلس. ورافقه أمين المال، وبدأ التحرك بزيارة رموز الهلال والتواجد مع الفريق بعد أول انتصار. خطوة محمودة، لكنها متأخرة، والأهم أن لا تكون موسمية كالعادة!
فبطولة النخبة ليست مجرد مسابقة، بل “بطولة الهلال”، لأن الخصم الأكبر فيها هو الاتحاد نفسه، الذي فصلها وخاطها على أندية بعينها، وزيّنها بالمحاباة، وها نحن نرى منذ البداية تحكيمًا هزيلًا وهدفًا مشكوكًا في صحته أمام أهلي مدني، الفريق الذي صرّح مدربه ومحبوه صراحة أنهم لا يخشون شيئًا سوى “التحكيم”… وها هي البوادر تبرهن على صدقهم!
أما الهلال، فالمجلس لم يقدر حتى اللحظة على اختيار مدرب جديد. رئيس القطاع يُصر على فرض رؤيته، كأن الهلال ملكٌ شخصي له، بعد أن ترك له الحبل على الغارب ثلاث سنوات كاملة، لم يجنِ الهلال فيها إلا التراجع والعجز الفني، وكأننا ندور في نفس الدائرة التي دار فيها المجلس السابق، ولكن بألوان لامعة وسرديات مضللة.
والأدهى، أن الفريق محاط بجيش جرار من المحترفين الأجانب، لا يصنعون الفارق، بل يستنزفون الموارد، ويعيشون الآن في فترة “راحة نفسية”، خوفًا من فسخ العقود! أي منطق هذا؟ اللاعبون يتمسكون بعقودهم في الإجازة، ويُهدد بعضهم بالشكوى، وكأن الهلال أصبح في موضع ضعف، لا قوة.
يُقال إن الظروف الأمنية تمنع الإعداد!
فلماذا إذًا يُبرم المجلس عشرات التعاقدات الجديدة؟
هل هذه استثمارات أم قنابل موقوتة سيورّثها المجلس القادم؟
المطلوب اليوم ليس أسماءً جديدة ولا صفقات جديدة، بل **عقلية جديدة** تُدير الهلال، تبدأ من تغيير رأس القطاع الرياضي، لأنه إن بقي، فلن يتغير شيء. سيذهب فلوران ويأتي غيره، وسيُعاد تدوير الفشل بذات الفكر، وستُعاد نفس الوجوه بنفس الشعارات.
الهلال اليوم لا يحتاج عشرين أجنبيًا، بل خمسة أو ستة لاعبين أجانب مؤثرين حقًا، يضيفون، لا يتكدّسون.
الهلال يحتاج إلى دعم ركائزه الوطنية، إلى إعادة أبنائه المُعارين، إلى فريق يُعبّر عن هوية النادي وتاريخه، لا عن خطط سماسرة ووعود باهتة.
ونُذكّر المجلس: في حال أي إخفاق، لن يُحاسب خالد بخيت، ولن تُحمّل الجماهير اللاعبين، بل أنتم، أصحاب هذا المشروع، وأنتم من ترفضون تصحيحه خوفًا من الحقيقة والمواجهة.
الهلال أكبر من فرد، وأكبر من فكر فردي، وأكبر من مشروع استثماري بلا هوية.
**كلمات حرة**:
* من يُكرّم الفشل… يُعيد إنتاجه!
* الشجاعة لا تعني كتابة “شكراً”، بل الاعتراف بالخطأ وتصحيحه.
* من ينتظر نجاح مشروع بلا هوية وطنية، كمن يزرع في الرمل.
* الهلال يحتاج عقلًا شجاعًا، لا منديلًا لتجفيف الدموع!
* إن لم يُصحح هذا المسار، سيكتب التاريخ: “هُدم الهلال… من داخل الهلال!”
ومن قال إننا سننتظر موسمًا آخر لنكتشف أن البوفيه لا يزال نفسه… فقط تغيّرت الملاعق!
**كلمة حرة أخيرة**:
في الهلال، أصبح الفشل يُزيَّن بالألقاب، والرحيل يُختم بشهادات امتنان، والمصيبة… أن البعض يُجهز قصائد المدح لمن أطاحوا بفريق بأكمله!
*فقط ننتظر أن يُسمّى الموسم القادم: “بطولة الشكر والتقدير!”*

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد